آخر الأخبار
  محادثات أردنية صينية موسعة في عمّان   الأمانة تعلن الطوارئ المتوسطة استعدادا للمنخفض   عمان الأهلية تُوقّع اتفاقية تعاون مع شركة (Codemint) لتطوير مخرجات التعلم   الأميرة سمية بنت الحسن تكرّم عمّان الأهلية لتميّزها في دعم الريادة والابتكار   الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة 20 دينارا للأسرة   مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة   إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم   نظام معدل للأبنية والمدن: تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف   الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار   ارتفاع أسعار الذهب محليا   منخفض جوي مساء اليوم وطقس بارد وماطر   فيضانات مفاجئة في آسفي المغربية تخلف 7 قتلى و20 مصابا   المواصفات والمقاييس: المدافئ المرتبطة بحوادث الاختناق مخصصة للاستعمال الخارجي فقط   الاتحاد الأردني يعلن إجراءات شراء تذاكر جماهير النشامى لكأس العالم 2026   20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة   الموافقة على تعديل الأسس المتعلقة بتحديد الرسوم المدرسية للطلبة غير الأردنيين   السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك   مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي الخلايلة والعواملة   الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا   الخالدي يكشف عن "خدمة المعالجة المركزية لمعاملات الافراز" في دائرة الأراضي والمساحة

القمة العربية في مواجهة نكبة جديدة

{clean_title}
جراءة نيوز - الدكتور منذر الحوارات يكتب ..

لا يعوِّل كثير من العرب على مؤتمرات القمة العربية، ويعود ذلك إلى الآمال المبالغ بها التي عُلقت على هذه المؤسسة، على اعتبار أن دورها يبدأ بتوحيد العرب، وأن أي نتيجة غير ذلك تُعدُّ فشلًا، هذه النظرة الطوباوية لدور الجامعة العربية أسقطتها من اعتبار كثير من العرب، ومع ذلك تبقى الجامعة العربية مؤسسة إقليمية يمكنها أداء أدوار مهمة إذا ما تخلّصت من عقلية التجاذب بين الدول الأعضاء، ويبقى السؤال الأهم: هل تنتصر الجامعة على ذاتها وتتصدى لهذه الأخطار المصيرية؟
تنعقد القمة في ظل تطورات خطيرة تهدد جوهريا القضية الفلسطينية، بعد أن ثبت أن إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، تسعى إلى فرض أمر واقع جديد لصالح الاحتلال، يقصي أي فرصة لحل عادل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، فأمام القمة العربية مخطط أميركي لتهجير سكان قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا المقترح بشكل علني رغم أنه كان نصا غير معلن في المشروع الصهيوني، لكن طرحه هذه المرة لم يكن بلا أهداف خبيثة وعميقة، أول هذه الأهداف هو تحويل النقاش بعيدا عن المسؤولية الإسرائيلية، بحيث يُستبدل التركيز على مساءلة الاحتلال عن الدمار الهائل الذي ألحقه بالبنية التحتية والمجتمع الفلسطيني في غزة، بالترويج لخيار التهجير باعتباره "الحل"، وبهذا، يصبح النقاش العربي منصبًّا على كيفية وقف التهجير، بدلًا من البحث في محاسبة الاحتلال وإلزامه بإعادة الإعمار ورفع الحصار.


وفي ظل هذا الانشغال، تتنصل الولايات المتحدة من التزاماتها بحل الدولتين، الذي تعهدت به كخيار أساسي لحل القضية الفلسطينية في مؤتمر مدريد عام 1991، وما يؤكد ذلك هو طرح مشروعين أميركيين في فبراير 2025 مشروع قانون يستهدف منع استخدام مصطلح "الضفة الغربية" واستبداله بتسمية "يهودا والسامرة". وفي الشهر ذاته، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية على اعتماد تسمية "يهودا والسامرة" بدلًا من "الضفة الغربية" في التشريعات الرسمية.
تشير هذه الإجراءات التشريعية إلى نية الحكومتين الإسرائيلية والأميركية المضي قدما في عملية ضم الضفة الغربية، فالمخطط الإسرائيلي لا يقتصر على إبقاء غزة تحت الحصار، بل يسعى أيضا إلى تغيير الوضع القانوني للضفة الغربية تمهيدا لضمها وتهويدها، ولتحقيق ذلك، ستضع إسرائيل العراقيل أمام أي جهود عربية أو دولية لإعادة إعمار غزة، مستغلة سلطتها على المعابر لفرض قيود على دخول المواد الأساسية بحجج مثل "الاستخدام المزدوج" والخوف من تعزيز القدرات العسكرية لحركة حماس، وهذا من شأنه إبطاء عملية إعادة الإعمار وإبقاء غزة في حالة خراب مزمن، لخلق بيئة طاردة ودافعة للهجرة.
كما أن استمرار وجود حماس سيكون ذريعة لإسرائيل لرفض إعادة الإعمار، وللدول المانحة للامتناع عن تمويله خوفا من تدمير البنية التحتية مجددًا، كما حدث في مرات سابقة، كل ذلك يضع على عاتق القمة العربية مسؤوليات كبرى تتجاوز مجرد بيانات الشجب والاستنكار، فقد استغلت إسرائيل مرارًا التردد العربي لفرض أمر واقع جديد على الأرض، ثم تسويغه عبر قوانينها الداخلية والاعترافات الخارجية لاحقًا، لذلك، فإن رفض مشروع التهجير يجب ألا يكون خافتًا، بل بصوت عالٍ، مصحوبًا بخطة عربية واضحة المعالم لإعادة إعمار غزة، مع الإصرار على توثيق الجرائم الإسرائيلية في القطاع.
كما ينبغي أن تترافق هذه الجهود مع ضغوط دبلوماسية لإلزام الولايات المتحدة بالعودة إلى التزاماتها بحل الدولتين وفقًا لمقررات مدريد، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بإعادة تدويل القضية الفلسطينية وإخراجها من الهيمنة الأميركية، عبر نقل ملفها إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، حيث إن ما يجري يمثل محاولة واضحة لضم أراض محتلة، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي، كذلك، ينبغي على العرب تجاوز تحفظاتهم والتعامل بجدية مع الانقسام الفلسطيني، إذ لم يعد الوضع يحتمل مزيدًا من التشرذم، فلا يمكن دعم الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار غزة في ظل استمرار هذا الانقسام، ومن واجب القمة أيضا تبني حملة إعلامية وعلمية لفضح ما تقوم به إسرائيل من إعادة ممنهجة لصياغة الجغرافيا والتاريخ عبر تغيير المسميات.
أمام هذه المخططات التصفوية، يصبح واضحا أن القمة العربية تواجه لحظة مصيرية، يعتمد عليها بقاء دولة فلسطين حاضرة ومستقبلية، أو تصبح مجرد ذكرى قابعة في ثنايا التاريخ السياسي لدول وشعوب المنطقة.