آخر الأخبار
  وزير الدفاع الإيطالي: سنضطر لاعتقال نتنياهو إذا وصل إلى إيطاليا تنفيذًا لمذكرة الجنائية الدولية   هل تتضمن موازنة 2025 رفعاً للضرائب؟ الوزير المومني يجيب ويوضح ..   البنك الأردني الكويتي يبارك لـ مصرف بغداد بعد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق   الإدارة المحلية: 75% من موازنة البلديات رواتب للموظفين   توجيه صادر عن وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس ماهر ابو السمن   تعليق رسمي أردني على مذكرة اعتقال نتنياهو   تركيب 170 طرفا صناعيا عبر مبادرة (استعادة الأمل) الأردنية في غزة   الصفدي: تطهير عرقي لتهجير سكان غزة   هل ستلتزم دول الاتحاد الأوروبي بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ جوزيف بوريل يجيب ..   الملك يؤكد وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء اللبنانيين   هام لطلبة الصف الـ11 وذويهم في الاردن .. تفاصيل   السفير البطاينة يقدم أوراقه لحلف الناتو   100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة   القضاة يؤكد دعم الأردن لفلسطين اقتصادياً   العرموطي يوجه سؤالا نيابيا للحكومة بشأن السيارات الكهربائية   بدء تنفيذ سحب مياه سد كفرنجة وتحليتها بـ 14 مليون دينار   لجنة أممية تعتمد قرارات بشأن الاستيطان والأونروا والجولان   قائد قوات الدعم الجوي الياباني يشيد بدور الأردن في تحقيق الاستقرار   لأول مرة .. 51 الف طالب وافد في مؤسسات التعليم العالي الأردنية   الأمن العام ينفذ تمريناً تعبويًا لتعزيز الاستجابة للطوارئ

الدهاء الشامي !

{clean_title}


لا فرق بين الدهاء أو الحصرم الشامي فكلاهما تعبيران يقودان إلى ذات الهدف والغاية ، والمقصود هنا أن الوصول إلى تذوق الحصرم غالبا ما يكون صعب المنال ، ولذلك قالوا عن الذي يفشل ولا يستطيع أن يصل لقطف دالية العنب بأنه يكتفي بتوجيه الإتهام له بالقول بأنه حصرم وحامض ولا يؤكل ، هذا إذا ما كان الأمر يتعلق بالعنب ، فكيف يا ترى ستكون عليه الأحوال إذا ما كان الحديث منصباً على الدهاء ، وعلى إمتلاك الميزات والسمات والصفات الكامنة داخل المعنى التفصيلي لهذه الصفة ؟!

كل المهتمين والمتابعين لمستجدات الأوضاع المأزومة في القطر العربي السوري الشقيق يعيشون في حيرة ما بعدها حيرة ، فالظروف الصاخبة والمضطربة والدامية وما يكتنفها من غموض تجعل عتاة المحللين يشعرون بأنهم على مفترق طرق صعب وخطير أمام أزمة لا تزال مفتوحة على كل الإحتمالات ، ما دام الحل الداخلي القائم على الحوار الغير مشروط مرفوض ، و ما دام هناك من يعمل على إعاقته كل ما تقدم خطوة ولو بسيطة إلى الأمام ، و هذا ما يجعل الدم والعنف والسلاح سادةً للموقف .

آخر النغمات التي خرجت عبر وسائل الإعلام المختلفة وعلى الأخص من قبل بعض الكتاب الذين لا يتركون يوما دون الكتابة عن الوضع السوري ، تمثل في ذهابهم نحو الحديث عن " الدهاء الشامي " و القاء اللوم عليه ، وبعد عجزهم عن ملامسة ولو أجزاء بسيطة من حقيقة ما يجري على الأرض ،وهم بذلك يقصدون النظام الرسمي والسياسات والمواقف وأنواع التكتيك المختلفة التي لجأ إلى إستخدامها منذ بداية الإنفجار الذي رافق الأزمة منذ مطلع العام الفائت .

إذا ، الدهاء الشامي في مواجهة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، والجامعة العربية ومنظمة دول العالم الإسلامي والقمة العربية ، وفي مواجهة الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية وحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ، وفي مواجهة تركيا والنفط والغاز والمليارات الخليجية ، وأخيرا بطبيعة الحال المعارضة السورية ، وما يسمى بالجيش الحر وبكل ما يصله من الدعم الذي تقدمه له التنظيمات والمجموعات الأصولية المتطرفة ، ولا ننسى التيارات السلفية والقاعدة وإلى آخر هذه المسميات والتي لم نعد قادرين على إحصاء ألويتها وفيالقها وكتائبها .

