من نتاج ومخلفات تحالف الرئيس الأمريكي الأرعن جورج بوش الصغير ورئيس وزراء العراق الحاقد نوري المالكي وإيران من خلفه وفي سياق التآمر على شرفاء الأمة، فقدت الأمة العربية والإسلامية وشرفاء العالم فارسا مغوارا ومدافعا مخلصا عن قضايا الأمة ومؤمنا بوحدة مصيرها. لقد بذل الكثير وخسر الكثير من أجل رفعة شعبه وأمته وإعلاء شأنهما.
رجل لم يخش بقول الحق لومة لائم لإيمانه بواجب استرداد حقوق الأمة المضاعة. لقد كان عربيا أكثر منه عراقيا،كانت عين المراقب لديه لا تنام ليضمن عدم تعثر المسيرة. كان يخشاه المخالف ولا يهابه المستقيم ولم يكن بعهده مكانا لفاسد أو متخاذل. لقد جسد الشاعر هاشم صالح سلامة هذه الروح بقصيدة معبرة جاء فيها:
يا من بدفئك كم دفّأت أضلعنا اليوم يا سيدي أطفالنا بردوا
كنا إذا ضائقات العيش تدْهَمنا تُمدُّ منك لدحر الضائقات يد
كم كان (قِدْرُك) منذورا لأمته وكم أبَرَّ بمن زاروا ومن وفدوا
فالكل يذكر من كفيك جودِهما حتى الذين (وبالإكراه) قد جحدوا
فاليوم يا (بدرنا) ليلاؤنا حَلَكت والبدر في الليلة الظلماء يُفتقد
أجزم أنكم تتفقون معي أن من تجتمع لديه هذه الصفات وغيرها الكثير هو الشهيد البطل صدام حسين. إنه الشهيد الذي كان استشهاده بيوم أدمى قلوب الشرفاء بكافة أصقاع الأرض. لقد أشغل الشرفاء بحبه وأقلق المرتجفين بوطنيته وأرعب الخونة بصرامته ووتر المتخاذلين بوفائه.
وهو الوحيد الذي لم يرضخ لإملاءات أمريكا والوحيد الذي كان لديه من الشجاعة والجرأة ليقول لأمريكا لا أتفق معكم وأرفض نهجكم،لم تستطع الصهيونية اختراق عراقه كما اخترقت الكثير من الدول. وقد فجعنا وانحبست أنفاسنا حين أعدموه يوم عيد الأضحى الذي يحتفل به ما يعادل خمس قاطني الأرض.
كان إعدامه بذلك اليوم يحمل دلالات أفصحت عن حقد دفين وضغينة توارثها أجيال وكره متجذر أصبح من ثوابت العقيدة جبلت بها جينات ودماء من قاموا على إعدامه. وحقدهم لم يكن منصبا على شخص صدام بقدر ما كان منصبا على أتباع مذهب صدام.
ونوري المالكي من أزلام حزب الدعوة الإيراني وما أدراك ما حزب الدعوة الذي كرهه لصدام وأهل السنة يفوق كرههم للشيطان. حزب قائم على كره وإستعداء كل من يترضى على الصحابة الأخيار رضوان الله عليهم. حزب كان يقتل الناس على الهوية. يكفي أن يكون اسم أحدهم "عمرا" لينال ميتة شنيعة وذلك لشدة كرههم للفاروق عمر بن الخطاب إذ أقاموا مقاما لقاتله أبو لؤلؤه المجوسي بإيران لزيارته ونيل "الأجر" حسب إعتقادهم لكونه قاتل عمر.
والفاروق هو أحد اثنين دعى رسول البشرية ربه ليعز الإسلام بأحدهما, ابن الخطاب وعمرو ابن هشام. وقد استجاب ربه لدعائه فكانت أعظم الفتوحات بعهد عمر وخصوصا فتح بلاد فارس الذي هو أحد أهم الأسباب وراء كره الصفويين لعمر ابن الخطاب.
قتلوا صدام بقوتهم لكنهم كانوا أذلاء وحقراء أمام كبريائه وإيمانه وكانوا صغارا أمام عظمته وكانوا جبناء أمام رجولته وشجاعته.
كانوا يرتعدون رعبا أمام إبتسامته وإيمانه بربه وقدره. كانت ثوان معدودة فقط تفصله عن لقاء باريه وهو يسخر منهم سخرية المؤمن الملاقي ربه والمدرك لنهايتهم بلقاء جهنمي مع شعوبهم.
قدموه أضحية يوم العيد الكبير "وهدية" كما قال الحاقد المدعو بهاء الأعرجي "سنقدم إعدامه هدية يوم عيد الأضحى " قالها والحقد يقطر من كلماته والكره والتشفي لا يبرحا تعابيره.
وقد ظن هؤلاء الصغار أنهم بإعدامه قد انتصروا مذهبيا وسياسيا لكنهم لم يبلغوا هذا ولا ذاك. روح صدام تطاردهم ولعنة الشرفاء تحاصرهم وغضب الخالق يحيط بهم.
نستذكر صدام حسين الشهيد لأنه رمز للعروبة والقومية والوطنية والنقاء. نستذكره لإيماننا بما نشترك معه به ونحبه لإيماننا بحبه لنا.
