آخر الأخبار
  سلامي: تواجد المنتخب في المجموعة العاشرة جيد   مديرية الأمن العام تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي المتوقعة   "النشامى" والأرجنتين والنمسا والجزائر في دوري المجموعات بكأس العالم 2026   وزارة الزراعة: لم تُسجل حالات غش داخل مهرجان الزيتون الوطني   الغذاء والدواء: لا تشتروا المنتجات إلا من منشآت مرخصة تخضع للرقابة   هذا ما ستشهده حالة الطقس في المملكة خلال الساعات القادمة   العثور على جثة شخص مقتول داخل منزل في لواء الأزرق   تسرب غاز يودي بحياة ثلاثة أشخاص وإصابة آخر   الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة على الواجهة الجنوبية   الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية تستضيفها عمّان الشهر المقبل   النقل البري: رقابة مشددة على التطبيقات غير المرخصة وتسعيرة تنافسية قريباً   إدارة الأزمات تحذر: اضطرابات جوية خلال 48 ساعة وسيول محتملة في عدة مناطق بالاردن   منخفض البحر الأحمر يؤثر على الأردن نهاية الأسبوع وزخات رعدية من الأمطار مساء السبت   يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته   بيان صادر عن "ميليشيا ياسر ابو شباب" حول مقتله؛ لا صحة للأنباء حول استشهاده على يد الحركة بل قُتل أثناء فضه لنزاع عشائري   وزير المياه: قطاع المياه بالأردن "ليس له مثيل عالميًا" .. و"لا يوجد أي دولة توفر خدمة المياه لمواطنيها أسبوعيًا“   بني مصطفى: التزام وطني راسخ بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة… وجمعية رعاية الطفل الخيرية نموذج تطوعي متميز في مجال الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة   حارس النشامى: الجماهير جعلت اللاعبين يشعرون وكأنهم في عمان   من "إدارة التنفيذ القضائي" للأردنيين .. تفاصيل   العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد بالشفاء للخلايلة والطراونة

سر الكلمة

{clean_title}
تقول ملحمة جلجامش بأن الملك السومري جلجامش كان مستبدا وظالما ، وقد بنى حول (اوروك) عاصمة بلاده سورا هائلا عن طريق إجبار الناس على العمل بالسخرة، وفي ظروف بالغة الصعوبة. ولم يكتف بذلك بل كان يجبر كل رجل ينوي الزواج على ان يرسل زوجته في ليلتها الأولى الى الفحل جلجامش ليقوم بـ(الواجب).
 كان الناس آنذاك يؤمنون بالآلهة المتعددة ، وقد اشتكوا الى أحداها –اعتقد انها اورورا- فاستجابت لنواح اهل اوروك ، وخلقت (انكيدو) كائنا وحشيا وقويا يعيش في البرية ، وقد اشتكى اليه الأهالي ظلم جلجامش ، فطلب مبارزته حتى يردعه عن معاشرة نساء البلد رغما عنهن.
وبالقفز عن بعض التفاصيل، فقد اشتبك البطلان في معركة طاحنة ارتجت لها أرجاء الأرض ،لكن جلجامش ينتصر في النهاية .وبعدها يصبح انكيدو وجلجامش صديقان لا يفترقان ، وينطلقان في مغامرة ويقتلان حارس غابة الآلهة، فتغضب منهم إحدى الآلهات، وتعرض الأمر على الكبار، ويقرر مجمع الآلهة معاقبة جلجامش ، وبما ان (ابو الجلاجل) تسري في عروقه دماء الآلهة من والدته، فقد قرروا قتل صديقه  انكيدو عقابا له ..وهكذا، بكل بساطة ..مرض انكيدو ..ومات.
ما علينا!! كانت وفاة انكيدو أول مواجهة لجلجامش (ابو النساوين)مع الموت ، فقرر أن يبحث عن الخلود لروحه الفانية. وقد علم أن هنالك رجلا وزوجته نجيا من الموت في الطوفان العظيم وصارا مخلدين .فاتجه اليهما في رحلة شاقة ،ليبحث عندهما عن سر الخلود. 
المهم،تقابله احدى الآلهات – ربما تكون سيدوري- وتنصحة بالعودة والاستمتاع بما تبقى له من الحياة بالأكل والشرب وما الى ذلك من لذائذ الحياة ، لكن أخونا جلجامش العنيد يرفض ذلك ويستمر في رحلته.
يقابل جلجامش الرجل الخالد وزوجته ، فيطلب منه الأخير أن لا ينام لمدة ستة أيام وسبع ليال ليحصل على الخلود، لكن جلجامش يغلبه النعاس ويفشل في إكمال المدة. فتحنو عليه زوجة الرجل الخالد وتخبره أن هناك عشبة في قاع بحر (دلمون) سوف تمنحه الخلود ان حصل عليها وأكلها.
ينزل ِجلجامش الى اعماق البحر ويحضر العشبة ، ويحملها معه في طريق العودة الى أوروك، وكان ينوي أن يجربها على آخرين قبل تناولها (على طريقة بعض مصانع الأدوية حاليا) . في الطريق يتوقف للشرب ولقضاء حاجاته ، فتأتي الأفعى وتسرقها وتأكلها).
وهكذا يعود أخونا جلجامش الى بلاده خالي الوفاض ، لكنه عندما ينظر من بعيد الى السور المحيط بمدينته أوروك ، يدرك أن هذا السور هو الذي سيخلده لدى الأجيال القادمة.طبعا، اثبتت الأيام أن جلجامش كان مخطئا واندثر السور منذ قرون ولم يخلد حتى نفسه.
لكن ما خلد جلجامش هو (أو هي) الكلمة . ما خلد جلجامش كانت هذه الملحمة الرائعة التي عبرت القرون والسنون وانتصرت على صروف الدهر لتصل الينا ، ولولاها لكان جلجامش مجرد اسم ملك عادي جدا مذكور في الألواح الطينية بكل حياد.
هذا هو سر الكلمة  الذي لولاه  لتحول جلجامش من ملك كبير وصاحب ملحمة كبرى الى (ع الهامش)لا يعرف اسمه الا كبار علماء الاثار المتخصصين. 
وعلى ذكر الهامش فإننا  جميعا- عربا وعاربة ومستعربة- نعيش ولا نحيا على الهامش لأننا افتقدنا سر الكلمة وسحرها ، وتخلينا عن رحلتنا الملحمية في أتون الحياة، وانصعنا لنصيحة سيدوري ، وعدنا ناكل ونشرب ونشاهد التلفزيون والفيديو متكئين على الأرائك نائمين.