إلى متى سيمتد ويطول هذا الإنتظار الفلسطيني ؟ وماذا يخبىء ويحمل الزمن القادم لهذه القضية وشعبها ؟ إنها مجرد أسئلة ، ولكن المؤلم فيها أنها تلاحقنا و تواجهنا مع طالعة كل شمس ، أحيانا نستطيع الهروب والفرار منها وبعد أن نتمكن من تعليق الأجوبة على شماعات الصبر، والأمل الذي بفضله لا يزال هذا الإنسان الفلسطيني واقفا على قدميه بالرغم من خطورة المفترق والذي نشعر أن طرقه تكاد تكون مغلقة وفي الإتجاهات الأربعة ، و أحيانا آخرى نكتفي بالتسليم لمشيئة القضاء والقدر ومن غير أن نعلم إلى أين سيكون المفر يا ترى ؟.
لنترك الماضي ، فلا داعي أبدا لتقليب صفحاته وبعد أن شبعنا منه وأشبعناه إذا كنا فعلا جادين في تناول ومحاكاة اللحظة الراهنة التي نعيش من خلالها كل التفاصيل التي بات يتكون منها المشهد الفلسطيني الماثل أمامنا ، فستة عقود وأكثر انقضت ولم يتحقق فيها شيء يذكر، فالنتائج دون المأمول
وقد تكون ما دون ذلك على مستوى بعض الأصعدة التي يتكون منها المجموع العام لفعل النضال الوطني الذي لن ننكر عليه حقه في أنه لا يزال يتواصل رغما عن كل الصعاب التي واجهته ومنذ أن حدثت نكبة الإغتصاب والسرقة التي أقدمت على فعلها وإرتكابها العصابات الصهيونية .
التحرير لم يتحقق ، ولا شيء من الحق التاريخي عاد إلى أهله وأصحابه ، والعودة لا تزال أمل وحلم بداخل النفوس ، وجراح الجسد الفلسطيني تواصل نزفها المعهود الذي اعتدنا عليه ، والثورة ومنظمة التحرير وكل فصائلها كلها أصبحت في خبر كان أو بقايا من الأطلال ، والمعاهدات والإتفاقيات وما تمخض عنها من مفاوضات وسلام يتراكم ويزداد فشلها وعبثها عاما تلوالآخر ، وشعارالدولتان سيظل حبرا على ورق فهذه الأرض لا تتسع إلا لدولة فلسطينية واحدة فقط ، و هذه السلطة هي كما التائه في الصحراء وبلا بوصلة في يديه يستدل بها ليعرف شماله من جنوبه .
إن الإلتفاف على الحقيقة ومواصلة الدوران حولها ما عاد يجدي ، وكل ما يجري من تمثيل على خشبة المسرح سيظل أعجز وأضعف من أن يحرر شبرا واحدا ، وإستمرار المراهنة على الأمم المتحدة ودعم الموقف الدولي لن يقود إلا إلى النهايات المغلقة ، والجامعة العربية بعيدة كل البعد وهي خارج كل الحسابات التي لها علاقة بفلسطين وشعبها وبعد أن انتهت لتكون كالعجوز الواهية التي شاخت وهرمت فلا هم لها إلا أن تتجمل ببعض المساحيق لتثبت عبثا على أنها لا تزال فتية وشابة ، خصوصا بعد أن اعترف البعض من أعضاءها على انهم ليسوا سوى نعاج وحملان .
لقد جاء الوقت الذي يجب فيه على شعبنا أن يعي ويستوعب كل هذا الذي يدور من حوله ، إنها اللحظة الأهم والأنسب لكي يتواجه فيها مع نفسه وذاته ، إنه الأوان الأمثل لكي يقرر إذا ما كان لا يزال متسلحا بحق إستعادة وإسترجاع وطنه المغتصب ، فالعدو كان دائما يسعى لقتل الروح عند شعبنا وهويرتكب الجريمة تلو الأخرى ، ومن هنا فقد أصبح مفروض علينا أن نثبت له بأنه قد فشل في تحقيق هذا الهدف ، فالروح لا تموت وأنها تعرف طريق الإنبعاث والتجدد إذا ما كانت في موضعها الصحيح على درب النضال وهذا ما يجب أن ينعكس فعلا على أرض الواقع .
بضعة مئات من أبناء شعبنا صنعوا المستحيل على أرض الطور وبيت إكسا عندما أقاموا وفتحوا بابا للشمس وللكرامة ، بخطوة بسيطة من مخزون المقاومة الشعبية استطاع الشباب الأعزل أن يفرض حالة من الإستنفارعند قيادات هذا العدو السياسية والعسكرية ، فأرسلت كل قطاعات جيشها المسعور وراحت تمارس ساديتها وبشاعة تنكيلها بالأجساد البريئة التي لا ذنب لها سوى أنها أرادت أن تحمي حقها في أرضها ، كم كنا
نتمنى لو أن الألاف هبوا من مختلف محافظات الوطن لنجدتهم والوقوف إلى جانبهم ولكن وللأسف فهذا لم يحدث ، ولذلك تمكن العدو منهم وحقق هدفه ونفذ الجريمة كما هي عادته ، وتفوقت القوة العمياء على الجسد الضعيف ، ولكن الروح المبصرة ظلت حية وقوية وحلقت منتصرة لتبحث عن أرض إشتباك جديدة ، وعن باب جديد نحوالحرية .
هذه هي الأفعال التي يجب أن يقدم عليها شعبنا ، وهذه هى الأبواب التي يجب فتحها إذا ما أردنا لهذا الإنتظار الفلسطيني أن لا يطول ، وهنا يجب أن يشتد ويتنامى التنافس بين الأهل في كل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية ، فالشتاء راحل ، والربيع قادم ، وشعاع الشمس لا شك في أنه سيكون أقوى وأشد وأكثر دفئا ، فلنكن على أهبة الإستعداد لفتح الأبواب والنوافذ وفي كل ارجاء أرض الوطن ، وسندعوا لهذا التصادم مع عدونا بأن يستمر ويتصاعد لأنه الدواء الأمثل في الوصفة اللازمة لتقصير عمر هذا الإنتظار وتقريب يوم التحرير والإنتصار .