رأس سالومي!

استهداف كتائب القسام وحركة حماس، بالتضييق والحصار، لا يخدم سوى إسرائيل، فحماس هي العنوان الوحيد الآن لمقارعة المشروع الصهيوني، ومحاربته بكل ما أوتيت من قوة، وأي إضعاف لها يعني تقوية هذا المشروع، هذه بديهيات يبدو أنها تغيب عن أذهان البعض، وهم يتحدثون -بذم وتحقير- عن آخر فصائل المقاومة الفلسطينية، التي باتت مرفوضة على صعيد النظام العربي الرسمي، بل بدأ ملاحقتها بشكل شرس، باعتبار ما تمارسه «إرهابا» خارجا عن «القانون» يستحق المساءلة والمحاكمة والتنكيل!
الاستخلاص الأهم من هذا المشهد، الذي يعري كل ما ازدان به خطاب النظام العربي الرسمي، من حرص على فلسطين وأهلها، باعتبارها «قضية العرب الأولى» هو أن إسرائيل لم تقم، ولم تستمر، ولم تستقوِ على شعب فلسطين، والعرب، بأسلحتها وجبروتها فقط، بل استقوت على العروبة بأيدي أبنائها، الذين أشبعونا كلاما منمقا عن القومية والعروبة والوطنية نهارا، ثم هم يذهبون آخر الليل للسهر في حضن سالومي، التي تأبى أن ترقص إلا إذا رأت رأس عز الدِّين القسام مقدما لها على «الطشت»!
كل التحليلات والأخبار والدراسات الاستشرافية التي تحفل بها صحف العرب الورقية والإلكترونية، ومراكز دراساتهم، لا تساوي ثمن حذاء مستعمل، إن تغافلت عن هذه الحقيقة الجارحة، لأنها إن حادت عنها، تكون مضللة وكاذبة ومتآمرة مع القتلة، أيها العرب العاربة.. ارفعوا الغطاء عن إسرائيل لمدة أربع وعشرين ساعة فقط، وانظروا ماذا يحدث!
السلاح العربي الذي لا يتوجه إلى إسرائيل ليس سلاحا عربيا، ولا يمت لهذه الأمة بصلة، ومن يحاول أن يُسوِّق هذا الكيان المتوحش، ويجعله جزءا من المنطقة العربية، لم يقرأ القرآن الكريم، وبالتالي لم يعلم مكانتهم في كتاب الله تعالى، حيث نجد أنه ذكر أهل الكتاب (يهودا ونصارى) في 99 آية، وذكر (النصارى والنصرانية) في 60 آية، وذكر (الصابئة) في 3 آيات، وذكر (المجوس) في آية واحدة، بينما اختص ذكر (اليهود) من بين الأمم والديانات بـ 278 آية!!
إن هذا الكتاب الذي يتلوه المسلم على مدار اليوم والليلة، في صلاته، زاخر بتشخيص بني إسرائيل، ومكرهم، وخروجهم عن الإنسانية، وهو كتاب يُتَعبَّدُ به، ويتغلغل في النخاع الشوكي للمسلم، وفي تلافيف الدماغ، وليس بوسع محكمة أو نظام، أن يغير حرفا في آية، من تلك الآيات الـ 278 .
المتبجحون من بني إسرائيل الحديثة اليوم بزهو القوة، وطول اليد، وجيشهم الذي لا يُقهر، هؤلاء لم يستطعوا أن يكسروا شعبا محاصراً، جواً وبحراً وبراً، عربيا وصهيونيا ودوليا، وصمد هذا الشعب مدة اثنين وخمسين يوما، فيما لم تصمد جيوش في الأربعينيات والستينيات سوى ساعات أو أياما، ما يؤكد أن الحروب الحقيقية الوحيدة التي خاضها العرب ضد كيان العدو، لم تكن غير تمثيليات بائسة الإخراج!
المجد لكل يد نظيفة تقاوم، ولتقطع اليد التي تمتد لها بأذى.. أما «سالومي» فلا شك أن رأسها سيقدم ليحيى ذات يوم قريب!