في التحليل السياسي الاقتصادي وواقع الحال، والذي أصبح وفي ظل معطيات ميزانية 2014 ينذر ببقاء الأمور تراوح مكانها، نقول وبالرغم من أي شيء، بأنه لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الكبير الذي قام به دولة الدكتور عبدالله النسور في ادارة دفة الأمور، وذلك أمام واقع أمني داخلي وخارجي حساس، ووضع اقتصادي صعب، ومطالب بالاصلاح السياسي، ومطالب كان اطار بعضها الابتزاز لما عشناه في الربيع العربي.
ولكن وأمام ادارة الحكومة لكثير من الملفات بطرق تجرعها المواطن والشارع بمرارة، يشير المشهد الى أن حكومة النسور والتي اعتمدت كثيرا على جيب المواطن، أصبحت متهالكة أمام الرأي العام، ومطالبات بعض النواب بطرح الثقة فيها، كما وأنها أخفقت في تنفيذ كثيرا من أجزاء الخطة التنفيذية التي تقدمت بها كبرنامج عمل لنيل الثقة من مجلس النواب.
اليوم التغيير الحكومي بات مطلوبا لعدة أسباب، منها الرؤية الاصلاحية المطلوبة في الشارع في ملف الحريات والسير نحو الحكومة البرلمانية، والدولة المدنية، ومنها الاصلاح الاقتصادي الهادف والمستدام، والذي لا بد من أن يبنى على أسس علمية وعملية، والذي بات غيابه يرفع نسب البطالة الى معدلات مخيفة، تنذر بالشؤم والمساس بالأمن القومي، وارتفاع نسب الفقر وجيوبه.
هذا ويعد ملف الأمن الوطني واستعادة هيبة الدولة من الأمور الملحة، والتي باتت حجر زاوية في السير قدما في الملفات السابقة. ....انه لا مجال للمراهقة السياسية والتجارب المحبطة في الايام القادمة، ولا مجال للميل مزيدا على جيب المواطن، ولا مجال للاخطاء، فبوصلة ودفة سفينة الوطن تحتاج رئيس وزراء مخضرم، يمتلك الخبرة والتروي والتبصر والحكمة، ويقف في الوسط بين الجميع، ولا يختلف عليه اثنان. وان خيار رئيس الوزراء القادم، يتطلب الدقة والحذر الشديدين.
البوصلة تشير الى رجل من طراز البروفيسور عوض خليفات، الرجل العصامي، الذي نشأ يتيما وعاش حياة المواطن الاردني البسيط، وأصبح اليوم رجل الدولة من الطراز الأول، حيث يبلغ من العمر نيف وسبعون عاما، ويحمل رتبة الاستاذية في التاريخ حيث عمل في الجامعات الأردنية، وكان قد حصل على الدكتوراة من بريطانيا، وعمل في الثمانينيات وزيرا للشباب وساهم في مأسسة العمل الشبابي وبنى الصالات والمرافق الرياضية في كثير من المحافظات، ودعم رواسي العمل الشبابي التطوعي، ومن ثم تسلم وزيرا للتعليم العالي حيث ساهم في رسم سياسات التعليم العالي في بداية التسعينيات في العهد الذي بدأ فيه التعليم العالي الخاص، وارساء دوره في رفد الاقتصاد الوطني وفتح فرص العمل وترويج المملكة عربيا وعالميا في مجال التعليم العالي، ومن ثم ترأس جامعة مؤتة الجناح المدني والعسكري
ونجح في تطوير الجامعة وخططها ومرافقها، وبعد ذلك نجح في الانتخابات النيابية عن لواء البترا، وتسلم بعدها حقيبة وزارة الداخلية، وكان قريبا من جميع الاحزاب لما لديه من عقلية سياسية فذة واحترام للتعدديات والحوار الهادف والبناء، وكان ناجحا في ترتيب الامور الادارية لمؤسسة الداخلية في كل محافظات المملكة، والمؤسسات التي تقع تحت مظلتها، فضلا عن حزمه في تطبيق وتنفيذ القانون، وبما يضمن كرامة المواطن، وتسلم نائبا لرئيس الوزراء لنجاحه في ادارة دفة الداخلية فيما قبل عقدين من الزمان، وتسلم عينا لعدة دورات في مجلس الاعيان ورئيسا للجنتي التعليم والتعليم العالي في المجلس، ومن ثم وزيرا للداخلية ونائبا للرئيس النسور في حكومته الاولى، حيث كان ذلك في أوج الربيع العربي وتقلباته. الرجل لا يحب الاضواء، ويعمل بصمت، وهو بارع في تقديم الحلول السريعة والناجحة المستدامة.
الوصفة الناجحة تكتمل حيث أن البروفيسور خليفات من دعاة اللاخصخصة، وهو من الرعيل الأول والذين عملوا في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وما يميز البروفيسور خليفات هو قربه ودفء علاقاته مع كل عشائر المملكة في المدن والقرى والبوادي والمخيمات، هذا وأنه ليس من رواد الصالونات السياسية في عمان، وكونه ما زال يسدد قرضا شخصيا لأحد البنوك، فهي شهادة بنظافة يده ونزاهته أمام كل المناصب التي تولاها.
انه لا مجال للمراهقة السياسية والتجارب المحبطة في الايام القادمة، ولا مجال للميل مزيدا على جيب المواطن، ولا مجال للاخطاء.... الامور تشير بوصلتها الى رئيس من طراز هذا الرجل، والخيار في النهاية بيد صاحب القرار دستوريا.