عدنان البخيت في آل البيت

أمضى الدكتور عدنان البخيت قرابة عقد من الزمن في تأسيس جامعة آل البيت بين عامي 1993- 2000م، وآنذاك شيّدت الجامعة لها سمعة علمية كبيرة، واستقبلت طلاباً من مختلف الجنسيات، وخرّجت وزراء في ماليزيا والأردن وربما دول أخرى، وكوّنت سمعة علميّة نادرة الحدوث، فقلة من الاساتذة الأردنيين كانوا بها، وكان اغلبية الطلبة اجانب في الفوجين الأول والثاني.
تماهت الجامعة مع فكرة آل البيت، ليس كحزب ديني أو جماعة مؤمنة تحتكر الدين، بل كانت الجامعة تُدرّس الفقة على المذاهب السبعة، الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والإباضي والجعفري والزيدي، وكانت مادة علوم القرآن اجبارية على كل الطلبة، ومادة مناهج البحث العلمي عند طلاب الماجستير اجبارية وكتابها المرجعي مقدمة ابن خلدون، ولكل طالب بكالوريوس أن ينجز بحثا يشكل 25 % من التقييم، لذلك كانت المكتبة لا تغلق أبوابها ما دام فيها طالب واحد، وجميع الطلبة تقريباً كان لهم سكن داخلي فسكن ابن معان مع ماليزي وسكن ابن الكرك مع غيني وابن السلط مع احد ابناء جمهوريات آسيا المستقلة.
النشاطات العلمية كانت تملأ الجامعة، والحريات مصانة وهناك عزف بيانوا ليلي للموسيقار يوسف خاشو رحمه الله، والملاعب تفتح لمنتصف الليل، والدراجات الهوائية وسيلة تنقل الطلبة وبعض الاستاذة، كنا نسأل هل نحن في الأردن؟ وكان الجواب نعم، لكن في جامعة محصنة مستقلة لا يتدخل بها أحد إلا الرئيس. 
ترك عدنان البخيت الجامعة 2001 في قرار  من رئيس حكومة سابق، وأبقى خلفه سمعة نادرة، فهو مؤسس بارع في إدارة العصبيات والعقليات والكفاءات وحتى في إدارة الغضب، زرع 46 الف شجرة زيتون وطبق الحصاد المائي وصارت مطاعم الجامعة تطبخ من خضروات الصحراء، كل هذا مع إصراره على أن يفتش على قيافة الموظف وهندامه، وهذا أمر لم يعجب البعض لكنه اقنعهم بحتمية احترام المؤسسة.
طبعا كان له معارضون وخصوم وكارهون، بيد أنه كان حريصا على التواصل مع ابناء المنطقة ويشركهم في حل معضلات الجامعة، ويؤدي واجب العزاء في اي مكان موغل بالصحراء، فاحترمه الصغار والبسطاء كما الكبار أمثال الراحلين طلب ابو عليم وتركي اخو ارشيدة، وللرجل كانت قدرة على ممارسة هندسة خاصة من علاقات المؤسسة بالمجتمع المحلي، ولم يرضخ ولم يهن نفسه، فاقنع الناس بعمله وعلمه، لكنه لم يفرط باستقلالية الجامعة.
كان يسمع النقد والصوت المرتفع الغاضب على صرامة الاجراءات والتعليمات، فكل طالب مطالب بلغة اسلامية واجنبية يدرسها على ايدي معملين اتراك وفرس وأردويين ومالويين، ثم ما الذي يجعل طالب هندسة برمجيات أو احياء يُجبر على قراءة مقدمة ابن خلدون والاختبار بها؟ كانت تلك الطريقة وسيلة الإناسة والأنسنة الوحيدة للطلبة، القادمين من شتى البقاع، ومن مختلف مدن الأردن.
من زملائنا هناك عبدالله صابر من نيجيريا وفودي الذي جاء قبل أن تفتح الجامعة أبوابها بنصف عام وبرغبة تعلم العربية والدين، ولمّا لم يكن أمام الرجل وسيلة رزق والجامعة لم تكن فتحت أبوابها، فقد شغّله الدكتور البخيت عامل زراعة وقبل فودي بتلك الوظيفة حتى التخرج.
اليوم البخيت رئيس مجلس امناء الجامعة، في أحسن الأحوال كان التذمر في زمنه يعبر عنه عمال الزراعة جراء صعوبة متابعة الشجر الممتدة باتساع، وهو اليوم بمسألة استاذة اقتحموا مكتب رئيس الجامعة، والذي خرج من مكتبه دون حيلة منه على مواجهة الغضب، لترك الأمر للقضاء لاستعادة الهيبة.
آل البيت التي خرجت قضاة ووزراء عدل تريد من مؤسسة القضاء اليوم اعادة الهيبة لرئيسها، لكن على كل رئيس قادم ان لا يذهب ويجلس مع البخيت لساعات ليطّلع على تجربته، فتكرارها صعب؛ لأن البخيت قائد فذ ويحترمه الناس من العقبة إلى الرمثا، برغم كل اختلافات البعض معه أو عليه.