قد يظنُّ قارئ للعنوان انني ساتحدّث عن وزراء في دولة تسود فيها الديموقراطيّة والعدل والمساواة او عن وزراء في دولنا العربية دخلوا الوزارة وهم معدومي الحال وبقوا فيها كالاغبياء على نفس الحال ولكنني هنا اتحدّث غن جميع وزرائنا العرب إلّا من رحم ربّي وانا لا اخوض في شأن مالهم
فهناك قانون الكسب غير المشروع وجداول من اين لك هذا الذي يُقدّم للحكومات في بعض الدول وتعرفه سلطاتها الثلاث ولكنّه لن يُحاكم عليه احد إلاّ اذا قصد بعض الوزراء اغتيال شخصيّات بعضهم بتقديم بيانات سريّة بزملائهم عن بعض التجاوزات والتي لا تُشكّل من الجمل أذنه ولكنّها تصلح للتشهير ولصحافة تسويق الفضائح .
ولكنّني هنا اتحدّث عن ثيئ اسمى من المال وهو المحبّة التي يُقابلها التملّق وعن الشموخ الذي يُقابله المذلّة وعن الايثار الذي يُقابله الانانيّة وعن المصداقيّة التي تُقابلها الكذب والتحريف .
فكم من وزرائنا الحاليين والسابقين كانوا طلابا مراهقين في المدارس وتلعب في عقولهم الشعارات الدينيّة والأيدولوجيّة ومصطلحات الغيبيّة والثوريّة وتتضارب فيها كلمات الطبقية والديماغوجيّة وكلّها بدت كالظلال في تلك العقول حتى انتقلنا الى المرحلة الجامعيّة التي تتبلور فيها كل تلك الظلالات الى تنظيمات وارتباطات مادّية لبعض الطلاب الذين صدّقوا تلك الخزعبلات ايام المدرسة او بعض الطلبة الذين هم بحاجة للمال ليكملوا دراستهم او للبعض ممن ارتبط بزمالة لها ارتباطات مسبقة مع احد الجهات او بعض البسيطين في حياتهم وتربيتهم الاسريّة ويبحثون عن شيئ يعبئون فيه فراغهم الفكري وغرورهم التفكيري اما البعض الباقي فهم من كان همّهم التفوّق الدراسي او رضاء والديهم بالرجوع بالشهادة الجامعيّة وهؤلاء في الغالب هم من لم ولن تنصفهم الحياة سابقا او لاحقا .....
وكثير من الوزراء من لعبها صح حسب اعتباراته اي كان في الظاهر منتمي لاحد الجهات التي لها قبول من الكثير من اقرانه وزملاءه في الجامعة فيكون كسب ودّهم وكبر في ناظرهم وبينما في الخفاء يكون مرتبطا مع مخابرات بلاده او احد الاحزاب الكبيرة فيها دون ان يعلم زملائه عنه شيئا فنراه بعد زمن طويل او قصير يكون قد انهى دراسته او استغنى عنها وعاد الى بلده ليتدرّج في المناصب مكافئة له على ما قدّمه حتّى يجلس على الكرسي الذي كان بين ناظريه على الدوام وذلك شائع في معظم الدول العربية على اختلاف درجة قوميّتها .
وهؤلاء الشباب المتحمس الذي يلعب على اكثر من حبل عدة اصناف فقد يكون محروما في صغره من رؤية اي من اصدقاء والده من عليّة القوم او يكون والده منوفي من صغره وهو يتمنّى ان يرى احدا من هؤلاء او شباب يكونون مسنودي الظهر لمكانة الوالد او احدا من عظام الرقبة منهم او ان بعض الشباب يكون متحمسا للمغامرة ولا يخاف المخاطرة وهناك شباب فقط يحبون الحصول على المال باي شكل من التجارة او السياحة او السياسة وبالطبع هناك رغبات متعدّدة واهداف اخرى يسعى لها البعض .
وعندما يعود هؤلاء الشباب الى بلدانهم يبدأون بتخطيط او عن طريق المصادفات بتوسيع دائرة معارفهم واستغلال المعارف الجدد للعون في تحقيق اهداف الشاب التي يقصدها وقد يُدخل العلاقات والنشاطات الاجتماعية في ذلك والتي تكون احيانا على حساب الواجبات العائلية المترتبة عليه وتبدأ نواياه بالوصول لمراده تتكشّف لدى زملاء الدراسة ومعارفه واقاربه خاصة إذا كان سلبيا معهم وهكذا كلما علا منصبه كلما فقد المزيد من مريدوه او محبّوه او اقاربه وغيرهم حتى اذا وصل لما يريد وجلس على كرسي الوزارة يكون قد فقد الجميع وبقي وحيدا في طبقة مشابهة له في المصلحة والتوجّه ويكون من اشدّ الناس فقرا فلا هو صدق مع الله ولا مع زملائه ولا مع اقاربه ولا مع اصدقائه فماذا سيعمل له المال الذي جمعه او الشلّة التي انضوى تحتها وعندما يصفوا لنفسه بلا غرور سيجد نفسه يتيما وفقيرا وعندما يخرج من الوظيفة يكون منبوذا من قلوبهم وإن نافقوا له.....
وفي مثل هذه الظروف الصعبة ينصبّ جام غضب الناس على الوزراء ويدعون عليهم كثيرا إلاّ من يستطيع الابتعاد عن الاضواء ويكتفي بدعاء الناس عليه الله لا يجيبه ان المقصود في هذا المقال هم وزرائنا العرب في كافة بلدان العرب وطبعا يوجد منهم الوزراء الاشراف الذين يغارون على بلدهم وشعبهم ومنهم من يترك عمله والغنى لم يطرق بابه فهؤلاء ودّهم محفوظ وعملهم مشكور وهم ليسوا فقراء بل لتواضعهم وخدمتهم للمواطنين إزدادوا حبّا واصدقاء وعزوة كما ان هناك وزراء تم تعيينهم ولم يمرّوا بنقس السيناريو الذي سبق ذكره وانما عينوا بحكم قرابة او نسب او صدفة او ظرف معين فكل له سببه .
وتلك خواطر ليس من باب الحسد فالربيع العربي جعل وظيفة رئيس الحكومة او الوزير وظيفة مليئه بالقهر ووجع الراس وشتائم الناس وتخوينهم لكل ذي موقع متقدّم من باب المد الشعبي للحراكات التي تطالب بالعيش الكريم والحريّة .
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)صدق الله العظيم