حشدت له أمريكا وحلفاءها بإعلامهم ودعايتهم المضادة وأكاذيبهم وتضليلهم للرأي العام العربي والعالمي ، حشدت واستقطبت وصنعت له من الكارهين ما لم تستقطبه الصهيونية ضد هتلر، والماكينة الإعلامية الغربية حاولت شيطنته لضمان الرأي العام العالمي عموما والعربي تحديدا.
وكلما زادوا التجييش ضده كان حب الشرفاء له يزداد. وبعد استشهاده كانت ردود الفعل واضحه حتى من ألد أعدائه ومعارضيه. وشهدنا وسمعنا وقرأنا الكثير عن الذين عدلوا مسارهم حبا وتأييدا لصدام بعد أن كانوا يحسبون من أشد المعارضيين ومن أكثرهم بغضا له،ومن استكرهتهم به آلة الإعلام الأمريكي عادوا لرشدهم وأدركوا أنهم ضُللوا.
ليس هناك زعيم عربي أجمعت على حبه الغالبية الساحقة من العرب كما أجمعت على حب صدام. حتى عبد الناصر والملقب بزعيم الأمة لم ينل ذلك التأييد والحب والإيمان الذي ناله شخص صدام. كان زعيما بكته الرجال كالنساء وما زلنا نبكيه لأننا نراه عملاقا ونراهم أقزاما ، نراه كبيرا ونراهم صغارا ، نراه مرفوع الهامة ونراهم مطأطئين، نراه قويا ونراهم ضعافا ، نراه خادما لأمته ونرى أمثاله سادة, كما نراه يعمل على صون الأمة ورفعتها ونراهم يعملون على التفريط بالأمة وتحجيمها.
كان صدام اللجام المشدود بأفواه المتشدقين بالدين من الملالي والبركان الذي يلتهم طموحاتهم التوسعية والقوة التي يحسب لها الكثير عند التفكير بالإعتداء أو الضغط على الأمة العربية. بعهده لم يجرؤ أحد الحديث عن السنة والشيعة أو تسويق فكر اللطم والتطبير أو الترويج لدسائس ابن سبأ التي ورثوها حتى بلورتها الصفوية التي تحاول تشويه الإسلام الحنيف، لقد ندم الذين نادوا بالخلاص منه بعد أن أدركوا أهمية الدور الذي كان يقوم به, لكن ندمهم جاء بوقت لا ينفع به الندم.
مهما كتبنا عن صدام فلن نفيه حقه كزعيم وقائد وصاحب مشروع يستنهض الأمة لإستعادة حقوقها ودحر من احتل أرضها. قيل عنه الكثير مما لا يسر وكله محض افتراء وزيف وتزوير لقتل الروح التي خلفها بنفوس الشرفاء،ومهما افترى المفترون ونافق المنافقون فلن يبلغوا من صدام مبلغا ولن يغيروا الصورة البهية المترسخة والمحفورة بالذهنية العربية.
فصورة صدام هي صورة من كان قويا بالحق وصارما وحاسما مع من يدور بخلده العمل على إيذاء عراقه ومن يتخاذل عن خدمة أمته ووطنه.
فهمناه وعرفناه غير مهادن مع من يتخذون وطنهم مطية وطعما لدول أخرى.عرفناه قاسيا مع من يخونون وطنهم وهي قسوة مبررة ومن صفات الزعيم والقائد الناجح الذي لا يدع مجالا لخائن ومتخاذل وجبان ومتآمر، بالمقابل كان ذو حس عال وتقدير كبير وداعم سخي لمن يرى به التفاني والإخلاص لوطنه.
كان يدرك رحمه الله أن إيمان الناس بالقائد يقوم على مدى تطبيق القائد للعدالة والعدل حتى وإن تطلب تطبيق العدل لشيء من القسوة احيانا.
وهذا الإدراك المطبق قولا وفعلا لخصه شهيد الأمة بهذه الجملة التي تحمل من صفات القيادة الفذة الكثير إذ قال: " لكي تقود يجب أن يؤمن الناس الذين تقودهم بأنك عادل حتى و لو كنت قاسياً حينما يتطلب الأمر القسوة ".
نستذكره ونتذكر أنه كان العقبة الكأداء بطريق الصفويين الذين كانوا يطمحون ويمهدون لتصدير ثورتهم. وها نحن نراهم قد انتفش ريشهم وزاد زهوهم وكثر تغلغلهم بين العرب حتى صاروا من اللاعبين الرئيسيين بشؤون المنطقة بحجة دعم المقاومة وتحرير القدس.
نستذكره وقد جعل من العراق دولة تقترب من الدول العظمى. فقد رعى العلماء وعمل على صناعتهم واعتمد على كفاءات العراق والعرب الذاتية لإيمانه بالقدرات العربية التي تفوق مثيلاتها العالمية إذا توفرت لها الرعاية والإهتمام والدعم والبيئة المناسبة للعمل والتطوير والتحديث وهذا النهج الصادق كان احد أسباب القلق الذي أدى بالقوى الإمبريالية لمحاربته.
رحمك الله صدام وأدخلك فسيح جناته.
وحمى الله الأمة العربية والغيارى عليها... والله من وراء القصد.
[email protected]