منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، استغل ضعفاء النفوس من الخارجين عن القانون المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر المحروسة، وحالة الانفلات الأمني المنتشرة في كثير من مدن وقرى البلاد لتحقيق مآرب شخصية.
رغم أن مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة للغاية، تحتاج فيها إلى تضافر جهود جميع أبنائها بكافة معتقداتهم وتوجهاتهم، للخروج بها من هذا النفق المظلم، الذي لا يعلم مداه إلا الله، والذي خسرت فيه مليارات الجنيهات من جراء عدم الاستقرار الأمني، والبحث عن المصالح الضيقة.
تمر مصر بحالة من التخبط والانحطاط الأخلاقي، غير المحمود، جراء فعل قلة قليلة من أبنائها، الذين تربوا على ترابها والتحفوا بسمائها وتنعموا بخيراتها، مستغلين في ذلك غياب أجهزة الأمن عن الساحة، وظهر هذا جلياً في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل جنوني، والنقص الحاد في السولار والغاز والخبز.
ليس بخافٍ على أحد أن الأزمات التي تمر بها البلاد، مفتعلة، ووراءها أصحاب مصالح شخصية وأجندات خارجية، يريدون تدمير البلاد، وعدم عبورها بسلام، ظناً منهم أنهم يحاربون الإخوان المسلمين، وهم في حقيقة الأمر يعاقبون المواطنين بكافة مشاربهم وأطيافهم، لأن مصر ليست كلها إخوان، ولكنها خليط من كافة الاتجاهات والتيارات السياسية.
لجأ كثير من التجار لرفع الأسعار، للحصول على مكاسب باهظة من دم المواطنين البسطاء، الذين يشكو أكثرهم من الفقر وضيق العيش، مستغلين في ذلك غياب الرقابة على الأسعار، رغم أن الاستغلال محرم شرعاً ومخالف قانوناً.
منذ أيام قليلة تداول فيديو على الشبكة العنكبوتية لعربة نقل مواد بترولية، تلقي بالسولار في رمال الصحراء، في الوقت الذي يحتاج فيه المواطنون إلى كل قطرة سولار. ولا نعلم من الذي أمر السائق بهذا العمل المشين الذي يضر بالوطن والمواطنين، وليس في مصلحة فاعله؟
إنتاج السولار في مصر ليس بقليل، بل إنه يزيد على حاجة المواطنين، فإذا أرادت الحكومة أن تنجح في قيادتها للبلاد، فعليها أن تراقب الشركات المنتجة للسولار، وخط سير عربات توزيعه، وإذا ألقي القبض على أحد المخالفين، يقدم لمحاكمة عاجلة، وتستخدم معه أشد أنواع العقوبات القانونية ليرتدع هو ومن أمره بارتكاب هذه المخالفة.
بالنسبة لمشكلة نقص أسطوانات الغاز، فهي ليست بجديدة، لكنها قائمة منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكنها زادت في ظل عدم المراقبة الفاعلة، والمتسبب الأول فيها هم أصحاب مخازن التوزيع، لأنهم يفضلون بيعها لعربات التوزيع الصغيرة التي تبيعها في السوق السوداء بأضعاف ثمنها، بدلاً من إعطائها لمستحقيها من المواطنين.
وللقضاء على هذه المشكلة، التي يعاني منها كثير من أبناء المحروسة، من جذورها، يجب على الحكومة أن تشدد الرقابة على شركات إنتاج الغاز، وتعرف جداول توزيعه، ونسبة كل مخزن منها، وأوقات مجيء سيارات التوزيع، ومراقبة المخازن بشكل مستمر، وحبذا لو كان بوجود لجان شعبية، تباشر هذه المهمة، ليرتدع أصحاب المخازن ويكفوا عن توزيعه في السوق السوداء.
أما المشكلة العظمى التي يعاني منها المصريون، هي الحصول على رغيف الخبز، الذين يسمونه بـ«العيش» لأنه أساس الحياة بالنسبة لهم، ولا يستطيعون مقاطعته مهما ارتفعت أسعاره، والسبب فيها هو جشع أصحاب المخابز، الذين يبيعون الدقيق المدعم في السوق السوداء بأضعاف أسعاره الحقيقية، ويحرمون المواطنون من الحصول عليه،ولحل هذه المشكلة، لابد من تشديد العقوبة على أصحاب المخابز، وزيادة دعمهم، وإجبارهم على عدم بيع الدقيق في السوق السوداء.
أما أصحاب المصالح الخاصة، ومنفذو الأجندات الخارجية، فأقول لهم: اتقوا الله في وطنكم، وكفاكم تدميراً لاقتصاده، وتنفيذاً لمخططات أعدائه، فقد خسر الكثير عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهو بحاجة ماسة إليكم، فعليكم أن تمدوا يد العون له، لتكتبوا أسماءكم بحروف من نور على صفحات التاريخ، بدلاً من وضعها في مزبلة التاريخ.
يحدونا الأمل في أن يتدخل المسؤولون، وبصورة فورية، لحل المشاكل التي أصبحت تؤرق كاهل المواطن، وتشعره بعدم الاستقرار، وأنه منقوص الأهلية.
محمد أحمد عزوز
كاتب وناشط سياسي مصري