جراءة نيوز-عمان -خاص :
دراسة خاصَّة بالواجبات الوظيفية:
مضمونها والاثر القانوني :
والشرعي لمخالفتها :
المُدَّعي العام عبدالسلام المومني :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..) التوبة/105، وعليه فإنني وشعورا من واجبي الديني ومن ثم امتناني لدوائرنا العزيزة ثم لزملائي الأفاضل، وتحقيقا للمصلحة العامة، فقد تقدمت بهذا العمل لأبسطه بين يدي زملائي للإفادة منه في أداء واجباتهم، مع علمي بأنه ما هو إلا عبارة عن تذكير لهم أكثر منه تقديم معلومات لقوله تعالى:(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) الذاريات/55،
فالتذكير لا يكون إلا لمن هو على دراية بالشيء، أما من يجهله فهو بمثابة توضيح لما هو مجهول بالنسبة له، فدوائرنا العزيزة فيها من الكفاءات التي قدمتها وما تزال تقدمها لمعظم الدول وتنقل إليها خبراتها، بدلالة ما ترفده من خبرات وكفاءات –على الصعيد الإقليمي- من الموارد البشرية التي تنتمي لهذه المؤسسة العريقة، صاحبة الإرث التاريخي التي يكاد أن يصل عمرها لقرن من الزمن من حيث اقترن تأسيسها بتأسيس إمارة شرق الأردن.
آملا من العزيز الجليل أن تؤتي هذه الدِّراسة أكلها، خصوصا لمن هم في بداية حياتهم الوظيفية في الدَّوائِر الرَّسميَّة وتكون لهم عونا في أداء واجباتهم، سائلا المولى أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم.
تعد المرافق العامة بما تمثله من إشباع للحاجات العامة الأساسية سبب وجود الإدارة العامة وغايتها السامية، فقد منحت امتيازات القانون العام لضمان حسن سير تلك المرافق وتقديمها للخدمات المنوطة بها بأفضل صورة ممكنة وبأعلى مستوى من الجودة، لهذا تحتل المرافق العامة مكانة كبيرة في حياة الأفراد، إذ يعتمد جميعنا في تنظيم حياتنا اليومية على ما تقدمه المرافق العامة من خدمات..
ويعد المرفق العام خلاصة استعمال العديد من الإختصاصات والوسائل المادية التي توضع موضع التنفيذ لإنشاء وتسيير المشروع الإداري المكلف بتقديم الخدمة العامة للجمهور، فيتكون كل مرفق عام من مجموعة من الوسائل والأشخاص والمواد المرتبة ترتيبا إداريا لأداء الخدمة العامة، لهذا يعد المرفق نشاطا إداريا منظما تمارسه مجموعة بشرية مستعينة بوسائل مادية وفنية وقانونية .
وعليه فإن العنصر البشري يحتل أهمية كبيرة في المرافق العامة، وتتجلى هذه الأهمية في القانون العام، لأن جميع أشخاصه أشخاص معنوية تحتاج لأشخاص طبيعيين للتعبير عن إرادتها وتنفيذ مهماتها، لهذا يتعين وضع التشريعات الوظيفية التي تحكم الحياة الوظيفية بحيث تضمن وتحقق الاستقرار الوظيفي للعناصر البشرية –الموظف العام- العاملة في مرافق الدولة المختلفة.
فمن المجالات التي تنظمها التشريعات –الأنظمة- الناظمة للحياة الوظيفية، أن المشرع رتب على الموظفين بمقتضاها واجبات يفترض عليهم الالتزام بها سواء كانت الواجبات ذات طبيعة إيجابية يتوجب على الموظف العام إتيانها، أو سلبية يتوجب على الموظف العام الامتناع عن اتيانها، كما رتب المشرع بمقتضى هذه التشريعات الأثر القانوني على ارتكاب الموظف لمخالفة واجباته الوظيفة، وعليه جاءت دراستنا هذه للتوضيح لموظف الجمارك المهام والواجبات الوظيفية المناطة بالموظف العام وما يترتب على عدم الالتزام بها من آثار قانونية، بالإضافة لتوضيح الجزاءات المبينة في العقائد الدينية الناجمة عن وقوع الموظف العام بمخالفة مسلكية.
