آخر الأخبار
  الافتاء تدعو الأردنيين للمشاركة بصلاة الاستسقاء   الأردن .. الدفاع المدني يتعامل مع 51 حادث اطفاء   الأردن على موعد مع موجة برد سيبيرية مبكرة: برودة شديدة وصقيع منتظر الأسبوع المقبل   أجواء لطيفة في معظم المناطق اليوم وكتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن الأحد   الخيرية الهاشمية”: إرسال أكثر من 57 ألف طن من المساعدات إلى غزة منذ بدء العدوان   نحو 6200 لاجئ غادروا الأردن منذ مطلع العام لإعادة توطينهم في بلد ثالث   وزير الدفاع الإيطالي: سنضطر لاعتقال نتنياهو إذا وصل إلى إيطاليا تنفيذًا لمذكرة الجنائية الدولية   هل تتضمن موازنة 2025 رفعاً للضرائب؟ الوزير المومني يجيب ويوضح ..   البنك الأردني الكويتي يبارك لـ مصرف بغداد بعد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق   الإدارة المحلية: 75% من موازنة البلديات رواتب للموظفين   توجيه صادر عن وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس ماهر ابو السمن   تعليق رسمي أردني على مذكرة اعتقال نتنياهو   تركيب 170 طرفا صناعيا عبر مبادرة (استعادة الأمل) الأردنية في غزة   الصفدي: تطهير عرقي لتهجير سكان غزة   هل ستلتزم دول الاتحاد الأوروبي بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ جوزيف بوريل يجيب ..   الملك يؤكد وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء اللبنانيين   هام لطلبة الصف الـ11 وذويهم في الاردن .. تفاصيل   السفير البطاينة يقدم أوراقه لحلف الناتو   100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة   القضاة يؤكد دعم الأردن لفلسطين اقتصادياً

هيكلة الشركات ... يا دولة الرئيس

{clean_title}


دولة الرئيس رغم الغمة التي سببها قراركم برفع اسعار المحروقات ، في هذا الوقت العصيب ، وبهذه النسب المرتفعة ، وبرغم قناعتنا بان الدعم الموعود ، لن يزيل الاثار السلبية للقرار ، حيث سيشمل ارتفاع الاسعار كل شيء في الاردن ، حتى الحطب ، وهو البديل عن المحروقات ، الا ان ما اوردتموه في لقاءاتكم التلفزيونية ، من خطط عمل للتقشف وارشاد الانفاق والبذخ الحكومي ، قد اثلج صدورنا ، ونحن نعيش على امل التنفيذ ، حتى ان هناك مواطنين قد دعوا لك بالبقاء رئيسا للوزراء ، الى ما بعد الانتخابات القادمة ، كي تنفذ ما عودت به .


لقد عشنا في العقد الاخير ، لنرى العجب العجاب ، في بلد الانسان فيه اغلى ما نملك ، راينا القهر للمواطن يزداد كل يوم ، فعدا عن النهب والسلب للمال العام ، حتى اقفرت الخزينة ، راينا البذخ الحكومي في منح النواب والاعيان والوزراء ، رواتب تقاعدية مؤبدة ، من مال الشعب الفقير المنهك ، حتى لو قضى في العمل العام ساعة واحدة فقط ، واعتقد ان مثل هذا الامر العجيب ، لا يوجد الا في الاردن

في الوقت الذي يتبدل فيه الوزراء كل عدة اشهر ، وتقصف اعمار مجلس النواب الى سنتين بدل اربعة ، كما حدث في المجلسين الاخيرين ، وهو اجراء اثلج الصدور ، لكنه قهر الشعب ، وهو يرى نوابه يتسابقون لنهب المال العام ، برواتب تقاعدية غير مبرر ابدا ان تكون مؤبدة ، وقد سبق لحكومة سمير الرفاعي ، ان اتخذت قرارا وطنيا بمنح النواب مكافاة بدلا من الراتب التقاعدي ، خاصة ان العديد من النواب من صغار السن ، وسوف يستنزفون الخزينة المقفرة اصلا برواتبهم التقاعدية العالية

ونحن نعلم ايضا ، ان معظم النواب ، قد فازوا بمقاعدهم النيابية بالمال وشراء الذمم ، وانفقوا الملايين ومئات الالوف على حملاتهم الانتخابية ، فما حاجتهم للرواتب التقاعدية المؤبدة ، هولاء النواب ، الذين ادعوا جميعهم ، انهم ترشحوا للنيابة من اجل خدمة الشعب والوطن ، لنجدهم يمارسون النهب المقنون لمال الشعب ، حتى اصبح المواطنون يكفرون بالديمقراطية التي جاءت بمثل هولاء ، ويتمنون عودة الاحكام العرفية ، التي سبقت عام 1989 .

