منذ أسبوع تقريبا والأنباء تتواتر عن مقتل الأسد, فكما قرأنا أن صحيفة " روتر " العبرية نشرت خبرا مفاده أن ضابطا إيرانيا أطلق النار على بشار وتم نقله إلى مستشفى الشامي في العاصمة دمشق آخر هذه الأخبار كانت قبل أيام قليلة, والبيان الذي انتشر منسوبا لـ " لواء الإسلام – جبهة النصرة – لواء سيف الشام " والذي كان ناصحا للجيش السوري أن يَضَعَ السلاح, لأن من يُدافعون عنه قُتِل, كما ذكر البيان عددا من النقاط التي وصفوها بالأدلة على مقتل بشار, منها: "استقالة ميقاتي, والتحصينات الأمنية عند مستشفى الشامي في محاولة اغتيال الأسعد, وغير ذلك ... " !
صفحات الثورة السورية والمتضامنين معها بدا فرحهم بمقتل بشار معتبرين هذا انتصار للثورة . لأول مرة أتمنى أن يظهر بشار الأسد على التلفزيون السوري مكذبا خبر مقتله... إن محاولة توصيف الثورة السورية على أنها معركة بين " حق وبشار ", هي محاولة - أخشى نجاحها- , فتوصيف أن بشار هو القاتل الظالم المجرم "وحده" هوتوصيف خاطىء لا يستهدف إلا القضاء على " أهداف " الثورة السورية .
ربما يلجىء أصدقاء بشار, وربما النظام السوري نفسه إلى قتل بشار, وإعلان انتصار الثورة السورية, وإعلان مسك الثوار للحكم في سوريا, ولكن سيكون الثوار حينها, كالثوار المصريين اليوم, "كسائق جديد لعربة قديمة" , فلا يستطيعون تقديم أي شيء لسوريا, ويواجهون العقبات لتحويل كل ما جرى وسيجري إلى "ثورة" .
مصر وتونس واليمن يشهدون نفس الحكاية, فلا أستطيع أن أصف ما جرى على أنه ثورة, وإنما انتفاضة أو هبة, وهي إنما غضب شعبي, رحل رؤساء "دول الربيع العربي" بسرعة - عمدا - كي لا يتحول المشهد الذي جرى في التحرير وفي ساحات الغضب التونسية واليمنية إلى "ثورة" , وكي لا يكون الشباب الثائر قيادة تقتلع منذ أول يوم لوصولها للحكم أنظمة العهر والظلم من جذورها .
إن الثورة الفرنسية عندما نجحت تم إعدام الملك لويس السادس عشر, وسيق آلاف الناس إلى المقصلة بتهمة "معاداة الثورة" , وموسوليني في إيطاليا تم دهسه بالأقدام, وحاكم رومانيا شاوشيسكو تم إعدامه وزوجته بالرصاص الحي على مرآى ملايين الناس !
إن أمام ثوار سوريا حلان لا ثالث لهما: فإما الحل السياسي عبر مبادرات ومفاوضات تقضي برحيل " بشار وأهله " وبذلك يجري الإلتفاف "الشريف" على الثورة, وهذا الحل غير صائب, ولكن الواقع "للأسف" يقودنا إليه !
وإما الحل الثوري عبر اقتحام مؤسسات النظام في دمشق والقبض على النظام بأكمله وإعدامهم أمام الأرامل والثكالى والأيتام في قلب دمشق, وهذا الحل وإن كان الأصوب ولكن كل الطرق إليه " موعرة " .
إن أمريكا والكيان الصهيوني والعديد من الدول العربية والغربية تخشى الحل الثاني والذي سيؤدي إلى ظهور دولة قوية في المنطقة يهدد مصالحهم الدنيئة, وربما يساندون النظام السوري من تحت الطاولة لصموده, وإرغام الثوار على السير للحل الأول, كما أُرغِم عليه ثوار اليمن !