آخر الأخبار
  الترخيص المتنقل ببلدية برقش في اربد غدا   البنك الدولي يدرس تقديم تمويل إضافي لدعم التعليم في الأردن   بدء أربعينية الشتاء في الأردن   الأردن يدين حادثة الدهس في سوق عيد الميلاد في ألمانيا   الحكومة تصدر التعديلات الجديدة على نظام الخدمة المدنية منتصف الشهر المقبل   الحكومة: "لا رفع لأي من الضرائب والرسوم على الأردنيين ولا مساس بجيب المواطن"   أمانة عمّان: "تمديد عمل الباص السريع حتى الساعة 12 ليلًا اعتبارًا من بداية 2025"   جواز السفر الأردني يحتل الترتيب الـ77 عالمياً   الحكومة: 4 مليارات دينار حجم الاستثمارات من 2020   اجواء باردة نسبيًا في اغلب مناطق المملكة والأرصاد تحذر من تشكل الضباب والصقيع   ارتفاع اسعار الذهب في الأردن   تصريحات جديدة للقيادة العامة السورية   من دمشق .. باربرا ليف تكشف تفاصيل لقائها "الجولاني"   الأردن يعرب عن أسفه لقرار السويد   مهم للأردنيين .. التأشيرة إلى روسيا أصبحت إلكترونياً   العيسوي يزور الشيخ الحديد بتوجيهات ملكية   الشواربة: عدد سكان عمّان ازداد أكثر من 100% في 25 عاما   وزير العمل: 288 ألف عامل وافد حصلوا على تصاريح عمل حتى تاريخه   وزارة الأشغال: 340 آلية جاهزة للتعامل مع أي منخفض جوي   مديرية الأمن العام تحذر من خطر انزلاق المركبات

الثقافة والفنون في زمن الحرب

{clean_title}
جراءة نيوز - م.خالد باز  الحدادين يكتب ..
بينما تتزايد الأحداث المأساوية في غزة، ينشأ نقاش حاد حول ما إذا كان يجب إقامة مهرجان جرش هذا العام. يتبادل الناس الآراء ما بين معارض يرى في إقامته تجاهلاً لمعاناة أهل غزة، وبين مؤيد يرى في الفن دعماً لصمودهم. من هذا المنطلق، أود أن أقول بأن اقامة مهرجان جرش والنظر الى رمزيته والسعي لاتخاذه في هذه الضروف لا كوسيلة لتجاهل الواقع، بل كجسر يعبر عن الصمود، ويعكس قوة الثقافة والفن في مواجهة الأزمات.
تاريخ مهرجان جرش، الذي انطلق عام 1981، مليء بالأحداث الثقافية والفنية التي جمعت بين الألوان والأصوات من جميع أنحاء العالم. هذا المهرجان ليس مجرد حدث سنوي، بل هو رمز للسلام والتواصل الثقافي. على مر السنوات، استضاف المهرجان أسماء لامعة في عالم الفن  والادب والشعر مثل فيروز وسميح القاسم، ومحمود درويش، وحبيب الزيودي وكريم العراقي وصباح فخري، ومحمد عبده، ونجاة الصغيرة وعمر العبداللات ، وغيرهم. لقد كانت ولا تزال مدينة جرش الأثرية مسرحاً يدمج بين الماضي العريق والحاضر المتجدد.
في ظل الأزمات والحروب، لم يتوقف الفن عن التعبير عن معاناة الإنسان وأمله. فكما ألّف ديميتري شوستاكوفيتش سيمفونيته السابعة "لينينجراد" خلال الحصار الألماني، لم تكن تلك المعزوفة مجرد لحن، بل كانت نداءً للصمود والإصرار. وقد رأينا مؤخراً كيف أكدت جواهر الأقرع أنها تجد في الموسيقى "متنفسًا" لها في حياتها اليومية في قطاع غزة المحاصر. واليوم، في مخيم دير البلح الذي لجأت إليه، تؤكد أنها تغني من أجل "التغلب على عنف الحرب ومنحها الصمود وكم رأينا كيف   أحيا الموسيقيون الأوكرانيون حفلة في محطة مترو خاركوف، متحدين قسوة الحرب  ليعزفوا أمام جمهور صغير، رافعين راية الأمل في زمن يعاني منه طرفي الحرب.
إن الفنون، بمختلف أشكالها، تُعتبر وسيلة تعبير وتواصل تتجاوز حدود اللغات والجغرافيا. فهي توثق الكوارث والأحداث، وتجسدها بريشة الفنانين والموسيقيين، لتكون شاهدة على ما يمر به الإنسان. من الحروب إلى الأوبئة، ومن الكوارث الطبيعية إلى الصراعات السياسية، دائماً ما تكون الفنون مرآة تعكس الواقع، ووسيلة لنقل الرسائل الثورية والناقدة لذا فلمستغل كل ثغرة يمكن النفاذ منها لدعم الصمود ولنحول  مهرجان جرش بصورته العامةفي بعض جوانبها الى دعم ونقل الصورة للعالم.
الحروب هي النشاط الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية والثقافة بتفاصيلها الادبية وتالفكرية والفنية لها علاقة طويلة الأمد بالحروب حيث ساهمت في إدانة الصراعات  والاحتلالات والاعنداءات بتمثيلات مختلفة عن معنى "الحقيقة". من خلال الشعر والغناء و الألوان واللوحات حيث  صور الفنانون أيديولوجيات وقيم ورموز الحروب، مقدماً شهادات مرئية على الأحداث الكارثية.
ليس الفن مجرد استجابة إنسانية للحروب، بل هو بحث في معنى العنف نفسه. فحتى الجنود الذين شاركوا في الحروب نحتوا أعمالاً فنية من أطلال المعارك، محولين القسوة والعنف إلى شهادات على الأحداث، أكثر فاعلية من التقارير الإخبارية في جذب الانتباه الدولي إلى محنة الحرب وتبعاتها.
إن إقامة مهرجان جرش لهذا العام، في ظل الحرب في غزة، ليس تجاهلاً لمعاناة أهلها، بل هو دعوة للعالم للالتفاف حول قضاياهم، ودعمهم من خلال الفنون التي تعبر عن روح المقاومة والصمود. دعونا نحتفل بالفن كوسيلة لإيصال رسائل السلام والتضامن، ولنواصل هذا التقليد العريق الذي يجمعنا على الحب والأمل، في مواجهة كل الصعوبات.