اتفاقيات حقوق الانسان الرئيسة وانسجامها مع الانظمة السعودية

اتفاقيات حقوق الانسان الرئيسة وانسجامها مع الانظمة السعودية ازداد الخوض - في الاونة الاخيرة - في موضوع حقوق الانسان في السعودية، واكتسب اهمية خاصة ، ليس لانه جديد عليها او على الشريعة التي التزمت بتطبيقها ، فقد كرم الله سبحانه وتعالى الانسان واعلى من شانه فقال جل وعلا ( ولقد كرمنا بني آدم على العالمين) ،وهذا يعني رعاية هذه الحقوق وحمايتها وتطبيقها، فتأسست لذلك في المملكة العربية السعودية الجمعية الوطنية لحقوق الانسان، كهيئة غير حكومية للعمل على تحقيق هذا الهدف الرباني.

ان حقوق الانسان بمفهومها الواسع تشمل حقوقا اساسية ومدنية وسياسية واجتماعية وثقافية، وهي ما تولاها الفقه الاسلامي بالتفسيروالشرح والصيانة والحفظ ، ووضع الاحكام واشتراط التنفيذ ،والربط بالاسباب والمسببات، وكلها مصانة محفوظة - وان كان ثمة بعض المخالفات من بعض منسوبي الاجهزة الحكومية والمواطنين على السواء - كما رصدت ذلك الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الانسان؛ فان لكل قاعدة شواذ.

وانطلاقا من تطبيق المملكة للشريعة الاسلامية التي تدعو بطبيعتها إلى احترام حقوق الانسان في الحياة والتسامح والعدالة والمساواة وسيادة القانون وغيرها ؛ فقد اكدت المادة (26) من نظام الحكم السعودي على التزام الدولة بحماية هذه الحقوق وتطبيقها ، وقد انضمت السعودية إلى معظم اتفاقيات حقوق الانسان، وهي في طريقها للانضمام إلى ما تبقى من تلك الاتفاقيات، وذلك مما دعا إلى اختيار السعودية عضوا في اول مجلس دولي لحقوق الانسان ؛ نتيجة لهذا النهج الايجابي ، ولكنها ما زالت لم تنضم إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال وافراد اسرهم المقررة من الجمعية العامة للامم المتحدة.

وفي مناقشة الاطار العام للاعلان العالمي لحقوق الانسان... فمع انه يعتبر من اشهر وثائق حقوق الانسان بالنظر لطموحاته ومواده الثلاثين التي تتطرق فيها إلى مختلف انواع حقوق الانسان الاساسية كحقوق الحياة والحرية والمساواة والعدالة والكرامة والامن والعمل والتعليم وحريةالراي....

لكننا لو تفحصنا صياغة مواده؛ لظهر لنا ان الطابع العام غير محدد ، وانما هو ينسجم مع كونه معبرا عن طموحات وتطلعات ، وليس التزامات محددة ومفروضة ؛ لذلك تحفظت السعودية على بعض مواده التي تصطدم وتتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية ، فبعض هذه المواد تسمح بحق الانسان في تغيير دينه، وحرية اقامته للشعائر الدينية مع جماعة امام الملأ

 كما ان ثمة مادة تنادي بضرورة المساواة بين الاطفال المولودين في اطار الزواج الشرعي والاطفال المولودين خارج هذا الزواج ،وهو ما يتعارض ايضا ويصطدم مع احكام الشريعة الاسلامية التي تفرق بين المولودين من زواج شرعي والاطفال المولودين من خارج اطار هذا الزواج. وعن القيمة القانونية للاعلان؛ فهو على عكس الاتفاقيات الدولية ليس له اثر قانوني ملزم ، وانما تقتصر اهميته على قيمة ادبية ومعنوية فقط ، وهو توجهات وغايات او مثل عليا ،على الدول التي اعتمدته توخيها والسعي إلى تحقيقها، وهو ما اشارت اليه صراحة ديباجة الاعلان، بانه مثل اعلى مشترك، ينبغي ان تبلغه كافة الشعوب، وليس ثمة له التزام قانوني محدد، فهو بمواده يعكس غاية او طموحا عاما فقط.

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يحظى في حقيقة الامر بوجهين من القيم، فهو في الاولى قيمة ادبية ومعنوية ، مستمدة من قبول الدولة لتوخي هذه الامال والطموحات الواردة فيه، وهوما يشكل في حقيقة الامر التزاما عليها، مستمدا من رضاها بالاعلان، ويعتبر بالتالي اخلالا بذلك اهدار بند من بنوده . والوجه الاخر من قيمه الاعلان هو انه يشكل المرجعية العامة للقانون الدولي لحقوق الانسان بحيث يمكن الرجوع اليه في حالة عدم وجود نص خاص في احدى الاتفاقيات المعنية بحقوق الانسان اللاحقة عليه.

ان الاعلان ليس اتفاقية دولية ملزمة، ويظهر ذلك من اسمه ؛ لذلك فالمحاكم والهيئات القضائية السعودية لا تطبق في احكامها الا الاتفاقيات الدولية التي تصدر بها مراسيم ملكية، لذلك ليس مطلوبا من القضاء السعودي ان ياخذ في اعتباره نصوص الاعلان عند تأسيس حكمه، ولا ينبغي له ذلك.

ان المملكة العربية السعودية اوردت وتورد تحفظات عامة على كل ما يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية من قوانين واعلانات واتفاقيات دولية وغيرها ،وهو حق لها ، والحق في ظل ظليل.