الطلاق علة التفكك و الانهيار في المجتمعات

بعد موجة التقدم و الازدهار في مظاهر التكنولوجيا التي غزت معظم الشعوب الإسلامية و التي تباينت في طريقة التعامل معها وفق ما يتماشى مع منظورها الخاص الذي يخضع لعدة اعتبارات لها تأثير على سلوكيات الفرد، فباتت تلك المظاهر تشكل قفزة نوعية كبيرة في حياة تلك الشعوب خاصة و أنها لم تألف هذا التطور الهائل في وسائل التكنولوجيا المتقدمة في مختلف نواحي الحياة، وهذا ما تسبب في ظهور عدة مشاكل في المجتمع، فكما هو معروف أن وراء كل علة سببا ، و أن الأسرة هي أساس كل مجتمع فكيفما تكون يكون المجتمع؛ لان الشجرة تعتمد كلياً على جذورها في طريقة رسم حياتها التي ستكون عنواناً لها ، و تعتمد منهجية التعامل مع التكنولوجيا على مدى رجاحة العقل و النضج العلمي و الفكري للمستخدم لها فإن كانت على مستوى عالٍ فإن الأسرة سوف تشق طريقها بكل يُسر، و سهولة، و ستكون حينها من اعرق، و انضج الأسر المتقدمة في فكرها، و عقليتها المواكبة لكل الأحداث، و القادرة على التعامل معها بأفضل الطرق و بالتالي الخروج بأفضل النتائج الايجابية وصولاً لتحقيق أفضل الغايات، و الأهداف الدقيقة ، أما إذا كانت الأسرة ليست بالمستوى المطلوب من العلم و الفكر و النضوج العقلي فيقيناً أنها ستدخل في دهاليز مظلمة تجعلها لا تميز بين الناقة، و الجمل، و حتماً ستسيء التعامل مع هذه الثورة المعلوماتية التي ستكون عليها وبالاً و ستجلب لها الويلات، و تجعلها في وضع لا تُحسد عليه، فتكثر فيها المآسي، و النكبات وفي مقدماتها ارتفاع معدلات البطالة وما يرافقها من تدني كبير في مستويات المعيشة و انعدام سبل العيش و هذا ما يكون مدعاة إلى الانهيار الكامل و التفكك التام في أسس و أركان المنظومة الأسرية في المجتمع و يكون نذير شؤم عليها حينها سنرى طوابير كثيرة، و جيشاً مهول من المطلقات، و المشردين بسبب استفحال ظاهرة الطلاق في المجتمع الواحد، وهذا نتيجة طبيعية لما تعرضت له الأمة من انعكاسات سلبية نتيجة التعامل الخاطئ، و الغير مدروس لوسائل التكنولوجيا الحديثة، وما أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها من شرخ، و هوة، و انفتاح كبير للخيانة الزوجية، و التعدي السافر على رسالة السماء، وما تضمنته من أحكام، و شرائع حددت بموجبها الحقوق، و الواجبات للرجل، و المرأة، ولم تترك الباب مفتوحاً للإنسان يفعل وفق أهواءه الخاصة، فالأسرة نواة المجتمع، و صلاحه منوط بالتماسك الأسري الذي يقوم على أساس التفاهم، و الود، و المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة، و أساسها هما الزوجان، فالأسرة السعيدة يسودها جو من المحبة و الود، و الحنان، و الاحترام المتبادل بين جميع الأطراف، وهي بدورها تكون سبباً في تقدم، و رقي المجتمع، و بخلاف ذلك سنجد الأسرة تعيش اجواءاً مشحونة بالشك، و عدم التفاهم، و البغض، و القسوة مما يعرضها إلى الانهيار التام في أي لحظة و الذي قد يؤدي إلى الفشل الذريع بين الزوجين، فترتفع وتيرة المشاكل الاجتماعية بينهما المؤدية للطلاق علة تفتت بناء المجتمع و الذي لا تنعكس آثاره على الزوجين فقط إنما يتعدى إلى الأبناء من جهة، و كذلك تأثيره السلبي على مستقبلهم و جعله في طور المجهول من جهة أخرى وهذا ما سيلقي بضلاله على نفسياتهم ومعه سينتج جيلاً من المجرمين الحاقدين على الأسرة و المجتمع معاً .