آخر الأخبار
  القوات المسلحة تتعامل مع جماعات تعمل على تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة   إنفجار جسم متفجر في الزرقاء ووفاة شخص وإصابة شخصين اخرين   وزير الزراعة: توفّر زيت الزيتون المستورد في الأسواق خلال مدة أقصاها 10 أيام   هيئة الإعلام تمنع التصوير خلال امتحانات الثانوية العامة دون تصريح   تأجيل رسوم الفصل الثاني لطلبة المنح والقروض   توضيح حكومي حول قرار الغاء إنهاء خدمات الموظفين بعد 30 سنة   محمود عباس: السلطة الفلسطينية مستعدة للعمل مع الرئيس ترمب والوسطاء والشركاء من أجل صنع السلام العادل والشامل   "رفض التبديل" .. يزيد أبو ليلى يكشف كواليس الهدف الأول في نهائي كأس العرب   إعفاء القماش المستورد لإنتاج الأكياس البيئية من الرسوم   فصل التيار الكهربائي عن مناطق بالأغوار الشمالية غدا   أورنج الأردن تواصل دعم الشباب وتختتم جولة خطوط YOمعاك بتجارب تفاعلية في الجامعات   مهم حول صرف رديات 2024!!   الحكومة تدرس استخدام سيارات الإسعاف لمسرب (الباص السريع)   وزير الاقتصاد الرقمي : تحديث شامل لتطبيق سند   غرفة تجارة الأردن: منحة تدريبية في إيطاليا لخريجي الجامعات   الحكومة تقر تسويات ضريبية جديدة   السميرات: بوابات إلكترونية في مطار ماركا مطلع 2026   حسان: ملتزمون بتصويب استيضاحات ديوان المحاسبة أولا بأول ومنع تراكمها   الحمادين: ديوان المحاسبة حقق وفرًا ماليًا 22.3 مليون دينار خلال 2024   أكثر من 17 ألف مخالفة لمركبات حكومية .. و82 حالة عبث بالتتبع الإلكتروني
عـاجـل :

الصراع على القدس ومعادلة جديدة للقوة يفرضها الفلسطينيون

{clean_title}
د. منذر الحوارات

لا تمتلك القدس أهمية استثنائية فيما يتعلق بالموقع الجغرافي او التجاري فهي لا تقع في نقطة مميزة جيوسياسياً بحيث تتصارع عليها الأطراف المختلفة لتحوزها، لكنها ومنذ نشأتها على يد اليبوسيين منذ الآف السنين كانت بؤرة للصراع بين قوى مختلفة، مما يشير الى أهميتها التي تتجاوز الجغرافيا السياسية الى ما هو أعظم بكثير من ذلك، فهذه المدينة التي لا تتجاوز مساحتها الكيلومتر مربع تهفو إليها أفئدة نصف سكان الكرة الأرضية، او ما يعادل اربعة ملايين إنسان من أنصار الديانات الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية، وهي بالنسبة لكل طرف بوابة مهمة لرضا الله، وكل طرف من هذه الأطراف يتفاعل مع المدينة من خلال روايته الدينية الخاصة والتي تعتبر بنفس الوقت خرافة بالنسبة للطرف الآخر، نتج عن كل ذلك صراع مرير على المدينة عبر العصور أدى الى حصارها وتخريبها وتدميرها عشرات المرات، وربما تكون هي المدينة الأكثر تعذيباً من قبل محبيها عبر تاريخ مدن المعمورة، ومع كل ذلك بقيت المدينة صامدة وبقي أهلها الأصليون بجذورهم الراسخة باسقين في سمائها فقد عبروا على كل الغزاة واستطاعوا العيش والبقاء في مدينتهم.

