آخر الأخبار
  الحكومة تقر نظامي الإدارة العامَّة والصندوق الهندسي للتدريب   (وكلاء السيارات) تصف قرار الحكومة الجديد بخصوص ضريبة المركبات الكهربائية بـ "القرار الجيد"   إعلان هام من "الملثم" بخصوص الأسرى الاسرائيليين   الأردن.. ما المقصود بالمرتفع السيبيري؟   كتلة هوائية سيبدأ تأثيرها من يوم الاحد .. وهذه المناطق قد تتساقط عليها الامطار   "السعايدة" يصرح بخصوص إستبدال العدادات الكهربائيية التقليدية بعدادات ذكية   "ربما سأعود" .. ما حقيقة هذا المنشور لحسين عموتة؟   دونالد ترامب يرشح "طبيبة أردنية" لأعلى منصب طبي في الولايات المتحدة الامريكية   اغلاق طريق الأبيض في الكرك لإعادة تأهيله بـ5 ملايين دينار   الحكومة تعفي السيَّارات الكهربائيَّة بنسبة 50% من الضَّريبة الخاصَّة حتى نهاية العام   أورنج الأردن تختتم مشاركتها في النسخة العاشرة لمنتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات   الأرصاد تكشف عن مؤشرات مقلقة للغاية بشأن حالة المناخ لعام 2024   مهم من السفارة الأمريكية لطلبة الجامعات الأردنية   حملات مكثفة بشأن ارتفاع قيم فواتير الكهرباء في الأردن بهذه الظروف   اعلان صادر عن ادارة ترخيص السواقين والمركبات   اعتباراً من اليوم .. تخفيضات وعروض هائلة في المؤسسة الاستهلاكية المدنية   زين تنظّم بطولتها للبادل بمشاركة 56 لاعباً ضمن 28 فريق   بلاغ مرتقب بعطلة رسمية في الاردن   ترمب يرشح الأردنية "جانيت نشيوات" جراح عام للولايات المتحدة   مؤشرات مقلقة للغاية حول حالة المناخ لعام 2024

الفلسطينيون مجروحون اليوم في اعز رجالهم و أعظم قادتهم

{clean_title}

 في كلام الرئيس المصري “المخلوع ” محمد حسني مبارك ، في تسجيلاته الصوتية المسربة بصورة غير نظيفة ، و غير لائقة ، و ربما بصورة مقصودة ، متعرضا لاسم و تاريخ الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ، و كل ذلك ، بكلام غير واضح و كلام يمكن إنكاره ، لكن دوافع مبارك تظل غير مفهومة ، فهل هو الخرف ، أم خيانة الرئيس الأسبق كلامة مردودة عليه بقوة و لعنة ، لان التاريخ يسجل

عشرات الاجتماعات بين أبو عمار و الرئيس المصري الراحل أنور السادات ، بعد حرب أكتوبر المجيدة ، و مئات الاجتماعات بين أبو عمار و ” المخلوع ” شخصيا في السنوات العشرين الأخيرة التي سبقت استشهاد أبو عمار , كيف ، و لماذا ، قبل حسني مبارك ، تلك الصداقة المتينة و الطويلة مع ابي عمار ، صداقة امتدت لأكثر من عشرين عاما ، و كل تلك السلسلة الطويلة من الاجتماعات و الاتفاقات ، بما فيها كافة خطط التحرك السياسي ، و خطط عودة مصر إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية

 كيف فعل مبارك كل ذلك و هو يحمل في عقله و قلبه تلك ” اللوثة ” ؟ و كيف صمت مبارك عن كل ما لديه من معلومات أو هواجس كل ذلك الوقت الطويل ، و لماذا لم يتكلم قبل ألان ، و لماذا لم يتخذ إجراءات تفرضها عليه مهامه الرئاسية ؟ و هو القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ، فهل كان مبارك يخون أسرار مصر و أمنها القومي ، أم قرر اليوم خيانة صديق عشق مصر حتى الثمالة ؟ .

وفاء ياسر عرفات لمصر ليس بحاجة إلى شهادة مبارك ، و حب عرفات لمصر معروف لدى كل أبنائها ، فقد نشأ رحمه الله في القاهرة ، وشرب من النيل ، وفيها ارتاد المدارس و منها أطلق حركة ” فتح ” ، ومن جامعات مصر تخرج مهندسا ، وعنها دافع ضابطا بالاحتياط في حرب القناة عام 1956 ، وحين قرر المرشد السابق للإخوان المسلمين مهدي عاكف أن يقدم برهانا على صدق مشاركته في حرب السويس ، قال و اعترف بعظمة لسانه ” أنا من دربت المقاتل ياسر عرفات في حرب الدفاع عن قناة السويس ” ، ولا أريد هنا أن أعيد استهلاك كلام المناضل المصري العتيد خالد محي الدين عن ياسر عرفات وحرب السويس أو علاقة ياسر عرفات مع مصر منذ ما قبل ثورة يوليو 1952 .

