سيارة "أبو فوزي"

فرحت كثيرا، مثل بقية الشعب المسخّم، بمركبة رئيس حكومتنا الجديدة "لنج"، التي قيل ان ثمنها كفيل باطعام فقراء خمس محافظات، وكحّلت عيوني برؤيتها، ﻻ لشيء إﻻ لأنني رجل يهوى تجميع صور مركبات المرسيدس، رغم عدم اقتنائي نوعها يومًا وﻻ احلم، لكني حزنت في ذات الوقت، على المركبة المرفهة التي ستضطر للتنقل فوق مطبات شوارعنا وحفرها وخنادقها، التي ستغافل اطاراتها ذات مشوار رئاسي، وربما تلعن الساعة التي قدمت فيها من مدينة "شتوتغارت" ، لبلادنا !.

وبما ان سعادة الرئيس تهمنا، مثلما تهمنا أيضا سعادة مركبته، فمن واجب عمدة عمان الجديد "لنج" هو اﻻخر، اتخاذ كافة اﻻجراءات الكفيلة بعدم إزعاج "سنوبرسات" مركبة الرئيس، وﻻ اطاراتها ومكابحها ، واﻻيعاز فورا لكوادر اﻻمانة بترقيع الحفر في شوارع العاصمة، وضبط مناسيب المطبات بما يتوافق مع ارتفاعها عن اﻻرض، ويتناغم مع مشيتها و"أكساتها" ..

وزيرا اﻻشغال والبلديات، يتوجب عليهما التحرك فورًا ، وترقيع حفر شوارع المحافظات التي قد تزورها مركبة الرئيس، وتزفيت الطرقات التي قد يخطر ببالها السير عليها، حرصًا على راحتها وسلامتها، فهي ما زالت بـ"الكرتونة"، وغريبة بلاد، ﻻ تعرف بعد عاداتنا وطرقاتنا.. وأكرام الضيف واجب عند اﻻردنيين ما مثله واجب.

وزير اﻻوقاف.. عليه التوجه من فوره لدار الرئاسة، و"يرقي" مركبة الرئيس الحبيبة، ويقرأ عليها آيات الحسد، ويبخّرها بالفاسوخ والناسوخ، ويقلد مرآتها بـ "خرزة زرقاء"، كي ﻻ تصاب بعين ﻻ قدر الله .. مثلما عليه أن يوعز بتوحيد خطبة الجمعة القادمة، بالدعاء لها من كل شر وقر .. اللهم امين.

معالي وزير الصحة، مطلوب منه ايضا تحضير كادر طبي متخصص لفحص المركبة، واﻻطمئنان على صحتها.. جوزاتها .. بيضاتها .. غمازاتها.. اذني محركها، وسلندراتها..كل شيء .. حتى تطمئن قلوبنا عليها ويهدأ بالنا ..

على مدير اﻻرصاد الجوية هو اﻻخر.. ان يحدد تمامًا توقعات دائرته بمواعيد تساقط المطر، بشكل دقيق دقيق .. ان بقي في فصل الشتاء من عمر يذكر، وتحديد أوقات ارتفاع الحرارة وانخفاضها .. بالدقيقة والساعة، كي نضمن أن ﻻ تبرد مركبة الرئيس ﻻ قدر الله ، أو تسخن، وﻻ تصاب بضربة شمس مباغتة تؤثر على طلائها.

سيارة أبا فوزي، لمن ﻻ يدرك الأمر.. ليست للفشخرة كما يروج بعض الحاقدين، بل تحمل دلالات ومؤشرات سياسية واقتصادية مقصودة، أبعد من ذلك بكثير، وأعمق من جهلهم..

سيارة أبا فوزي المرسيدس إس أبصر قديش.. تحمل رسالة مفادها بأن أحوالنا اﻻقتصادية بألف خير والحمد لله، ووضعنا "زينون" يخزي العين .. وهو الامر الذي اراد الرئيس بثه في نفوسنا .. وإﻻ، ﻻشترى " كيا سيفيا" خالي قص قلبان .. بدون حلفان يمين.. صدقوني !!