منذ ان بدأ ربيع امريكا في الوطن العربي قبل حوالي العامين ، وبالتحديد منذ ان بدأ مخططها التامري ضدالشقيقة سوريا ، في منتصف اذار قبل الماضي ، ونحن على يقين ان الاردن سيكون على قائمة ضحايا التامر ، بعد ان هيأت قوى الفساد ، وبرعاية امريكية صهيونية ، والتي استباحت الاردن منذ بداية العقد الماضي ، هيأت الاجواء لربيع امريكا القادم في الاردن ، خدمة لاسرائيل والصهيونية وعملائهما ، الذين استهدفوا الاردن على الدوام .
لقد كان الصمود الاردني الذي افشل مخططاتهم دوما ، هو بفضل تلاحم الاردنيين مع قيادتهم ، مما جعل الاردن عصيا على الاختراق ، الى ان جاءت قوى الفساد ، بلبوس الليبرالية ، لتعيث في الاردن فسادا ، نتج عنها اكبر مديونية في تاريخ الاردن ، ما زالت في تعاظم مستمر ، وانتجت اكبر عجز في الميزان التجاري ، بعد ان اوهمت الشعب الاردني ، ان الخصخصة وبيع القطاع العام ، سوف يدر على الاردن انهار اللبن والعسل ، فكان ان زاد الشقاء للمواطن الاردني ، بزيادة الغلاء في كل المجالات ، واصبح الطفل الاردني ، يولد وهو مديون بالاف الدنانير ، في الوقت الذي نرى فيه رموز الفساد ، وصانعي ماساة الاردن الاقتصادية ، يسرحون ويمرحون بالمليارات والملايين ، دون ان تطالهم يد القضاء ، بعد ان احكموا نهب وطننا ، وحاولوا خلخلة تلاحم الاردن بمعول الفساد ، بعد ان كان عصيا على تامرهم .
ولاننا نعرف ان امريكا والصهيونية ، تجيد التخطيط لمؤامراتها ، فقد ادركنا ان ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي ، ما هو في حقيقته الا ربيعا امريكيا صهيونيا ، يهدف الى تمزيق الاقطار العربية ، من خلال دس السم في الدسم ، واللعب على اوتار عاطفة المواطن العربي ، الذي عاش حلم الحرية والديمقراطية ، ونحن على يقين ، ان الاحداث التي جرت في عدد من الدول العربية ، لم تكن عفوية ، بل مخطط لها منذ اكثرمن عقد من الزمن ، واستطيع ان اتكهن ، ان التخطيط بدأ مع نشوء فضائية الجزيرة عام 1996 على الاقل ، التي لعبت على نفس الوتر العاطفي للمواطن العربي ، ودست له السم في دسم اعلامها ، الذي بدا في ذاك الوقت ، ثورة في الاعلام العربي ، ادعى احترام الراي والراي الاخر ، الى ان كشفت الجزيرة عن انيابها ، واتضحت صهيونيتها ، فكانت منبر الطائفية الذي ينفث سما زعافا ، ومنبر التطبيع ، ومنبر الشقاق بين العرب ، ومنبر ادوات التامر الامريكي الصهيوني ، الاخوان المسلمين .
منذ ان بدات المؤامرة ضد سوريا قبل عشرين شهرا ، ادرك العارفون بدسائس الاعداء ، ان الدور القادم على الاردن ، بعد ان تنجح المؤامرة في سوريا ، وكان ان شهدنا هذا التحول الفجائي ، في موقف الاخوان المسلمين ضد سوريا ، بعد ان كانت دمشق قبلتهم ، وماوى حماسهم ، حين عز لها الماوى ، كما شهدنا تحولات موقفهم السياسي من امريكا ، وتحالفهم معها ، وهي التي كانت في ادبياتهم راس الافعى ، ثم جاء محمد مرسي في مصر ، لتصبح اتفاقية كامب ديفيد ، صلح الحديبية الدائم ، والاقتراض الحرام من البنك الدولي اصبح حلالا ، وعادت حماس الى حضن الاخوان ، وتخلت عن الكفاح المسلح ، وشعارات التحرير ، وباعت قضة فلسطين بمليارات الدولارات ، ووعد بلفور الجديد لها باستلام الحكم في الضفة وغزة ، كما هو وعد بلفورالجديد لاخوان الاردن ، وجميع "الاخوانات" في الاقطار العربية التي لم يصعدوا فيها للحكم .