أنا مؤمن بان ياسر عرفات أحب مصر أكثر بكثير من حب حسني مبارك لها ، و أبو عمار لم يمس مصر بسوء أبدا ، مثلما فعل مبارك حسب اقتناع غالبية المصريين الذين ” خلعوه ” جراء أفعاله ، أما أبو عمار فقد عاش مصر و عاشت فيه ، وأولى كلمات نطقها طفلا كانت باللهجة المصرية ، فاستقرت على لسانه وأمضى حياته فخورا بأنه ” مصري الهوى ” .

الشعب المصري بغالبيته خلع مبارك في 25 يناير 2011 ، لأنه وجد فيه ما يهدد حاضره و مستقبله ، و يعتدي على خبزه و حريته و كرامته الإنسانية ، و إن كان مبارك قد اعتدى و افترى على عشرات الملايين من بني وطنه ، فما الذي يمنعه من العدوان على سمعة و تاريخ ياسر عرفات ، لكنه حتما لا يستطيع أن يتلاعب بوقائع التاريخ ، و حقائق التاريخ ترفض أن تتغير وفق أهواء أو افتراء أو خرف مبارك .

مبارك أنكر على أبي عمار حبه لمصر و شعبها ، و يصبح منطقيا ان ينسى مبارك كل علاقاته الثنائية الحميمة مع ابي عمار ، كما كان متوقعا أن ينسى كفاح ابو عمار ، سواء من اجل عودة مصر إلى الجامعة العربية ، أو من اجل عودة مصر إلى قيادة الأمة العربية من جديد .

ياسر عرفات ولد في مصر ، تربى طفلا ، تعلم طالبا ، تخرج مهندسا ، و حارب جنديا ، ياسر تسجله وثائق الجيش المصري المجيد ضابطا احتياطيا ، و في القاهرة أيضاً تم انتخاب ياسر عرفات رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية فبراير 1969 ، و إلى القاهرة كانت أخر زيارة رسمية و مبارك كان أخر رئيس دولة اجتمع مع عرفات .

أخر طبيب رافق أبو عمار قبل موته كان مصريا ، مكلفا من مؤسسة سيادية مصرية ، و أخر وداع رسمي لأبي عمار شهيدا كان من القاهرة و بحضور حسني مبارك شخصيا ، فهل كان مبارك يودع جثمان عرفات بتلك المراسم المهيبة وقد استقر في ضميره أن عرفات غدر بأسرار المحروسة ، أم أن الأموات يستطيعون أن يحتملوا افتراءات ينوء بحملها الأحياء ؟؟؟

من يعرفون التاريخ ، يقولون أن ياسر عرفات ، لم يكن حاضرا في ذلك الاجتماع الذي أشار إليه حسني مبارك ، لكني أقول أن ذلك ليس مهما ، و هو ليس جوهر الموضوع ، و حقيقة عدم حضور الراحل العظيم أبو عمار ، ذلك الاجتماع الذي المح إليه مبارك ليس هو المشكلة ، لان المشكلة الحقيقية مستوطنة في شخصية و نفسية و ظروف حسني مبارك نفسه ، و ذلك ما أقنعه بان الأسهل و الأهون عليه هو الهجوم على الغائب ياسر عرفات ، معتقدا أن المزاج المصري العام منزعج من أفعال بعض الفلسطينيين ، و بالتالي يسهل عليه إقناعهم بروايته المضروبة !

الفلسطينيون مجروحون اليوم في اعز رجالهم و أعظم قادتهم ، و يرجون من قيادة مصر الانتقالية ، إجراء تحقيق شفاف وعادل ، تحقيق يتولاه الجيش المصري و أجهزته السيادية مباشرة ، تحقيق تاريخي وبالوقائع ، يُجرم الراحل و ” المتهم ” ياسر عرفات ، أو يُجرم ” المتهم المخلوع ” محمد حسني مبارك ، و لا أرى أي موجب للمساومة و التهاون في هذا الاتهام الخطير ، ولا بد من ذلك قبل أن يموت مبارك ، كشفا للحقيقة و كشفا عن عواهن التهمة ، أو عن عواهن مبارك .

قد لا تبادر الدولة المصرية إلى ذلك ، وقد لا يفعل جيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي أيضاً ، رغم كل حبه المعروف للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، نظرا لحراجة أوضاع مصر ، لكن لا شيء يمنع منظمة التحرير الفلسطينية ، و لا شيء يمنع قيادة حركة ” فتح ” من المطالبة و الإلحاح اليومي بفتح ملف تحقيق قضائي مصري يتمتع بكامل المصداقية و النزاهة و الشفافية وصولا إلى الحقيقة ، و لا شيء غير الحقيقة ، فهل نفعل ، و هل سيفعلون ؟

 الله اعلم ، لكن سمعة و كرامة و تضحيات ابو عمار هي سمعة فلسطين و شعبها ، و لا ينبغي لهذه القضية أن تترك لأقاويل رجل كذبه شعبه وخلعه عن حكم مصر.