آخر الأخبار
  إعلام لبناني: توقيف حفيدة رفعت الأسد ووالدتها بمطار بيروت   السفارة الصينية في الأردن: تمديد تخفيض رسوم تأشيرة الدخول للصين   محافظ دمشق: لا نعادي الاحتلال الإسرائيلي   الافتاء": المساعدات المقدمة الى غزة الاسبوع الماضي تجاوزت الـ 2 مليون دينار   تحويل السير اثر حادث تصادم بين 4 سيارات بنفق صويلح   كتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن بدءا من اليوم   خبير اجتماعي: مليون عامل أردني بلا حماية   تصريح رسمي حول انتشار الانفلونزا في الأردن   سوريا .. تصفية شجاع العلي المشتبه بتورطه في جرائم مسلحة   خطة أمنية شاملة خلال فترة امتحانات الثانوية العامة   مهم من وزارة العمل حول أخر يوم للإجراءات التنظيمية للعمالة الوافدة   مراكز الإصلاح تُمكّن أحد نزلائها من اجتياز متطلبات الماجستير   مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي الشوابكة   "جمعية البنوك الاردنية" تبشر الاردنيين بخصوص أسعار الفائدة للعام القادم   أمطار قادمة للمملكة في هذا الموعد!   الأردن يرفض اقتحام وزير أمن الاحتلال للمسجد الاقصى   النائب عطية يسأل الحكومة عن هرب 13 ألف عاملة منزل   الضريبة تدعو الأردنيين لتقديم طلبات التسوية.. وتعلن السبت دوام رسمي   التعليم العالي: لا مخالفات علينا في تقرير ديوان المحاسبة 2023   وزير الداخلية ينعى المساعدة

لا لربط التعليم المهني بالرسوب والفشل!!

{clean_title}
أفرزت سياسة وزارة التربية والتعليم في آلية ضبطها لامتحان الثانوية العامة التوجيهي العديد من النتائج، كان أهمها أن هنالك 240 ألف طالب راسب غير ناجح في التوجيهي على مدار السنوات الأخيرة أو أكثر، وهذا رقم مخيف بكل معنى الكلمة، لان هؤلاء الشباب اليافعين بكل بساطة يعيشون في فراغ، ودون عمل، وكل يوم يتم إغلاق فرص النجاح في طريقهم بدل فتحها، وهم قنبلة اجتماعية تعيش بيننا معرضة لزرع فتيل التطرف أو الانحراف بينهم، طبعا لا اعتقد أن وزارة التربية نجحت لان النجاح يكون بزيادة أعداد الناجحين لا الراسبين.

 ولا اعتقد أن النظام التعليمي الذي تكون نسب النجاح لمخرجاته لا تتجاوز 30% ناجحا، وما اعلمه أن نسب النجاح كانت دائما متقاربة على مدى السنين الماضية، واعلم أن الامتحانات العامة لها معالجات منطقية يجب أن تتم وكانت تتم في الماضي، لأسباب ومعطيات كثيرة ، فمثلا لا يعقل أن تكون نتيجة طالب حصل على معدل مرتفع 87 مثلا وراسب لأنه ينقصه علامة أو علامتين في مادة ما، وكذلك النسب يجب أن تكون مقبولة سيما وان العملية التعليمية بعناصرها ليست بأفضل حالاتها، ولا اطلب هنا تنجيح من هب ودب، ولكن اطلب أن تكون نسب النجاح معقولة من خلال معالجة النتائج وكذلك والاهم التركيز على تحسين التعليم وبيئته في مدارسنا.


