آخر الأخبار
  الجمارك توضح تفاصيل الإعفاء الجمركي على الطرود البريدية   بن غفير يطالب إصدار قرار باعتقال محمود عباس   توجه في الأردن: تحويل الكلاب الضالة إلى قوة حراسة وبحث عن المفقودين   وصول طائرة من العاصمة البلغارية صوفيا تحمل 137 سائحاً ضمن برنامج الرحلات العارضة الداعم للموسم السياحي الشتوي في العقبة   السلطة الفلسطينية تقرر وقف دفع رواتب جميع الأسرى في السجون الإسرائيلية   وزارة المالية : الحكومة تستعد لأكبر عام استحقاقات منذ أكثر من عقد   الحكومة الاردنية تتحدث حول ارتفاع اسعار المحروقات عالمياً   كشف تفاصيل جديدة حول تهجير 150 غزاوي عبر طائرة لجنوب إفريقيا دون وثائق رسمية!   مزارعون أردنيون : نبيع الكوسا بخسارة والمواطن يتحمل تكاليف فوق طاقته   النائب الخزوز: قانون "خدمة العلم" مبادرة ولي العهد لبناء الشباب وتعزيز الأمن   الخشمـان: خدمة العلم مشروع وطني لبناء الإنسان وليس عسكرة   النائب ربيحات: مؤثرون نشروا "المياعة" بين الشباب   العمل تصدر 5460 قرارا بتسفير عمال وافدين خلال 10 اشهر   الحكومة توضح حول إختيار أسماء مكلفي "خدمة العلم"   سماء الأردن تشهد الليلة زخات من شهب الأسديات   "الجمارك": تعديل التعرفة الجمركية لم تمس السلع الأساسية   استشاري أمراض معدية يطلب من الأردنيين التوجه لأخذ مطعوم الإنفلونزا الموسمي   الصفدي ونظيره المصري يبحثان تحضيرات المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة   الجمارك: تعديلات التعرفة الجمركية لا تمس السلع الاساسية   مجلس النواب يقر تفعيل خدمة العلم بموافقة جميع الاعضاء

التعديل الوزاري.. "غطّيني يا صفيّة"!

{clean_title}
في بلد عربي ما، كلّما تقرّر تشكيل حكومة، أو تعديلها، مدّ المعنيّ يده في البئر السحرية، ليغرف منها مجموعة من الأسماء.. المعروفة التي يتوقعها الناس!
في البئر مجموعة من العائلات ذات الجينات العبقرية المتفوّقة، ليسوا كباقي المواطنين، ولا هم بالذكاء العادي كباقي أبناء الشعب!
ولولا القليل من التردد لقامت (هذه البلد العربية الـ ما) باستنساخ هؤلاء الحكماء، على غرار النعجة "دوللي"، لأن مصير البلاد والعباد حتماً غير مضمون في غياب هؤلاء أو انقطاع نسلهم لا سمح الله ولا قدَّر!
فهم لا يتركون كراسيهم قبل أن يسلّموها لأولادهم وأحفادهم، كأنما اشتروا البلاد مع العباد!
ثم يصير من الطريف أن نسمع الشكاوى والنزاعات بينهم حين يتصارخون ويتذابحون على حصصهم من "المزرعة"!
دائماً ما تساءل الناس (في البلد العربي الـ ما): لماذا يجري استعادة هؤلاء لتشكيل الحكومات أو عضويتها مرات كثيرة، وإذا كانت الحكمة محصورة في عائلات وجينات معينة، فلماذا لا يتم مثلاً تشكيل مجلس حكماء ضخم من 400 شخص يضم كل هؤلاء برتبة وراتب وزير وتكون عضويته للأبد. لإرضائهم و"كفّ بلاهم"! وتظل الحكومة بعشرة أو خمسة عشر وزيرا من التكنوقراط بعيدة عن كل هذه المحاصصات السياسية والعائلية والديموغرافية؟!
من المثير للشفقة أن ترى مُنَظِّرين متقاعدين تجاوزوا الثمانين من أعمارهم اكتشفوا الآن، أهمية "الإصلاح"!
من دون أن ينتبهوا أن كلمة "إصلاح" تعني هنا محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما خرَّبوه هم حين كانوا في مواقع صناعة القرار.
وهم في حقيقة الأمر ليسوا ضد الفساد من حيث المبدأ، لكنهم مختلفون على حصّتهم منه!
يندفع بعض هؤلاء المتقاعدين لإعطاء محاضرات هنا وهناك يطالبون فيها بالإصلاح بحماسة هائلة، حتى يكاد بعضهم يُصفّق لنفسه وهو يتحدث.. سعيدا باكتشافه العبقري، كما لو أنه "اكتشف العَجَلة"!
ويكاد المحاضر الكريم لشدة تقمّصه الدور أن يقنع البعض فعلاً أن "الإصلاح" اختراع حديث كالهواتف الذكية، لم يكن موجودا على أيامه، وأنَّه في غاية الحزن كونه لم يتح له استخدام هذه "التقنية"!
هذه المسايرات المكشوفة لا تهدف بالطبع سوى لشيء واحد، وهو أن الرجل يريد أن يظلّ في دائرة الضوء ما أمكنه ذلك، وأن لا يتقاعد أبداً، فحكمته وخبرته ثروة وطنية لا يُفرَّط فيها، وقدراته عابرة للأجيال، فهو لا يعترف بالعمر، وتنحيه عن العمل العام -لا قدَّر الله- فيه هلاكٌ للنسل والحرث، و"خراب ديار"!
وهو مقتنع تماماً أن الأجيال الثلاثة التي ولدت وكبرت خلال توليه مسؤولياته لم تنتج أي شخص يمكن أن يحلّ مكانه!
وأنه هو فقط صاحب "الجينات المتفوّقة"، فإذا كان ولا بدّ من جيل جديد، فليكن من أبنائه أو من أحفاده، أو في أسوأ الأحوال من أنسبائه، ممَّن حظوا بمعايشة هذا العبقري عن قرب، واستفادوا من فرادة موهبته، ورجاحة عقله، واستناروا من تجاربه التي.. وصلت بالبلاد الى ما وصلت إليه!
مثير للشفقة أن يعتقد البعض أنَّه فعلاً ثروة وطنية، وأنه بئر الحكمة، وأنَّ البلاد من دونه ستفقد بوصلتها، فهو مضطر لأن يكون كالعرّاف الجوَّال يحاضر كل يوم في مدينة، ليستفيد الناس جميعاً، أينما كانوا، من موهبته العظيمة، وأن يحثّهم على "الإصلاح" بصوتٍ عالٍ وجريء؛ متوعّداً بإصبعه الكبيرة، كأنَّما يعنّفهم على إهمالهم وفسادهم الذي أودى بالبلاد والعباد؛ وكأنما فُطم هو على "الإصلاح" وفطم أولاده وبناته عليه! و.. على رأي الزعيم سعد زغلول "مفيش فايدة.. غطّيني يا صفيّة"!