الاشنع من سلوك داعش

لا أعتقدُ أنَّ أحداً منّا لم يتأثرحينَ شاهد مقطع الفيديو الذي ظهر فيه الشهيد الطيار الاردني " معاذ الكساسبة " يُعدم حرقا بأسلوب وحشي فظيع على يد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام " داعش " !! عبّر السّوادُ الأعظمُ -- أردنيّا وعربياً -- عن إنكارهم ورفضهم لهذا السلوك , واصفينه بالبشاعة والفظاعة والبعد عن الانسانية , مع التأكيد على براءة الدين الاسلامي منه جملة وتفصيلا , ولكن ومع كل هذا التأكيد الواسع , تظهر في هذه الأثناء أصواتٌ من كبار المثقفين والمتعلمين من -- أبناء جلدتنا -- يُصرون على وجود دلائل وبراهين في تراثنا الاسلامي -- على حد زعمهم -- استند اليها تنظيم داعش في سلوكهم الوحشي !! يمثل هذا المشهد العجيب معضلة حقيقة لا بد من الوقوف عندها وقفة تأمل , فالمنطق العقلي يستوعب دوما وجود مغالطات يسعى الغرب الى اظهارها ونشرها عن الدين الاسلامي لكي تكون أشبه بصورة نمطية ملاصقة له على الدوام عند ذكر أي شي يتعلق به , وهذا ما يظهر جليا واضحا في ايجاد علوم خاصة تدعى " علوم الاستشراق " وملخصها تكليف مجموعة من العلماء الغرب قد تفرغوا تماما وبدعم من حكوماتهم لدراسة الشرق وعلومه , وبالأخص الدين الاسلامي ومن ابرز أهدافه كما هو معلوم لدى الجميع " الهدف الديني " الساعي الى تشكيك المسلمين بدينهم وتنفير الشعوب الاخرى منه , من خلال اثارة الشبهات والمغالطات حوله بين الفينة والاخرى !! يستوعب العقل ذلك الفعل اذا ما كان من علماء ومستشرقين غربيين لهم اهدافهم من خلال اثارة المغالطات ونشر الشبهات حول تاريخ الدين الاسلامي ,, أما ما لا يستوعبه المنطق العقلي أن يقوم بهذا الدور والمهمة -- علماء ومثقفون -- من أبناء الشرق نفسه ,, يسعون جاهدين متربصين لأي حادثة حتى يبثوا سمومهم وأفكارهم بأسلوب غريب !! ليست مشكلتنا -- مبدئيا -- مع تلك الزمرة الشاذة من حيث أسلوب تفكيرها وتسويقها لبضاعتها , المشكلة هنا ( وتحديدا حين يكون الحديث عن صورة وشخصية أمة كاملة كانت في يوم من الايام سيدة أمم الدنيا وبدون منازع , لها تاريخها العريق المشرف سطره أبنائها من خلال ضربهم أروع الامثلة في الالتزام الحق والفهم الواعي الدقيق لتعاليم دينهم الذي أخذوه من نبعه الصافي بدون شائبة , كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) . المشكلة الحقة هنا كيف ستكون صورة الاسلام اذا كان من يدينون به من المثقفين العرب والمسلمين هم ذاتهم من يطعن به ويؤكد صفات البربرية والوحشية والقتل وسفك الدماء عبر تاريخه الطويل !! أليس هذا الصنيع بربكم أشنع من سلوك داعش بأضعاف مضاعفة !!