وهكذا يكون الدهاء الشامي والداعمين له قد اصبحوا في مواجهة مفتوحة مع جميع الأطراف التي ذكرناها في البحر ، والبر ، والجو ، والتي وحتى اللحظة لم تقدر على تحقيق الغلبة والتفوق على هذا الدهاء والذي بموجب المعطيات التي تفرض نفسها على صورة الأحداث عموما ، و هذا يجعلنا ننظر إليه على أنه بات أقوى ، وأكثر تأثيرا وفعلا من النووي والكيماوي والجرثومي ، ما دام لا يزال صامدا وواقفا على قدميه وعلى مدى العشرين شهرا التي إنقضت من عمر هذه الأزمة .


الدهاء الشامي يجب أن يتحول إلى مقرر سياسي وعسكري يدرس في الكليات والأكاديميات ذات العلاقة ، فلا أحد من كل هذه الأطراف التي تقف في الخندق المضاد له إستطاع التوصل إلى فك اللغز ، ويبدو أن نغمة الساعات والأيام المعدودة المتبقية من عمر هذا الدهاء التي جرى عزفها والتغريد بها مراراً قد إنكشفت على حقيقتها ، ولم تعد تفي بالهدف المرجومن وراء الترويج الهزلي لها .


ومن هنا ، وعملا بالموضوعية فإن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة يقول : هل نحن على مقربة من مرحلة رفع الرايات البيضاء ؟ وهل سيتغلب الأخضر الإبراهيمي على عقد الأزمة ؟ لا أعتقد ذلك ، فقانون المصالح المشتركة الذي إجتمعوا عليه لتحطيم سوريا يفرض عليهم دائما البحث عن المخرج والبديل الجديد لتحقيق الهدف .
بكل ما في عقول الأطفال من براءة نقول ، أن الأزمة في سوريا لن تنحل إلا من خلال خلق أزمة أكبر وأكثر خطورة ، وبحيث يتحول الشأن السوري إلى عنوان فرعي صغير أمام الحدث الأكبر الذي يجري التحضير والإعداد له في أوكارهم وأقبيتهم السوداء ، وهل هنالك أخطر من إشتعال الجبهة التركية السورية ؟ تركيا هي المسرح ، وهي الأداة التي نصبوا لها كل الأفخاخ اللازمة لإصطيادها ، تركيا هي الرئة الأساسية التي سيكونوا قادرين على التنفس من خلالها ، وهذا يتطلب و يفرض عليهم نزع آخر الصواعق وإشعال الفتيل .


الولايات المتحدة ودول حلف ( الناتو ) و" إسرائيل " وكل المتحالفين معهم من أجل تركيع سوريا ونظامها وشعبها ، لن يجدوا أفضل من تركيا لتقوم بالنيابة عنهم بالتفجير الأكبر الذي سوف يمتص كل تداعيات الحدث الأصغر ، فهل سوف تستوعب تركيا أردوغان هذا الذي يحاك لها في عتم الليل ؟ أم ستمضي بقدميها طائعة لتغرق في المستنقع ، هذا هو مفترق الطرق التركي ، أخذين بعين الإعتبار كل التسهيلات اللوجستية والسياسية والعسكرية التي قدمتها لتركيا وحكومتها لجميع الأطراف التي تصر على اللعب في الملعب السوري .


المسألة لم تعد تقتصر على إيواء لاجئين ، وتسهيل عمل مجموعات وعصابات تعمل بمقدار ما تقبض ، و الجانب الإنساني ليس سوى كذبة سمجة ، وذريعة جوفاء ، فنتائج الإشتباك ستنتهي إلى تحطيم الطرفين والبلدين ، و لن تتحكم فيها الفوارق والتفاوت العسكري بين الجيشين فقط ، فالأمور عندئذ ستذهب بإتجاهات شديدة الخطورة لن يحمد عقباها أبدا إذا ما فتحت المدافع أفواهها لحرق اليابس والأخضر .


الدهاء الشامي صامد لغاية الآن ، ولكن ماذا عساه أن يفعل حيال الغباء التركي ؟ هذه هي أطراف المعادلة التي سيتوقف عليها مستقبل المنطقة بأكملها ، ودول المنطقة ستكون بلا شك هي الخاسر الأكبر ، و لن يحل بها سوى المزيد من الدمار والقتل و سقوط ألآف الضحايا البريئة الذي ، والرأسمالية الإمبريالية والسائرين على دربها في الولايات المتحدة وأوروبا ومعهم طفلهم المدلل " إسرائيل " هم أول الرابحين، وهكذا ستغيب الشمس و سيطول و يمتد ظلام الليل، والشعوب ستغرق لامحالة بين دهاء لن يجدي عندئذ ، وغباء فتح جميع الأبواب لتنفيذ الجريمة التي لن تترك وراءها سوى المزيد من أنهار الدم !.