لقد حاول الاخوان المسلمون في الاردن ، استنساخ تجربة ميدان التحرير في القاهرة ، الذي لايمكن لعاقل ان يتصور ، ان المظاهرات فيه ، يمكن ان تسقط رئيس جمهورية ، حاولوا استنساخها في الاردن في دوار جمال عبد الناصر "دوار الداخلية" عام 2011 ، من خلال الاندساس في ما سمي مجموعة 24 اذار ، وان يستدرجوا الى الحراك الى حالة سفك الدماء ، فهتافات اسقاط النظام ، كانوا سيسعون لها فعلا ، لو وجدوا تجاوبا شعبيا معهم ، لكن الشعب كشف حقيقتهم ، وادركوا استحالة استنساخ التجربة المصرية في الاردن ، فلم يبقى امامهم الا المشاغبة على مسيرة الاردن الديمقراطية ، من خلال الضغط لايجاد قانون انتخابات على مقاسهم ، يؤمن لهم الاغلبية النيابية ، يشكلون من خلالها حكومتهم ، التي ستشكل اردنا جديدا على مقاسهم ايضا ، بعد ان فشلوا سابقا ، في جعل مطلب الملكية الدستورية مطلبا شعبيا .
وقد جاءهم المدد من اخوان مصر ، فاوقفوا شحنات الغاز الى الاردن ، اما تفجيرا او بقرار سياسي ، وتسببوا بخسارة مليارات الدولارات للاردن ، وجاءهم المدد ايضا من عربان الخليج ، بربط مساعدة الاردن في ازمته الاقتصادية الخانقة ، بالسير في ركاب تامرهم على سوريا ، وهو ما لم يتحقق لهم ، مما ادى بنا الى تلك القرارات الصعبة برفع الدعم عن المشتقات النفطية ، ومما سيزيد من ضنك العيش للمواطن الاردني ، المعبأ نفسيا والحاقد على قوى الفساد ، حلفاء الاخوان ، الذين اوصلوا اقتصاد البلد الى حافة الانهيار .
لقد كان رفع الاسعار فرصة الاخوان الذهبية للانقضاض على الاردن ، وافشال الانتخابات النيابية القادمة ، والسعي الى قانون انتخاب جديد ، يؤمن لهم السيطرة على الاردن ، ليسير وفق ما يشاؤون هم وسادتهم ، في واشنطن وتل ابيب ، بعد صمتوا صمت القبور عن نقد اتفاقية وادي عربة ، والاقتراض من البنك الدولي ، كما فعل قدوتهم محمد مرسي ، الذي تغزل بشمعون بيريز ، في رسالة لم يجرؤ السادات ان يكتب مثلها .
اننا نحذر شعبنا الاردني الابي ، من مخططات الاخوان المشبوهة ومن يقف ورائهم ، لتدمير الاردن ، كي يحكمه الاخوان ، حتى ان اصبح اطلالا ، انه وعد امريكا والصهيونية لهم ، فاحذروا يا ابناء الاردن الانجرار للتخريب واثارة الفتن ، فالاردن وطنكم ، وليس مزرعة لامريكا وغيرها ، كي يسلموها لمن يشاؤون ، انه اردن الاردنيين ، القوميين حتى النخاع ، والوطنيون حتى العظم ، فاحموا بلدكم من اعداء الداخل .
مالك نصراوين
[email protected]
14/11/2012