دولة الرئيس ...لقد اثلج صدورنا حقا ، ما سمعناه في مقابلاتكم التلفزيونية ، من توجهكم لالغاء ودمج المؤسسات المستقلة ، التي لا نعرف لمعظمها اسماءا او عددا ، وتفاجأنا بمعرفة اسماء بعضها منكم ، وسرنا ان تتهكم على بعض الاسماء ، لاننا ادركنا حينها انك ابن الشعب ، الذي رأى المآسي امامه من الولادة اللاشرعية لهذه المؤسسات ، التي اصبحت وكرا للمتنفذين ، لتوظيف بناتهم وابنائهم ، برواتب فاقت الخيال ، وبدون عمل مجدي ، وكاننا نعيش شريعة الغاب ، واصبحنا نشك اننا نعيش في وطن حقيقي .
لقد طالعتنا الاخبار اليوم ، بان مجلس الوزراء قد اقر تعديل الهيكلة ، لجميع مؤسسات الدولة ، وهذا يؤكد لنا صدق توجهكم ، ونتمنى ان تستمر وزارتكم ، فترة مناسبة ، لتحقيق هذا الانجاز الثوري .

دولة الرئيس ... ليست الهيئات المستقلة فقط ، هي من كفرت المواطن الاردني بوطنه ، وخلقت حنقا اجتماعيا ، وهيأت لصراع طبقي في المجتمع الاردني ، بعد نشوء طبقة جديدة ، هي طبقة اصحاب الرواتب الخيالية ، والامتيازات اللاشرعية ، وخاصة في الشركات التي تعرضت للخصخصة ، فهذه الشركات التي ابرزت عشرات التساؤلات عن مبررات خصخصتها ، وميررات هذا الفرز الطبقي الجديد ، ومبررات الرواتب الخيالية التي تمنح لبعض موظفيها وليس كلهم ، لقد خلقت الخصخصة ، شرخا كبيرا ليس بين ابناء المجتمع فحسب ، بل بين الموظفين انفسهم في هذه الشركات ، التي ادارها الاجنبي ، واعتمد في ادارتها على بعض المدراء العرب ، من عديمي الضمائر والانتماء الوطني ، فمارسوا ابشع اشكال القهر والتمييز ، ضد ابناء وطنهم ، من العاملين في تلك الشركات ، بعد ان وفر لهم المستثمر الاجنبي ، كل وسائل القهر .

دولة الرئيس ...في شركات كبرى مثل البوتاس والفوسفات ، الاف الموظفين وعشرات الالاف من العائلات ، يعتاشون من رواتبهم فيها ، وقد كانوا قبل الخصخصة ، يتقاضون رواتب مجزية وعادلة التوزيع ، اضافة الى اشهر اضافية كالثالث عشر والرابع عشر ، ومكافاة انتاج مجزية في نهاية العام ، وانظمة توفير وتامين صحي ومكافات نهاية خدمة مجزية ايضا

وكان هولاء الموظفين موضع حسرة للموظفين الحكوميين ، الذين يحملون نفس مؤهلاتهم ، فجاءت الخصخصة ، ومنحت المدراء ثلاثة الى خمسة اضعاف راتبهم القديم ، ومنحت بعض الموظفين العاديين ضعف رواتبهم ، لكنها حرمت اخرين من الزيادة المنصفة بالراتب ، رغم خبرتهم الطويلة ، ورغم ما بذلوه من جهود منهكة ، وتعرضهم للخطر على حياتهم ، وهم بناة هذه الشركات ، وما زالوا في البوتاس يستصرخون الضمائر ، منذ اربعة اعوام ونصف ، حين عدلت الادارة الكندية من الرواتب

