ثلاثة أخطاء استراتيجية ارتكبتها في طفولتي وعاقبني والدي عليها؛ وبعد كلّ خطأ كنتُ (أبوس التوبة) وفعلاً لم أرتكب أياً من هذه الأخطاء بعد ذلك..!
ذات طفولة؛ (خنصرتُ) نصف دينار من باقي عشرة دنانير واكتشفها والدي ؛ والله لا يحطكم مطرحي..تهبرت..والرعب الذي سكنني يكفيني لأجيال قادمة..ومن يومها وأنا لا أعرف كيف (أخنصر) ؟؟.
وفي طفولة أخرى ؛ رفضتُ أن آكل من أكل البيت ؛ واشتريتُ علبة سردين..وما كادت اللقمة السردينية الأولى تدخل حلقي؛ حتى كانت يد والدي تمسك الصحن الذي أمامي وترميه في الجو كأنه مكوك فضائي أو طبقٌ طائر وصوت والدي الحاسم يخرس أية ردة فعل لدي: يا بتاكل من أكل البيت يا بتنطم وتسكت..!
وفي طفولة ثالثة : شهدتُ شهادةً كاذبة مع أحدهم لأحظى بمشوار على السينما..وكانت المفاجأة إن انكشفت شهادتي..وعاقبني والدي بعد (الكَتْلة) بالحرمان من المصروف والسينما..!
لم أتربَ على الخنصرة؛ لذا لم تصبح عقليتي تجاريّة..حتى إنني لا أعرف للآن كيف (أفاصل) عندما أشتري أو أبيع شيئاً من ممتلكاتي..!
لم تتطلع عيوني لطعام شهي خارج البيت والذين يعرفونني عن قرب يعرفون مشكلتي مع (البوفيه المفتوح)..لأن والدي ربّاني على الشبع قبل الأكل..!
لم أتعلم للآن كيف أنافق وكيف أكذب..وكيف أمسح جوخاً حتى لنفسي..لأنني كلّما أوشكتُ أن أنافق ينتصب والدي كلّه أمامي بنظرته الحادة والغاضبة..!
لذا؛ أستطيع أن أقرّ وأعترف بأن (بوس التوبة) الذي ارتكبته في طفولتي حرمني من أن أسرق الوطن كما يسرق غيري..وحرمني من أن أصل لمراتب عليا لأنني لا أتقن النفاق..
الله يسامحك يا بابا..إلاّ تخلّيني أبوس التوبة ..كان فلّتني وتركتني؛ كان هالحال مش هالحال..كان ابنك الآن تُقام له الولائم وترتعد عند حضوره الأبدان..وتنحني له أشباه الرجال..!
الله يسامحك بس..!