آخر الأخبار
  بكلفة تبلغ 175 مليار دولار .. ترامب يعلن عن "القبة الذهبية" للدفاع الصاروخي   بيان مشترك عن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن غزة   البيت الأبيض: ترامب محبط من حرب غزة ويريد من نتنياهو "إنهاء الأمر"   الصفدي ينقل رسالة من الملك إلى الشرع تؤكد وقوف الأردن إلى جانب سوريا   الصحة العالمية: المساعدات الداخلة إلى غزة ليست سوى قطرة في بحر   إجلاء 6 أطفال مصابين بالسرطان من غزة إلى الأردن   البنك الاردني الكويتي يجدد شراكته مع الإتحاد الأردني للتنس   ليبيا ترفض استيعاب لاجئين من غزة مقابل تحرير اموالها   العيسوي يلتقي فعاليات مجتمعية وثقافية وأكاديمية   وقفة احتجاجية أمام "ميدل إيست آي" رفضاً لتقارير كاذبة بحق الهيئة الخيرية   الهيئة الخيرية: نواصل دعم غزة بالغذاء رغم إغلاق المعابر   الأردن وسوريا يتفقان على مراجعة بنود مياه اليرموك والربط الكهربائي   مجلس الوزراء يشترط الأردن .. والمخالفة في دمشق   خلال 48 ساعة .. توقعات أممية بموت 14 ألف رضيع في قطاع غزة!   هام للأردنيين بخصوص صرف "بدل التعطل" من الضمان الاجتماعي   بيان صادر عن المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين   وزير العمل : 19 ألف عاملة منزل لم يتم تجديد تصاريح عملهن   المومني : تمكين الشباب ضرورة وطنية   الشوبكي يتساءل عن مصدر الغاز الذي ستعمل عليه السيارات بالأردن   أسعار الذهب تتراجع عالمياً لهذا السبب!

الثقافة والفنون في زمن الحرب

{clean_title}
جراءة نيوز - م.خالد باز  الحدادين يكتب ..
بينما تتزايد الأحداث المأساوية في غزة، ينشأ نقاش حاد حول ما إذا كان يجب إقامة مهرجان جرش هذا العام. يتبادل الناس الآراء ما بين معارض يرى في إقامته تجاهلاً لمعاناة أهل غزة، وبين مؤيد يرى في الفن دعماً لصمودهم. من هذا المنطلق، أود أن أقول بأن اقامة مهرجان جرش والنظر الى رمزيته والسعي لاتخاذه في هذه الضروف لا كوسيلة لتجاهل الواقع، بل كجسر يعبر عن الصمود، ويعكس قوة الثقافة والفن في مواجهة الأزمات.
تاريخ مهرجان جرش، الذي انطلق عام 1981، مليء بالأحداث الثقافية والفنية التي جمعت بين الألوان والأصوات من جميع أنحاء العالم. هذا المهرجان ليس مجرد حدث سنوي، بل هو رمز للسلام والتواصل الثقافي. على مر السنوات، استضاف المهرجان أسماء لامعة في عالم الفن  والادب والشعر مثل فيروز وسميح القاسم، ومحمود درويش، وحبيب الزيودي وكريم العراقي وصباح فخري، ومحمد عبده، ونجاة الصغيرة وعمر العبداللات ، وغيرهم. لقد كانت ولا تزال مدينة جرش الأثرية مسرحاً يدمج بين الماضي العريق والحاضر المتجدد.
في ظل الأزمات والحروب، لم يتوقف الفن عن التعبير عن معاناة الإنسان وأمله. فكما ألّف ديميتري شوستاكوفيتش سيمفونيته السابعة "لينينجراد" خلال الحصار الألماني، لم تكن تلك المعزوفة مجرد لحن، بل كانت نداءً للصمود والإصرار. وقد رأينا مؤخراً كيف أكدت جواهر الأقرع أنها تجد في الموسيقى "متنفسًا" لها في حياتها اليومية في قطاع غزة المحاصر. واليوم، في مخيم دير البلح الذي لجأت إليه، تؤكد أنها تغني من أجل "التغلب على عنف الحرب ومنحها الصمود وكم رأينا كيف   أحيا الموسيقيون الأوكرانيون حفلة في محطة مترو خاركوف، متحدين قسوة الحرب  ليعزفوا أمام جمهور صغير، رافعين راية الأمل في زمن يعاني منه طرفي الحرب.
إن الفنون، بمختلف أشكالها، تُعتبر وسيلة تعبير وتواصل تتجاوز حدود اللغات والجغرافيا. فهي توثق الكوارث والأحداث، وتجسدها بريشة الفنانين والموسيقيين، لتكون شاهدة على ما يمر به الإنسان. من الحروب إلى الأوبئة، ومن الكوارث الطبيعية إلى الصراعات السياسية، دائماً ما تكون الفنون مرآة تعكس الواقع، ووسيلة لنقل الرسائل الثورية والناقدة لذا فلمستغل كل ثغرة يمكن النفاذ منها لدعم الصمود ولنحول  مهرجان جرش بصورته العامةفي بعض جوانبها الى دعم ونقل الصورة للعالم.
الحروب هي النشاط الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية والثقافة بتفاصيلها الادبية وتالفكرية والفنية لها علاقة طويلة الأمد بالحروب حيث ساهمت في إدانة الصراعات  والاحتلالات والاعنداءات بتمثيلات مختلفة عن معنى "الحقيقة". من خلال الشعر والغناء و الألوان واللوحات حيث  صور الفنانون أيديولوجيات وقيم ورموز الحروب، مقدماً شهادات مرئية على الأحداث الكارثية.
ليس الفن مجرد استجابة إنسانية للحروب، بل هو بحث في معنى العنف نفسه. فحتى الجنود الذين شاركوا في الحروب نحتوا أعمالاً فنية من أطلال المعارك، محولين القسوة والعنف إلى شهادات على الأحداث، أكثر فاعلية من التقارير الإخبارية في جذب الانتباه الدولي إلى محنة الحرب وتبعاتها.
إن إقامة مهرجان جرش لهذا العام، في ظل الحرب في غزة، ليس تجاهلاً لمعاناة أهلها، بل هو دعوة للعالم للالتفاف حول قضاياهم، ودعمهم من خلال الفنون التي تعبر عن روح المقاومة والصمود. دعونا نحتفل بالفن كوسيلة لإيصال رسائل السلام والتضامن، ولنواصل هذا التقليد العريق الذي يجمعنا على الحب والأمل، في مواجهة كل الصعوبات.