هذا الوضع غير المخطط له، وعمل وزارة التربية بشكل منفصل لا يأخذ حلقات التعليم الأخرى بعين الاعتبار، والتركيز على إعادة هيبة التوجيهي من خلال أعداد اكبر من الراسبين لنثبت نجاحنا الوهمي، ولا اقلل من جهود الوزارة وطاقمها لكن الخطأ إعطاء التوجيهي كل التركيز دون العملية التعليمية بمجملها، كل ما سبق أدى إلى هبوط حاد في أعداد الناجحين بحيث أخذت الجامعات الحكومية حصتها، وترك الفتات للجامعات الخاصة، والتعليم التقني في القطاعين العام والخاص بات يندب حضه لتدني أعداد الناجحين أيضا مع أن الكليات التقنية العامة والحكومية تأخذ الحصة كاملة والكليات الخاصة أصبحت دون طلبة وبعضها أغلق أو مهدد بالإغلاق، طبعا تداعى الجميع وكما نحن دائما على نظام الفزعة، مطلوب زبائن للجامعات الخاصة والتي توسعت بشكل كبير ودون ضوابط في غفلة من السياسات وصانعيها أم أنها كانت من صنعهم! كليات المجتمع تعمل بالحد الأدنى بسبب تدني أعداد المقبولين وضعف الإقبال وسياسات القبول، طبعا اعرف أن اقتراح تدريب طلبة التوجيهي الراسبين أتى من الكليات الخاصة ليس لغيرتهم على التعليم المهني أو التقني ولكن لجلب زبائن بأي ثمن، المهم بالأمر تم تبني ذلك وتم اتخاذ القرار والسير به لاستيعاب الطلبة الراسبين في كليات المجتمع وأتمنى أن ينجح ذلك مع علمي أن هنالك محددات كثيرة وربما سنكتشف بعد فترة أن الدبلوم المهني لا يخدمنا.


موضوعي الأهم في هذا المقال ما يتم طرحه وترويجه بربط التعليم المهني بالفشل والرسوب، بداية الأدب التربوي وعلم القياس والتقويم يبتعد عن الكلمات القاسية مثل الرسوب والفشل، ويعبر بدلا عنها، بان الطالب لم تتحقق أهداف التعلم لديه، وبنسب مختلفة إلى أن تصل حد معين اعتدنا على تسميته الرسوب، حيث يحتاج المتعلم عنده لإعادة دراسة المقررات أو البرنامج مرة أخرى لتحقيق الأهداف المنشودة، والتعليم والعمل المهني عانى عبر العصور من النظرة الدونية له والسبب ارتباطه بالطبقة الفقيرة في المجتمعات الإقطاعية قديما، وتخلصت غالبية الدول في زمن التقدم التكنولوجي من هذه النظرة، لان التعليم المهني والتقني من أنواع التعليم الراقية والتي تحتاج للمعارف والعقول إضافة للمهارات وهذا يميزها عن العلوم النظرية، ولا يخفى ما يؤمنه خريجو التعليم المهني والتقني من مهنيين وتقنيين للمجتمعات من الخدمات والمنتجات، وامتعض هذه الأيام كلما سمعت المسؤولين في بلدي يروجون من غير قصد لفكرة التعليم المهني للراسبين التعليم التقني للراسبين، وكأننا نريد ترسيخ فكرة أن الفاشلين والراسبين في نظامنا التعليمي مصيرهم التعليم المهني، وأتذكر انه في منتصف السبعينيات كان آباؤنا يدفعون بأبنائهم المتفوقين إلى التعليم المهني، واذكر انه في سنة 1976 ذهب الاربعة الاوائل في الصف الثالث الإعدادي من مدرسة صخرة الثانوية إلى مدرسة اربد الصناعية راغبين وبرضا ومباركة الأهل، وبعد ما يقارب أربعين عاما ومع كل التقدم التكنولوجي تراجع تفكيرنا وأصبح التعليم المهني لمتدني التحصيل والراسبين والفاشلين، هذا ما لا نريده في ظل حملة وطنية لتعزيز التوجه نحو التعليم المهني والتقني، وملايين الدنانير التي أنفقت في هذا الاتجاه، لأننا جميعا نعلم أن سياساتنا التعليمية أوصلتنا حد الهاوية بإغراق السوق بحملة الشهادات الجامعية والتوسع في التعليم الجامعي وأغفلنا التركيز على قطاع التعليم المهني والتقني من خلال السياسات والتمويل.


اعتقد أن التعليم المهني يجب أن يكون في مكانه الطبيعي للناجحين والمتميزين وليس لحل مشكلة الراسبين، وكان أحرى بوزارة التربية توجيه الطلبة نحو التعليم المهني التطبيقي وزيادة أعداد المقبولين فيه من الأصل، من خلال السياسات وزيادة أعداد المدارس المهنية وغير ذلك، كذلك يجب العمل على زيادة نسب الناجحين في التوجيهي كما أسلفت، ولا مانع من عمل دورات متعددة وإتاحة الفرصة لمن يرغب بالتقدم دون كل هذه التعقيدات والتقييد، اتركوا لطلبتنا تحديد وجهتهم، لكن ساعدوهم على ذلك.... حمى الله الأردن.