آخر الأخبار
  هذا ما ستشهده حالة الطقس غداً الثلاثاء   ما سبب حادث السير المروع على طريق الزرقاء؟ ادارة السير تجيب ..   كارفور تغلق كافة فروعها في الأردن   توقعات بإقرار الحد الأدنى للأجور في هذ الموعد!   الكشف عن تفاصيل جديدة بخصوص السفينة الحربية الإسرائيلية التي عبرت قناة السويس   %54 من النساء المطلقات بالأردن دون سن 30 سنة   الأردن استقطب مشاريع بناء اجنبية بـ 19 مليار دولار في 11 عاما   محافظة: لن نتهاون في سلامة الطلبة   بعد إشعال المستوطنين لعدة سيارات في البيرة .. وزارة الخارجية الاردنية تصدر بياناً   الشميساني .. سقوط سيارة "بحفرية بناء" وتحطمها وإصابة السائق / فيديو   المواصفات للمواطنين: بلغوا عن التلاعب بعبوات زيت الزيتون   إسقاط عضوية نائب بالبرلمان السوري لحمله الجنسية الأردنية   رسميا .. ترشيح العرموطي لرئاسة النواب   الحكومة تؤكد استمرار تثبيت سعر الخبز وأسطوانة الغاز   التربية تعلن جدول امتحانات الدورة التكميلية للثانوية العامة - تفاصيل   الزائر الأبيض.. حقيقة تساقط الثلوج الشهر الحالي   هام للأردنيين .. تعديلات على خطوط و أجرة مسارات للباص السريع   وزير العمل: لا توافق حتى الآن على قيمة الحد الأدنى للأجور   الأمانة: نظام نقل ذكي قريباً في عمان   إطلاق بوابة صاحب العمل لخدمات التفتيش والسلامة والصحة المهنية

نعم فاز الخبز

{clean_title}
جراءة نيوز - المحلل الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات يكتب ..

كان يوماً حافلاً بالمفارقات ، حينما انطلقت قاصداً دائرتي للإدلاء بصوتي ، على طول الطريق لم يغب منظر طوابير يتزاحم فيها الناس للحصول على اضعاف حاجتهم من المؤن ، بدون اي تدابير احترازية ، لم يغب هذا المنظر ابداً رغم المسافة غير القصيرة بين منزلي ومكان التصويت والتي تصل لعشرات الكيلومترات ، حينما وصلت المكان المخصص والذي بدا شبه خالي ، دخلت مكان الاقتراع قوبلت بمنتهى الاحترام ، وشاب غاية في التهذيب سلمني قلماً وكفوف ، وأرشدني الى داخل غرفة الاقتراع ، وبعد التحقق من هويتي وقعت على استلام دفتر التصويت ، ادليت بصوتي ووضع الحبر على اصبعي ، ودعني الشباب بلطف شديد ، وانطلقت بعدها رحلة عودتي ، هذه العملية منذ دخولي باب المركز حتى الخروج لم تستغرق سوى ثلاث دقائق ، وتذكرت انني توقفت في طريق الذهاب لأشتري ربطة خبز ، وجدت اني لن احصل عليها خلال ساعة من الزمن ، فتنازلت عنها لما بعد العودة .
استجمعت الاحداث بعد وصولي المنزل ، بدأ السؤال ، نعم الخبز حاجة للحصول على الطاقة والحيوية ، وايضاً الانتخابات حاجة للحصول على المستقبل ، اذاً لماذا فضل الناس حاجة الحاضر وتناسوا حاجة المستقبل رغم وجود كل التسهيلات في واحدة وسيل هادر من الصعوبات في الثانية ؟ بالذات في وقت جائحة تعصف بكل من يمُرّ في طريقها ، ففي مراكز الاقتراع يقدم لك الكمامات والكحول والكفوف ، وقلم الحبر ، والترحاب ، ومع ذلك يبدو المكان وكأنه غادره الناس منذ زمن ، وفي المكان الاخر لا شيء مما ذكر ومع ذلك يعج بالبشر ، ألا يُقال ان المنهل العذب كثير الزحام ، لكني رأيت الحال انقلب هنا ، فما المعضلة اذاً ؟
اعتقد أن على كل معنيّ بهذا الامر ان يقف مطولاً عند هذه الواقعة ، لماذا يعزف الناس عن المشاركة في الانتخابات ؟ والمفروض انها تشركهم في صناعة القرار والمستقبل ، لكن هل هذا صحيح ؟ لو كان الأمر كذلك لتهافتوا على الصناديق ، لو كانت لديهم القناعة بأن صوتهم يحمل من القيمة ما يجعله هو الرهان الوحيد للمستقبل لما تأخروا لحظة ، فقد صوتوا او شاهدوا من صوتوا خلال عقود مضت ، وعاينوا السياسة والاقتصاد والتعليم ومنظومة القيم ، فوجدوا ان نوابهم المختارون على مدى العقود كانوا يتلقون القرارات جاهزة وكان عليهم فقط التوقيع ، لقد شاهدوا وعاينوا خلال السنة الاخيرة حصاد عقود مضت ، وحجم الهشاشة التي تعاني منها مؤسساتهم والتي ظنوا ذات يوم انها مصدر فخرهم ، وإذ بهم يتسمرون دهشةً ويتحسرون على تواضع أدائها في مواجهة جائحة كورونا ، ولا انسى انهم تسمروا طويلاً امام الشاشات لمدة اشهر وهم يشاهدوا ويستمعوا لإنجازات الحكومة المبهرة ، وكانت الصدمة ان كل ذلك الكلام كان كذباً وهراء .
أشهر وهم يستمعون لأكاذيب لا حصر لها ، ومجلسهم الذي انتخبوه كما يُفترض غارقاً في سباتٍ عميق لا حس ولا خبر ، إذاً فلم يعد مجلس النواب من هذا المنظور مكسب ولا صانعاً لمستقبلهم ، وبالتالي ليس انعكاساً لإرادتهم ولا يعدو عن كونه أداةً بيد الحكومة هي من تأتي به وهي من تقرر أجنداته ، وهي تريد الناس مجرد شهوداً على هذه المهزلة التي تتكرر كل اربع سنوات ، وفي جردة حساب لكل اربع تزداد الأمور سوءاً وتراجعاً ، أليس هذا مبرراً لتزاحمهم بالمئات على بوابات المخابز فهنا رغم الصعوبة سيحصلون على مرادهم رغم الجهد المبذول ، وهناك رغم السهولة الظاهرة ليس من أمل للحصول على شيء وإن تزاحمت الوعود ، إذاً رغم جائحة كورونا والحجر القادم وإرهاق الجيوب ، وقهر عزلة المنزل بلا عمل او وارد للبيت فاز في السباق رغيف الخبز لأن نتائجه مضمونة ، وخسر صندوق الاقتراع لأنه أضغاث احلام لن تتحقق طالما لم يقتنع العقل الباطن للدولة أن إشراك الناس فعلاً لا زوراً هو طريق الخلاص الاول لكل ما نعانيه الآن .