نداء جديد لتفعيل المنهاجية العقلانية ، في مواجهة التحديات والأخطار الداهمة ، على إقليم الشرق الأوسط برمته ، والأردن في عيّن العاصفة ، التي تتفاعل ، تتنامى وتتضخم ساعة بعد ساعة ، وربما في كل دقيقة وثانية.
قبل كل شيئ ، وكي لا يعتقد بعض المهووسين أن المكوِّن الأردني من أصل فلسطيني ، هو مجرد شلايا غنم ، يهشها هذا المأفون أو ذاك بعصاً معوَج ، فإن الفلسطيني يُولد ويُدفن بإسم الله وإسم فلسطين ، ويستشهد في سبيل الأردن كما هو الحال في سبيل فلسطين ، غير ذلك فهو يؤمن بأن نهر الأردن المقدس ، شريان حياة لعلاقة الوحدة والمصير التي تربط الشعبين الأردني والفلسطيني ، ويُخطئ بجدارة من يساوره الشك للحظة أن الفلسطيني ، ومهما تكن قدسية تراب الأردن في عقله ، قلبه ، وجدانه وضميره ، أن يتنازل عن ذرة تراب في فلسطين ، هي حق له كما هي للأردني وكل عربي ومسلم ، ففلسطين أكبر ، أهم وأقدس من أن تُختزل في الشعب الفلسطيني ، فهي ضمير الأمة العربية بمسيحييها ومسلميها .
إن من المعيب على كل غيور على الأردن ، فلسطين ، العروبة والإسلام أن يرجم شعبا بأكمله بنعوتات سيئة ، ويُحقِّره بجريرة عُصابي من هنا أو هناك ، أو بموقف فتنوي لهذا الدعيّ أو ذاك ، والأشد عاراً أن تأخذ البعض منا العزة بالإثم ، للحد الذي نُصدق فيه ونُصادق على تقسيمات سايكس وبيكو ، فيما نحن جميعا برسم قرار دولي ، تتم صياغته في منظمة الإيباك اليهودية ، لنرتد جميعا في مواجهة العدو الصهيوني ، الذي يُهدد الأردن وفلسطين ، وكل الدول العربية والإسلامية مجتمعة.
أما وإن توقفنا عند معزوفات الكنفدرالية وأخواتها ، والأوتار الرخوة والأصوات النشاز التي يرددها البعض ، فقد باتت مقيتة ومُملة ولا تُجدي نفعا للباحثين عن الفتنة الإنقسامية ، بين أردني وفلسطيني ، عبر الإستفزاز ، التهريج والتهويج ، فإن دققنا في الأمر ، فهو مجرد وهم ، خيال ، إفتعال ومعارك دينكيشوتية ، يُسوِّقها علينا العدو الصهيوني ، عبر فبركات إعلامية ، ويسعى من خلالها إلى إضعاف الأردن وتهويد فلسطين. الوطن البديل...!!!؟؟؟
عن أي وطن بديل يجري الحديث...؟ ، عن الأردن...؟ - دعونا لمرة أخيرة ، نُفكر عقلانيا ، إن كنا فعلا نحرص على الأردن ، ونتغنى بحب فلسطين ونسعى لتحريرها ، فعمليا ،،، إن إسرائيل هي أكبر عدو لتحويل الأردن وطنا للفلسطينيين ، فإسرائيل تعلم يقينا أن فلسطين بقدسيتها وجغرافيتها وتاريخها الحضاري ، هي قضية أمة مهما يطول الزمن أو يقصر ستعود عربية وإسلامية ، والوطن البديل في الأردن بالنسبة لإسرائيل فضاء جغرافي وديموغرافي يفتح على المجهول ، أقل ما يُمكن أنه سيصبح بؤرة تجَمُّع لكل القوى العربية ، الإسلامية وأحرار العالم ، المناهضة لليهودية العالمية والصهيونية ومن ورائها الإمبريالية العالمية ، ناهيك عن قناعة إسرائيل أن كل فلسطيني ، أردني ، عربي ، مسلم ومسيحي ، هو قنبلة في قلب اليهودي حتى يثبت العكس الذي لا ولن يثبت.
وفي ذات الحديث عن الوطن البديل ، الذي أصبح فزاعة ، عنوان مناكفة وعامل إنقسام بروافده ، التجنيس ، التوطين والمحاصصة وغيرها من الترهات ، التي يسعى كثيرون من خلالها إلى مناكفة الدولة ، ولا يدرون أنهم يُقامرون بالوطن الأردني ، في ظروف قاسية ، فيما الأجدى إن صدقت الوطنية ، هو تصليب الجبهة الداخلية ، رص الصفوف وتفعيل العقلانية لمواجهة تفاقم الأزمة السورية ، التي لا مناص من تأثيراتها السلبية على الأردن وفلسطين في آن واحد.
ليس سراً أن هناك طبخة يجري إعدادها لتسوية سياسية لقضية فلسطين ، وبالتزامن مع طبخة أخر ى تُعد إستخباريا وعسكريا ، لمعالجة الوضع السوري ، كما ليس خفيا على أحد ما يشهده الإقليم من إرباك وتداعيات ، تُقرع من أجلها طبول الحروب ، تتكدس الأسلحة وتتحرك الجيوش ، والأردن في وسط المعمعة ، إن لم يكن برضاه فهو مجبرٌ بحكم الجغرافيا على أقل تقدير ، وهو ما يُحفز على التوقف بين المهم والأهم ، فما بالنا وقد أضحى هذا الأهم تلسع نيرانه أطراف أثوابنا...؟
إن من حيث تمرير التسوية للقضية الفلسطينية ، التي إن مرت فستكون كارثية على الأردنيين والفلسطينيين معا ، وإن من حيث تداعيات الوضع السوري عسكريا وأمنيا ، فهي أيضا كارثية على الأردنيين والفلسطينيين ، لإنه سيكون من أبرز تداعياتها تسييل التسوية لقضية فلسطين ، بما يؤذي الأردنيين والفلسطينيين معا.
إن العقلانية ، باتت ضرورة ملحة لتكاتف القوى الحية في المجتمع الأردني ، بكل أطيافه السياسية ، الإجتماعية ، الثقافية وبكل أصوله ومنابته ، والتمعن في المشهد السياسي ، العسكري والأمني من مختلف جوانبه ، فالخطر داهم والزلزال قادم ، وحين يضرب وتشتعل النيران
لم يعد من سؤال من أين أنت مجديا ، ولا مجال لأحد أن يختبئ بأية عباءَة أو يتلفع ""يتلصم"" بأية كوفية ، فكل الأرجل في الفلقة ، وهو ما يدعو لتفحص النداء ، وإن لم تُصدقوني ، فما على أحدكم إلا أن يجلس مع ذاته ساعة زمن محايدة ، لتنجلي أمامه الحقيقة،،،اللهم إني قد بلغت ، اللهم فاشهد