والحق يقال انها ارادت انصاف الموظفين وزيادة مستوى رفاهيتم ، لكن المدراء العربان ، تلاعبوا بهيكلة الرواتب هذه ، ولم يعتمدوا اي اسس في توزيعها ، بل كانت اسس المحسوبية والشللية والاقليمية ، اسال يا دولة الرئيس كم عدد القضايا المنظورة في المحاكم ضد شركة البوتاس ، اسال اقاربك الذين يعملون في البوتاس والفوسفات ، عن حالها الان بعد الخصخصة ، واسال عن العدالة المفقودة ، اسال عن حال المتقاعدين منذ سنوات قريبة ، بمن فيهم مدراء سابقين ، اصبح تقاعده الان اقل من نصف تقاعد عامل يحمل شهادة الابتدائية ، والفارق الزمني بينهما ، سنوات لا يتجاوز عددها ، عدد اصابع اليد الواحدة .

دولة الرئيس ...اننا نطالب دولتكم ، ان تلتفت الى هذه الشركات ، وتتدخل لاعادة هيكلتها ، رغم ثقتنا العالية ببعض من يجلس على راس الهرم فيها ، وهم من خيرة رجال الاردن ، وبعضهم حديث العهد في ذلك الموقع ، نثق بصدقه في اعادة العدالة المفقودة ، لكننا نريد تخفيض الرواتب الخيالية التي يتمتع بها المدراء وحتى الموظفين ، نريد العدالة لابناء الوطن كلهم ، وليس في شركة ما .


اسال يا دولة الرئيس عن ممارساة المدراء في الشركات المخصخصة ، واسال عن حجم الظلم والقهر الذي يعيشه مئات العاملين ، اننا نطالبكم يا دولة الرئيس ، وانت ابن الاردن البار ، والعالم الاقتصادي ، الذي احتل مواقع هامة في الدولة الاردنية منذ اكثر من اربعين عاما ، ان تعم ثورتكم ضد هذا الفساد المقنون ، ليشمل الشركات المخصخصة ، وسوف يسجل التاريخ اسمكم باحرف من نور .


اننا نعتقد يا دولة الرئيس ، انه لا يوجد مسؤول في الاردن ، يتحمل مسؤوليات اكثر جسامة من مسؤولية الوزير ، وبالتالي لا يجوز لاي موظف في القطاع العام او الهيئات المستقلة ، او الشركات المخصخصة ، ان يتقاضى راتبا اعلى من راتب الوزير ، ولا يجوز ان ننهك الضمان الاجتماعي ، ليدفع لهم رواتب تفاعدية عالية ، بعد مضاعفة رواتبهم خمس مرات ، في سنة واحدة ، ولا يجوز ان نمارس القهر ضد اغلبية مواطنينا ، العاملين في القطاع العام

لقد استمعت مرة الى طبيب اخصائي في مستشفى حكومي ، يخبرني بمرارة كيف ان راتبه لا يتجاوز السبعمئة دينار ، وان سائقا في المستشفى قد استقال من عمله ، وعمل في احدى الشركات المخصخصة بنفس العمل ، وجاء الى الطبيب المختص ، ليبلغه ان راتبه في الشركة يعادل الالف والاربعمئة دينار

هل لكم يا دولة الرئيس ، ان تتخيلوا حجم الاحباط ، الذي يعانيه ذلك الطبيب ، ونفس الشيء بالنسبة للمهندس والفني والعامل والموظف ، حرام ان يكون الشرخ بهذا الحجم ، بين من يحملون نفس المؤهلات ، ويؤدون نفس العمل ، انني اطالب دولتكم بالتدخل ، لاعادة الوضع في الشركات المخصخصة ، الى ما كان عليه قبل الخصخصة

لا نريد زيادة في الراتب تفتقد للعدالة ، ونحن نفتقد الامن الوظيفي ، لا نريد لوحوش زادت الرواتب الخيالية من وحشيتهم ، فافتقدوا كل احساس بالوطنية ، فزاد القهر وزاد الظلم ، على من حرم من العدالة ، وعاش كفاف يومه براتبه الزهيد ، وفي الوقت الذي "يجلط" فيه كل يوم ، وهو يرى من هم في كفاءته ومؤهلاته ، وربما اقل منه ، يتباهون برواتبهم العالية ، فالعدالة العدالة يا دولة الرئيس ، نحن من يتوسم فيك العدالة والجرأة في الحق ، وانت رجل القرار الصعب ، لقد زرعت فينا كلماتك ، املا جديدا بالمستقبل القريب .

فراس عوده
19/11/2012