لذا سنعرض للغاية المنوه عنها بأعلاه بموجب الحلقة الأولى في المبحث الأول نبذة عن الموظف العام والتشريعات الناظمة للوظيفة العامة، أما في الحلقة الثَّانيَة فنعرِضُ بِمُقتضاها المبحث الثاني فسنعرض الواجبات الوظيفية أما في الحلقة الثَّالِثَة فَنعرِضُ من خِلالِها المبحث الثالث ونتناول بمقتضاه النظام التأديبي في الوظيفة العامة وفقا للتالي:
المبحث الأول ...نبذة عن الموظف العام والتشريعات الناظمة للوظيفة العامة
قبل تناول الواجبات الوظيفية لا بد من الوقوف على المصدر التشريعي الناظم للوظيفة العامة ومفهوم الموظف العام، حيث نتناولهما وفقا لما يلي:
الموظف العام:
للوقوف على تعريف الموظف العام، يتوجب استعراض ما تناوله الفقهاء من تعريفات للموظف العام بالإضافة للتعريف القضائي والتعريف التشريعي، حيث تعددت هذه التعريفات فباستعراضها نجد ما يلي:
التعريف الفقهي، نجد أن الفقهاء لم يقفوا على تعريف واحد فقد قدم الفقهاء تعريفات كثيرة للموظف العام نعرض من هذه التعريفات التعريف المتضمن بأن الموظف العام هو (كل من يعمل في وظيفة دائمة أو مؤقتة، في خدمة مرفق عام يديره شخص معنوي عام، أي يدار بطريقة الإدارة المباشرة)
ويرى جانب آخر من الفقه أن الموظف العام هو (الذي يسمى لأداء خدمة عامة دائمة في ملاك من ملاكات الإدارة العامة للدولة، أو الأجهزة التابعة لها، أو الهيئات العامة، بعد أن يكون قد ثبت فيها) .
أما التعريف التشريعي فنلاحظ بأن المشرع الأردني بموجب المادة 2 من نظام الخدمة المدنية رقم 30 لسنة 2007 وتعديلاته قد عرف الموظف العام بأنه (الشخص المعين بقرار من المرجع المختص، في وظيفة مدرجة في جدول تشكيلات الوظائف الصادر بمقتضى قانون الموازنة العامة أو موازنة إحدى الدوائر والموظف المعين بموجب عقد ولا يشمل الشخص الذي يتقاضى أجرا يوميا).
أما التعريف القضائي فنجد أن اجتهاد محكمة العدل العليا الأردنية على أن الموظف العام هو (الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد الأشخاص الإقليمية أو المؤسسات العامة) .
أما مفهوم الوظيفة وفقاً لما أورده المُشَرِّعُ بمقتضى المادَّة 2 من نظام الخدمة المدنية رقم 30 لسنة 2007 وتعديلاته، فقد عرَّفَها المُشَرِّعُ بأنَّها (مجموعة المهام والواجِبات التي تُحدِّدُها جهة مُختَصَّة وتوكلها إلى الموظَّف للقيام بها بمُقتضى أحكام هذا النظام وأي تشريع آخر أوتعليمات أو قرارات إداريَّة وما يتعلَّق بتلك المهام من صلاحيات وما يترتب عليها من مسئوليَّات).
المصدر التشريعي الناظم للوظيفة العامة:
تتباين الدول فيما يتعلق بالجهة المختصة بوضع التشريعات الناظمة للحياة الوظيفية للموظفين العموميين، ففي الأردن نلاحظ أن المشرِّع الدستوري قد أناط هذه المهمة بالهيئة التنفيذية –الحكومة- لكي تنظمها بأنظمة مستقلة تصدرها هذه الهيئة بعكس القوانين التي يختص بإصدارها مجلس الأمة –صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع في الدولة، علما بأن الأنظمة المستقلة تتمتع بذات المركز القانوني الذي تتمتع به القوانين العادية.
وهذا ما أكد عليه المشرع بموجب نص المادة 120 من الدستور الأردني 1952 وتعديلاته على أن (التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك).
وهنا تجدر الإشارة إلى التشريعات الناظمة للحياة الوظيفية يمثلها نظام الخدمة المدنية الساري المفعول أو أي نظام خاص بدائرة أو هيئة مستقلة –مثل نظام موظفي الجمارك الأردنية سابِقاً، ونطاق التشريعات الناظمة للحياة الوظيفية هو موظفي الدوائر المدرجة وظائفهم ورواتبهم في جدول تشكيلات الوظائف الصادر بمقتضى قانون الموازنة العامة أو موازنة أي دائرة من الدوائر الأخرى
حيث يسري نظام الخدمة المدنية على موظفي الدوائر الحكومية المركزية والمؤسسات العامة باستثناء التي يقرر مجلس الوزراء عدم خضوع موظفيها لهذا النظام،أما فيما يخص شاغلي المناصب العليا في الديوان الملكي الهاشمي يتم تعيينهم وتحديد المخصصات أو الرواتب التي يستحقونها، وسائر الأمور المتعلقة بهم بموجب نظام خاص يصدر لهذه الغاية، كما لا تسري أحكام نظام الخدمة المدنية على القضاة النظاميين والشرعيين وموظفي السلك الدبلوماسي.