وفي العصر الحديث تعرضت فلسطين وسكانها الى أكبر مصائبهم عبر التاريخ وذلك حينما وجدوا ان المكان الذي يعيشون فيه قد تحول فجأة الى اسرائيل، وأن ما لا يقل عن مليون إنسان أصبحوا بطرفة عين دون وطن في بلاد الشتات لاجئين ومشردين وهذه قصة أخرى، لكن الحدث المهم فيما حصل هو لجوء هذه الدولة المصنوعة حديثاً الى تغيير معالم الواقع المكاني والتاريخي لفلسطين فحاولت منذ البداية فرض سردية جديدة تجعل الرواية الإسرائيلية هي صاحبة اليد العليا وهي تركز على أن المكان يهودي في جذوره، وأن الاقوام الاخرى والمعني بهذه الجملة هم الفلسطينيون طارئون و محتلون، فبدأت بتغيير الاسماء وتاريخ الأماكن وقصصها التاريخية، إلا مكان واحد استعصى على كل تلك المحاولات هو مدينة القدس، فقد حاولوا منذ البداية حيازتها إما بصناعة رواية يهودية لتاريخ المدينة وحذف الروايات العربية سواء الاسلامية أو المسيحية من خلال فرض أمر واقع على الأرض يجعل أي وجود آخر متعذرا او شبه مستحيل، ولأجل هذه الغاية بدأت بمحاولات جادة لانهاء الستاتيكو الموقع في العهد العثماني عام ١٨٥٢م والذي نص على احترام الوضع القائم لكل الأديان.

وفي السنوات الأخيرة زادت اسرائيل في صلفها وهيمنتها بسبب التزاوج الذي حصل بين المتعصبين من الجماعات الصهيونية المسيحية الاميركية، والجماعات اليهودية المتطرفة، وهؤلاء وأولئك قدريون يؤمنون بأن قيام دولة إسرائيل ضرورة حتمية لإتمام النبوءة بعودة المسيح الى العالم، لذلك بدأت هذه الجماعات بالتعاون مع حكومة الاحتلال بتبني خطة لتهويد الأماكن المقدسة بشكل واقعي دشنها أرئيل شارون في العام ٢٠٠٠ م، حينما قام باقتحام المسجد الاقصى والتي أدت الى انتفاضة فلسطينية عارمة لكن بعد ذلك بدأت دولة الاحتلال بمحاولة لإخراج الاطراف الاخرى من معادلة الوجود في المدينة وأهم من ركزت عليهم المؤسسات الفلسطينية في المدينة والرعاية الأردنية من خلال الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة فقد حاولت بكل ما أوتيت من قوة إنهاء هذا الوجود، أما بالنسبة لمقاومي المحاولات الاسرائيلية وبسبب أجواء السلام السائدة مع الدول العربية فهي لا تستطيع الآن الإدعاء بأن أمواج العرب المحيطين بها تهدد بقاءها وتريد إلقاءها في البحر لكنها استغلت النظرة السلبية للإسلام في العالم الغربي وبدأت تروج بأن هؤلاء ليسوا سوى متطرفين إسلاميين يريدون إفناءها.

ورغم كل محاولات دولة الاحتلال، والتي استطاعت ان تهزم جيوشاً عربية عديدة واستطاعت ايضاً ان تستثمر الدعم الأميركي لهزيمة السياسيين العرب بفرض ميزان القوة وليس العدل، إلا انها تواجه الآن جيلاً فلسطينياً قرر شيئاً واحدا أن الاقصى له هوية واحدة اسلامية وأن مدينة القدس لكل الأديان ولن يسمح لدين واحد أن يحتكرها، هؤلاء لم ترهبهم قوة الاحتلال النارية ولا تعصب المتطرفين اليهود ولا دعم اليمين الأميركي، فقد قرروا منذ زمن أن الصراع لن يحتكم الى معادلة الأقوى والأضعف بل القادر على الصمود من عدمه، والتاريخ اثبت أن أهل الارض هم الأقدر فقد قرر الفلسطينيون الصمود، لذلك جاء الوقت الذي يحتم على دولة الاحتلال الاعتراف بميزان القوى الجديد وأن تقر بمعطياته المفروضة عليها من قبل شعب يأبى الاستسلام.