قُم

في تِلكَ اللحظة الفارِقة تردّدَ الفتى ثُم قرّر الصَمت ،بالجِوار قرّر آخرون لا يعرفهُم أن يصمتوا أيضا ،كانوا في حاجة دفعة واحدة فلو قامَ لقامَ الفِتيةُ جميعاً فوافقوا مقالتَه وساندوا قضيته وشاركوهُ بعضَ رِسالتِه لكنهُم في لحظةِ انقطاعٍ عن السماء قرروا الاكتفاء بالحسابات الأرضية فوجودا أنهم قِلّة وأن قيامهُم لن يُغيِّـر من الأمر شيئاً بل سيُودي بِهم إلى التهلُكة ..

مرّ ذلك المجلسُ بسلام ولم يقُم الفتية ولم يقولوا شيئا ولم يبذلوا سببا ً ليربطَ الله على قلُوبِهم ، لم يَجهروا برسالتهِم ولم يُعارضهُم أحد ولَم يُطارِدهُم أحد ولم يأووا إلى الكهف ولم ينشر الله لهم من رحمتِه ،إستمرَ شعبُهُم في سُباتِه ألفَ سنَة ومكثَت أمّتُهُم في كهفِها طويــلاً حتى شاءَ اللهُ أن يمُر فتى آخر بتلك اللحظةِ الدقيقَة ، أن يتردّدَ كما تردد غيرُه وأن يرتبكَ ويخاف ويشّك ويقلق ،ولكن أن يُقرّرَ الحِسابَ بمنطقِ السماء فيَقومَ ويقُولَ ما بجُعبتِه ، فآزرُه آخرون مِثلُه فانتشرت رسالتهُم وراجَت بضاعتُهُم
وأًصبَحُوا سُورةً تُتلى .

لأنهُم فِتيةٌ ( قَامُوا ) ..
أنتَ الآن تشعُرُ بنفسِ الإرتباك وذاتِ التردد والقلق ، تعتقدُ أنكَ غيرُ قادرٍ على تركِ أثر،أن ما تواجهُه أقوى منك بكثير ،وأنك مُجردُ فتى لا تملكُ بيديك ولسانك وقلَمِك ما يستطيعُ زعزعَةِ هذا الواقِع ، أنتَ مُراقَب يا رفيقي صدقني ،لعل قرارات عادية وانسحاباتٍ بسيطة قُمت بِها في طريقِك لَم تُلقِ لها بالاً قد صرَفت الكثيرين عن ذلكَ الطَريق .

كُن الأول في قِيامِك فالقِيام أوّلُ الإستخدام، بلسانِك وقلَمِك وبصماتك الشفّافة التي لا تُرى لكنها هُناك في مكانٍ ما ، تَعني الكثيـر .

#قِيامَتُـك ..