معالم في طريق حكومة الرزاز
إلى حد ما لم نتفاجأ بتركيبة الحكومة الجديدة . كان خروج الخارجين متوقعا ،وشمل من طالهم النقد الشعبي في معمعة قانون الضريبة سيء الذكر . ردود الفعل تركزت على بعض الوزراء الجدد ممن لم يكن يتوقع أحد دخولهم ، إضافة الي نسب توزيع الحقائب والمظهر العام لتلك النسب وبالذات التي ترتبط بشكل مباشر بالمواطن.
يوصف رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بأنه رجل دقيق للغاية ،يتمتع بذاكرة قوية وعقلية رقمية، وله خبرة تراكمية طويلة وسجله ممتلئ بقصص النجاح في العمل العام ، وبالأخص أدائه المميز خلال تولية حقيبة وزارة التربية والتعليم التي جاء منها وكانت على ما يبدو الشعرة التي رجحت كفتة وأهلته للجلوس على كرسي الرئاسة.
سيغرق الوزراء الطازجون مباشرة في ملفات شائكة ،وعليهم إنقاذ أنفسهم واجتياز الامتحان الأصعب وقد أصبحوا منذ الآن تحت مجهر جلالة الملك ، وتسلطت عليهم الأضواء الشعبية ما ان تم الإعلان عن أسماءهم ، وأظنهم سوف يجتهدون لإثبات قدراتهم على النجاح ليكونوا عند حسن ظن من اختارهم في هذا الوقت العصيب .
السؤال الذي حضر مبكرا . كيف يمكن للرئيس ان يدمج الجميع في دعمه والوقوف الى جانبه ، ويلتصق بجميع أطراف المعادلة ، ويحدث نقلة نوعية غير اعتيادية تناسب المرحلة وتعقيداتها، وكيف يمكنه حمل الأوزان الثقيلة التي سيلقى بها على كاهله أصحاب المصالح المتضررة من التغيير ومن برامج التصحيح ، إضافة إلى تجنب الاصطدام مع الشارع الذي لا يزال تحت وقع المعاناة و ينتظر منه الكثير، وإرضاء أطيافه المختلفة التي رفعت سقف التوقعات وأصبحت تحلم بحكومة فاعلة وطاهرة مطهرة من دنس الترهل والفساد؟.
تقليل المسافة الفاصلة بين الحكومة والناس تعتمد على قوة الجاذبية التي يمارسها الرئيس الذي كسب في البداية ، وارتفعت أسهمه ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التفاؤل بعد محو قانون الضريبة بالتزامن مع مدد الأشقاء ، ثم تهاوت في لحظة فور الإعلان عن قائمة الوزراء التي طال انتظارها، ووصفت بأنها مخيبة للآمال وجوبهت بنقد شديد ، مما يضع على كاهله عبء آخر جديد ، وسيحتاج الى انجازات مضاعفة يلمسها الناس لإزالة الصورة الأولية المشوهة، وإعادة الثقة الى مستوياتها العليا كما بدأت ويبدد مخاوف التشكيل.
رب ضارة نافعة . لقد كشفت الأزمة عن عمق العلاقة مع الأشقاء الذين كان لهم الدور الأكبر في حل ضائقتنا المالية ،إضافة إلى أنها أبرزت الديمقراطية الأردنية ، وجعلت مشهدها أكثر وضوحا أمام أعين العالم، ومن خلالها كذلك عرفنا الكثير من الذين إن تمسسنا حسنة تسؤهم وان تصيبنا سيئة يفرحوا بها .