ها أنت تتوجع .. لا عليك ..فأنت من لحظة البكاء تبني للفقراء خطاً جديداً ..لا تمسحْ دموعك ولا تقف عند طعمها ..فليس يهمّ لمَ هذه الدموع ..؟ لأنها ليست للفرح بالتأكيد ..!!
هل توجعك الأخبار ..؟؟ لأنك مغفل ..ألم أقل لك ذات تمدّدٍ على السرير : اسمع الخبر كعنوانٍ فقط ولا تتطاول للوصول إلى التفاصيل ..؟! ألم أرشدك إلى كيفية التعامل مع أخبارك العربية التي لا تحمل إلا وجهاً واحداً هو الخديعة ..!! أنت من تبحث عمّن يخدعك ..لذا ؛ عش بالخديعة واسكب فوقها ما شئت من العسل المغشوش ..!!
هل توجعك الأسعار ..؟ أنت كثير التذمّر ..ووجعك هنا طاعنٌ في الترف ..لأن هذا الموضوع قديم و ممجوج ..ومطلوب منك الاستسلام تماماً لكميّة الوجع القادم ..لأن الأسعار التي تعرفها اليوم ؛ أفضل بكثير من الأسعار التي ستتعرف عليها غداً ..فارضَ بأسعار اليوم و تقرّبْ منها ..لعل و عسى تحجز لنفسك سعراً أقلّ من المجان في الأيّام المُقبلة ..!!
هل توجعك الغربة وسط الأهل و الأصدقاء ..؟؟ ما أكذبك ..!! كل الأبواب مفتوحة لك ..أعطني باباً واحد أُقفل في وجهك ..لكنك دوماً تحب الونونة ..أنت سمكة و الونونة هي ماؤك الذي تعيش فيه ..إن خرجتَ من ونونتك ؛ تحولت إلى احتضارٍ لا يُقاس إلا بما تبقّى له من وقت ..!!
هل توجعك الحريّة ..؟؟ خفّفْ منها قليلاً ..أو ألفَ قليلٍ ..فالحريّة ليست قطعة شوكلاتة تُعطيها لمن تشاء ..أو تأكلها وقتما تشاء ..الحريّة في الشرق وجع حقيقي لا يحملها إلا من وضع لنفسه إشارات ضوئية كل ثانية ؛ كل ألوانها أحمر ..لا تعرف البرتقالي والأخضر بعيد المنال ..!!
لا تتلاعب بوجعك ..احملْ نفسك ..وخُذْ نفساً ليس عميقاً جداً ..أغمض عينيك ..ردّدْ من ورائي : ما أحلى الوجع الساكن فيّ وفيك ..ما أحلى الوجع الساكن فيّ وفيك ..!! رددها عشر مرات ..مائة مرّة ..بل ألف مرّة ..لا تتوقف عن الترديد إلا حينما تقتنع أو تُقنع نفسك غصباً أن الحريّة هي حلم من أحلام الوطن العربي ..وما دمت تحلم بها ؛ فأنت نائم ..لذا ..أفِقْ ..أفِقْ أفِقْ ..تغيرت الدنيا وأنت ما زلتَ بذات الحلم ..!!