الأعمال التخريبية هي بوادر حرب أهلية في لبنان
يتوقع المراقبون أن تشهد الساحة اللبنانية مزيدا من التصعيد السياسى والأمنى والعسكري بعد التفجيرات التي استهدفت لبنان ، بات اللبنانيون فعلياً على تماس الحرب السورية بعدما كانت تصلهم منها بعض الإرتدادات ، هل بات لبنان أرضًا معلنةً للجهاد؟ وهل بات جهادُ لبنان منه وفيه؟ ودخلوا في دوامة الخوف من عودة زمن التفجيرات، أسوة بما حصل أبان الحرب الأهلية.
إن سوريا اليوم هي الساحة المفترضة للصراع الإقليمي والدولي، ما يعني تحييداً للبنان عن أي استهداف، لكن الواقع الأمني يخالف ذلك تماماً، بحسب ما تظهره أجواء المطلعين الأمنيين وما يرشح عنهم وتتقاطع المعلومات الأمنية مع معطيات سياسية حول الوضع في لبنان ، في وقت ينصرف العالم العربي والغربي إلى حصر إهتمامه بالسلاح الكيميائي ، ثمة مخاوف جدية من عدم وصول مفاوضات روسيا مع واشنطن إلى حلول ترضي الأطراف المتورطين في حرب سوريا، ومنها دول عربية وإقليمية، مع بروز انتقادات خليجية وتركية لواشنطن حول أدائها في الملف السوري .
يتوقع المراقبون أن تشهد الساحة اللبنانية مزيدا من التصعيد السياسى والأمنى والعسكري، عاد الأمن ليتصدّر الواجهة من بوابتين تحمل كل واحدة منهما رمزية وخصوصية معينة ، لم يشكل الهجومان الإنتحاريان اللذان إستهدفا السفارة الإيرانية في قلب بيروت أي مفاجآت للمراقبين ، فقبل هذا التفجير شهد لبنان وقوع الكثير من الأعمال التخريبية معظمها يعتقد أن له علاقة بما يحدث في سوريا والشيء نفسه يمكن أن يقال ، لأن إنتقال الحرب الطاحنة في سورية إلى لبنان وبصورة أكثر دموية كان متوقعا بل شبه حتمي ، وإشعال فتيل الصراع الطائفي في لبنان .
إن أهداف المعركة القائمة في سوريا لن تخضع لإبتزاز دموي كالحاصل الآن ، بمعنى أوضح مغفّل من يعتقد بأن إيران أو حزب الله سيبدّلان موقفهما من الأزمة السورية ربطاً بهذه الجرائم ، نقل المعركة إلى هذا المستوى وتوسيع رقعة النار من العراق إلى سوريا ولبنان وصولا إلى اليمن وليبيا ومصر، سيكون له مقلبه الآخر ، وهو أمر لا يعتقد كثيرون إن في مقدور العرب تحمّله , إستسهال جبهة لبنان سياسية أو رسمية أو شعبية والتعامل بخفة مع هذا النوع من الجرائم، واللجوء إلى تبريرها والتغطية عليها، وإظهار علامات التشفي جراء ما يحصل يدفعها إلى موقع الشريك في الجرائم ، وهي شراكة لها ثمنها الحقيقي الذي يبدأ بتولّي الجناح التكفيري سدّة القيادة ، وعندها لا إعتدال ولا من يعتدلون .
إن الأمن الوقائي الذي يقوم به حزب الله ومعه قوى وأجهزة أمنية لبنانية رسمية ، نجح في تعطيل الكثير من الأعمال الإرهابية ، لكن فتح الباب أمام مسلسل الإنتحاريين ، سيفرض على هذه الجهة اللجوء إلى العمل الردعي الاستباقي ، وهو المفهوم الذي له ما له في مواجهة مجانين يستعجلون لقاء الله !
يبدو أن الجبهة العالمية والصهيونبة لتدمير الوطن العربي قررت استعجال معركة دموية مع ايران ، وللأخيرة طرقها وآليات عملها ومنظومة الردع الخاصة بها ، ولن يكون لبنان بالتأكيد ساحة لترجمة ذلك ، المقصود من هذه الجريمة الضغط على حزب الله لسحب قواته من الساحة السورية تحت وطأة الإستهداف الداخلي لا خوفاً !
بل لإنشغاله بفتنةٍ داخلية تُحاك له وتتطلّب منه توظيف قوّته داخلياً , لبنان اليوم بحاجة ماسة إلى تجربة ديمقراطية بخصائص لبنانية ، وذلك يتطلب الإسراع بتشكيل حكومة وطنية إنقاذية موسعة ، وإعادة الاعتبار للحوار الوطني تحت قبة البرلمان ، وتعزيز الوحدة الداخلية على أسس وطنية جامعة ، والتصدي للفتن الطائفية والمذهبية ، والإنتقال بلبنان من مرحلة التبعية في ظل حكومة رخوة ومغيبة إلى حكومة قوية تمارس الديمقراطية السليمة، ويحميها جيش وطني متماسك ومقاومة شريفة ، ونظام سياسي عصري يقوم على أسس وطنية لا طائفية .