نعم لفرض هيبة الدولة وسيادة القانون

هيبة الدولة عنوان المرحلة القادمة وفرض سيادة القانون كان عنوان لقاء وزير الداخلية مع بعض الاجهزة الامنية يوم امس، فالمرحلة التي يمر بها الوطن هذه الايام مثار قلق وتحد كبيرين لكل اطياف المجتمع من مدنيين وعسكريين، فقد زادت ظاهرة التطاول على القانون والمس من هيبة الدولة، فالبعض ينصب من نفسه يدا وذراعا غير نظيفة للتعدي على حريات الاشخاص بسبب وبغير سبب تماما كالتعدي على الحريات العامة، ولم يكن لهذا الوضع الجديد ان يظهر الى السطح وينتشر كوباء خطر لولا تقاعس بعض المواطنين الذين نجلهم ونحترمهم عن اداء دورهم الاساسي والاسري في الاضطلاع بمهامهم ومسؤولياتهم كآباء وارباب اسر, فالمجرمون والزعران والسراق وفارضي الاتاوات ومتعاطي المخدرات وحاملوا الاسلحة ليسوا الا شبابا بعمر الورد يعيشون مع اسرة اردنية وتحت سقفها وفي ظل كنفها.
باستطلاع بسيط لفئات الخارجين عن القانون بكافة اشكاله نجد انهم من فئة لاتتجاوز الخامسة والعشرين من العمر في اغلب عناصرها ومن الذكور ايضا، ولعل هذا لايخفى على أي مراقب في الوطن، فلماذا تنحرف هذه الفئة من المواطنين عن مسار المواطنة الطبيعية والصحيحة ؟، ولماذا يتكرر جرمها وخروجها عن القانون؟.
هل العيب في القانون؟، ام العيب آليات التطبيق؟، ام ان من امن العقاب اساء الادب؟.
اسئلة كثيرة تطرح على طاولة البحث والتحليل، واجاباتها تبدأ من البيوت والاسر الاردنية، فمن الذي يجب ان يكون رجل الامن الاول في الوطن، اليس رب الاسرة؟، اليست الاسرة جميعها مسؤولة تكافليا عن مراقبة ومتابعة وتربية ابنها، ومعالجة أي خلل في سلوكه وتعديله بالوقت والمكان المناسبين؟؟
ومن زود الشاب بالمال والاخطر منه السلاح الذي لايجوز باي حال من الاحوال ان يكون بيد غير الدولة وليس أي شخص آخر مهما علت درجته او مكانته او موقعه، فاذا كان المال هو السبب الذي اوصل الشاب الى طريق الهلاك والدمار بالوصول لمكامن السم ومواضع بيع المخدرات وتعاطيها ، فالحل اوضح من طرحه، حيث ان رب الاسرة امام مهمة معرفة كل دينار يعطيه لابنه بماذا صرفه واين وكيف، والا فان ابنه محاط بكثير ممن يتخاطفه بين الغث والسمين والنظيف والقذر وطرق الدمار والهلاك.
لم تعد المشكلة طافية على السطح فقط ، بل باتت تؤرق الجميع، فبعد ان كنا ممرا لمهربي السموم والمخدرات اصبحنا نواجه مشكلة حقيقة تستنزف شبابنا وطاقاته وماله ومستقبله، ولم يعد الامر يعني جهة دون غيرها، فاليد الواحدة لاتصفق وحدها، والاجهزة الرقابية والامنية لاتستطيع وحدها وقف ظواهر الاجرام والافساد والخروج عن القانون وحمل السلاح والعبث به، فالتهديد للجميع والخسارة على المجتمع بأسره، ولايجوز ان نضع رؤوسنا في الرمال ونسير على رأي المثل ( ان حادت عن ظهري بسيطة)، فالشباب جميعا مهددون بالتأثر بما يشيع وينتشر بين فئاتهم جميعا، والتحصين بوسائله المختلفة يتطلب تظافر الجميع اسرا وقطاعات اهلية ووسائل اعلام واجهزة امنية للضرب بيد قوية على كل من تخول له نفسه العبث بامننا وافساد شبابنا، ولعلها دعوة صريحة وواضحة لتجريم حمل السلاح وامتلاكه او المتاجرة فيه، فالسلاح بيد دولة القانون وليس بيد احداث صغار لايعبئون بخطورته او ابعاد حمله والتهور في استخدامه.
نعم لسيادة القانون، والف نعم لفرض هيبة الدولة على كل شبر فيها ونعم للانصياع لكل مامن شأنه ابقاء ابنائنا وبناتنا وشبابنا بعيدا عن كل مايؤذيهم ويدمر حياتهم ومستقبلهم، ولا والف لا للتطاول على حريات الاشخاص والحريات العامة التي كفلها دستورنا الاردني، في ظل مانواجه من اخطار محدقة بنا من كل الاتجاهات، فنحن في امسَ الحاجة لتحصين جبهتنا الداخلية اولا بكل الوسائل ومختلف الاليات والسبل، ونشد على يد عطوفة مدير الامن الذي حدد الوجهة والاتجاه للمرحلة القادة بكل صراحة وشفافية، فلنكن عونا له وسندا، ولنضع ايدينا بايدي رجال الامن لدرء الخطر الداخلي والافساد الذي ربما ساهمنا في وصول ابنائنا له بغير قصد.
وخلاصة الامر اننا لن نجد من يحل مشاكلنا ومشكلاتنا ومايؤرقنا الا انفسنا، ولن نستطيع ارجاع العجلة للوراء حينما يستفحل الداء والتطاول على الوطن وقانونه، ولن ينفعنا ندم او تحسر لانه حينها يكون الاوان قد فات لاسمح الله، فكل منا على ثغرة من ثغر الوطن، وواجبنا ومسؤوليتنا ان لايؤتى من قبلنا، حمى الله الوطن وقيادته واهله، واخذ بيد رجال الامن قادة وضباطا وافرادا لما فيه خير الجميع.