آخر الأخبار
  توضيح امني حول فيديو لدورية نجدة تلقي القبض على أشخاص شرق عمان   نائب أوكرانيّ يفضح زيلينسكي: معلوماته مُجرّد هراء   إجراءات صارمة بحق مديري أربع حسابات قامت بإثارة الفتنة والنعرات العنصرية   الملك والرئيس الإماراتي يبحثان مستجدات المنطقة وجهود وقف الحرب على غزة   موظفو البنك الأردني الكويتي يحضرون حفل الإفطار الرمضاني والتكريم السنوي لتوزيع جوائز رياضة السيارات لموسم 2024   ولي العهد بعد تعادل النشامى: الحمدلله رب العالمين   باحثون يكشفون سبب تحول مياه برك البحر الميت إلى اللون الوردي!   الأردنيون على موعد مع قانون عقوبات جديد   هل قدم الأردن مقترحاً لإخراج عدد من الفلسطينيين الغزيين من غزة؟ الحكومة الاردنية تجيب ..   بعد توغّل قوات الاحتلال وقصفه بلدة كويا غربي درعا .. الاردن يدين   الحكومة الاردنية تصرح بشأن "العفو العام"!   إيعاز وتوجيه صادر عن اللواء الدكتور عبيد الله المعايطة مدير الامن العام   وزير العدل يوضح حول التعديلات على قانون العقوبات   قرار صادر عن "مجلس الوزراء" بخصوص العمل المرن في الاردن   الملك: ضرورة تكثيف الجهود لوقف الهجمات على غزة   %74 من الطلاق في الأردن بالاتفاق   تنويه هام من وزارة العمل لتجنب المخالفات   الداخلية: إجراءات ميسرة لتنشيط القطاع السياحي وتسهيل الدخول إلى المملكة   الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى دولة الإمارات   أورنج الأردن تنمّي مهارات ريادة الأعمال لدى شباب أكاديمية البرمجة عبر ورشة عمل متخصصة

القمة العربية في مواجهة نكبة جديدة

{clean_title}
جراءة نيوز - الدكتور منذر الحوارات يكتب ..

لا يعوِّل كثير من العرب على مؤتمرات القمة العربية، ويعود ذلك إلى الآمال المبالغ بها التي عُلقت على هذه المؤسسة، على اعتبار أن دورها يبدأ بتوحيد العرب، وأن أي نتيجة غير ذلك تُعدُّ فشلًا، هذه النظرة الطوباوية لدور الجامعة العربية أسقطتها من اعتبار كثير من العرب، ومع ذلك تبقى الجامعة العربية مؤسسة إقليمية يمكنها أداء أدوار مهمة إذا ما تخلّصت من عقلية التجاذب بين الدول الأعضاء، ويبقى السؤال الأهم: هل تنتصر الجامعة على ذاتها وتتصدى لهذه الأخطار المصيرية؟
تنعقد القمة في ظل تطورات خطيرة تهدد جوهريا القضية الفلسطينية، بعد أن ثبت أن إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، تسعى إلى فرض أمر واقع جديد لصالح الاحتلال، يقصي أي فرصة لحل عادل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، فأمام القمة العربية مخطط أميركي لتهجير سكان قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا المقترح بشكل علني رغم أنه كان نصا غير معلن في المشروع الصهيوني، لكن طرحه هذه المرة لم يكن بلا أهداف خبيثة وعميقة، أول هذه الأهداف هو تحويل النقاش بعيدا عن المسؤولية الإسرائيلية، بحيث يُستبدل التركيز على مساءلة الاحتلال عن الدمار الهائل الذي ألحقه بالبنية التحتية والمجتمع الفلسطيني في غزة، بالترويج لخيار التهجير باعتباره "الحل"، وبهذا، يصبح النقاش العربي منصبًّا على كيفية وقف التهجير، بدلًا من البحث في محاسبة الاحتلال وإلزامه بإعادة الإعمار ورفع الحصار.


وفي ظل هذا الانشغال، تتنصل الولايات المتحدة من التزاماتها بحل الدولتين، الذي تعهدت به كخيار أساسي لحل القضية الفلسطينية في مؤتمر مدريد عام 1991، وما يؤكد ذلك هو طرح مشروعين أميركيين في فبراير 2025 مشروع قانون يستهدف منع استخدام مصطلح "الضفة الغربية" واستبداله بتسمية "يهودا والسامرة". وفي الشهر ذاته، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية على اعتماد تسمية "يهودا والسامرة" بدلًا من "الضفة الغربية" في التشريعات الرسمية.
تشير هذه الإجراءات التشريعية إلى نية الحكومتين الإسرائيلية والأميركية المضي قدما في عملية ضم الضفة الغربية، فالمخطط الإسرائيلي لا يقتصر على إبقاء غزة تحت الحصار، بل يسعى أيضا إلى تغيير الوضع القانوني للضفة الغربية تمهيدا لضمها وتهويدها، ولتحقيق ذلك، ستضع إسرائيل العراقيل أمام أي جهود عربية أو دولية لإعادة إعمار غزة، مستغلة سلطتها على المعابر لفرض قيود على دخول المواد الأساسية بحجج مثل "الاستخدام المزدوج" والخوف من تعزيز القدرات العسكرية لحركة حماس، وهذا من شأنه إبطاء عملية إعادة الإعمار وإبقاء غزة في حالة خراب مزمن، لخلق بيئة طاردة ودافعة للهجرة.
كما أن استمرار وجود حماس سيكون ذريعة لإسرائيل لرفض إعادة الإعمار، وللدول المانحة للامتناع عن تمويله خوفا من تدمير البنية التحتية مجددًا، كما حدث في مرات سابقة، كل ذلك يضع على عاتق القمة العربية مسؤوليات كبرى تتجاوز مجرد بيانات الشجب والاستنكار، فقد استغلت إسرائيل مرارًا التردد العربي لفرض أمر واقع جديد على الأرض، ثم تسويغه عبر قوانينها الداخلية والاعترافات الخارجية لاحقًا، لذلك، فإن رفض مشروع التهجير يجب ألا يكون خافتًا، بل بصوت عالٍ، مصحوبًا بخطة عربية واضحة المعالم لإعادة إعمار غزة، مع الإصرار على توثيق الجرائم الإسرائيلية في القطاع.
كما ينبغي أن تترافق هذه الجهود مع ضغوط دبلوماسية لإلزام الولايات المتحدة بالعودة إلى التزاماتها بحل الدولتين وفقًا لمقررات مدريد، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بإعادة تدويل القضية الفلسطينية وإخراجها من الهيمنة الأميركية، عبر نقل ملفها إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، حيث إن ما يجري يمثل محاولة واضحة لضم أراض محتلة، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي، كذلك، ينبغي على العرب تجاوز تحفظاتهم والتعامل بجدية مع الانقسام الفلسطيني، إذ لم يعد الوضع يحتمل مزيدًا من التشرذم، فلا يمكن دعم الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار غزة في ظل استمرار هذا الانقسام، ومن واجب القمة أيضا تبني حملة إعلامية وعلمية لفضح ما تقوم به إسرائيل من إعادة ممنهجة لصياغة الجغرافيا والتاريخ عبر تغيير المسميات.
أمام هذه المخططات التصفوية، يصبح واضحا أن القمة العربية تواجه لحظة مصيرية، يعتمد عليها بقاء دولة فلسطين حاضرة ومستقبلية، أو تصبح مجرد ذكرى قابعة في ثنايا التاريخ السياسي لدول وشعوب المنطقة.