في مقالته "كيف تصبح مليونيراً"، تطرق الكاتب فهد الأحمدي إلى أسهل طريقة يمكن أن يضرب من خلالها أحدنا موعداً مع الثراء، وذلك بإختراع فكرة تحمل جديداً ومفيداً إلى هذا العالم، تماماً كما فعلت مدام ووكر التي كانت تخدم في المنازل قبل أن تصبح من أصحاب الملايين بعد إختراعها لجهاز تمليس الشعر ..!!
ومع هذه السطور الأولى بعد إختيارنا سفيراً للنوايا الحسنة في الإتحاد البرلماني الدولي متعدد الأغراض في المملكة الأردنية الهاشمية، كرحلة جديدة مع العمل التطوعي في حياتنا، وفرصة جديدة لرفع إسم بلدنا في المحافل الدولية وتعزيز الصورة المشرقة لنشميات ونشامى الوطن، وهو العهد الذي نسير عليه منذ أن وعينا على هذه الدنيا، ملازماً لتأكيدنا لأنفسنا دائماً بأن أي لقب أو منصب لا يعني شيئاً إن لم نكن أثرياء، فالدكتوراة التقديرية مثلاً لا تعني أن يعلق أحدنا على باب منزله لقب (دكتور) ولا يقبل أن يناديه أحد إلا بلقب لا يستحقه إلا من خلال دراسات عليا طويلة كما يفعل البعض، ولا يعني التكريم من أي جهة أن تصبح نظرتك لمن حولك دونية لأنك حصلت على مالم يحصلوا عليه، فليس بهذا يكون شكر النعم.
وقبل أن نوضح ما نقصد بالثراء يظن البعض بأننا نستخدم صيغة الجمع كتفخيم لأنفسنا، ولعلها فرصة جديدة لنعيد التأكيد على أن إستخدامنا لصيغة الجمع ما هو إلا لتعبيرنا عن رأينا ورأي كل من يتوافق معنا من أحبابنا القراء ممن نحملهم تاجاً على رأسنا، وهو أقل واجب علينا تجاههم بان ننسب اعمالنا لهم من اجل اشعارهم بان عملنا هو عمل لهم هم أيضا، وربما لا يعجب هذا الامر البعض ويفسرونه بطريقة اخرى، وهذا شأنهم وليس لدينا مشكلة في تقبل ذلك، تماماً ككل الاراء والنقد البناء الذي نتشرف به دائماً، بل أننا نجد في كلمة "مقابلتي" مثلاُ من مدح النفس ما لا نتقبله، لاننا نشعر وكأننا ننسى فضل الاخرين علينا بعد الله عزوجل، خصوصاً وأن مقابلتك او مقالتك يستفيد منها غيرك حتى اكثر منك، فانت قمت بها من اجلهم بينما سيارتك لم تشتريها إلا من اجل استخدامك الشخصي فقط.
وما أجمل أن نسير على مبدأ إما أن نكتب ما يستحق القراءة أو نفعل ما يستحق الكتابة، وأن كل ما عملناه لا يعدو أكثر من نقطة لا أكثر والتي لولاها ما تمت كتابة السطر، وأننا تلاميذ في مدرسة هذه الحياة الكبيرة لم نتعلم منها بعد الا اول صفحة من كتابها الكبير
ومازلنا نحبو فيها حبواً، وحتى لا نطيل دعونا نعلنها صراحة بأننا لا نشعر بالثراء إلا مع كل كلمة طيبة تصلنا ممن يحبون الخير لنا، ومع كل دعوة صادقة ممن لم تراهم أعيننا يوماً ورآهم قلبنا وشعر بصدق مشاعرهم معنا، فمن يملك حب الناس وإحترامهم يشعر وكأنه قد ملك كنوز الدنيا بأكملها، وما أفقر من ظن أن الثراء يكون بصفوف الملايين المكدسة التي لا تقدر على منحه إبتسامة صادقة في لحظة صفاء
ونذكر أمثال هؤلاء بقارون وكنوزه وما حصل له عندما ظلم نفسه وأين أصبح هو وأمواله بعد أن خسف الله به الأرض، تماماً كتذكيرنا لمن يعتز بمنصبه بفرعون وماذا حل به بعد أن أختار الطغيان طريقاً، ولمن اعتز بنسبه ماذا حصل بعم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو لهب عندما تجبر وتكبر، فاختار الله عزوجل له شر ميتة حتى أصابه مرض العدسة وبقى ثلاثة ايام لا يقربه أحد حتى أنتن، ولم يحمله أحد خشية العدوى !
ويا لحسرة من كان ينتظر القيمة من لقب يضيفه الى اسمه، ولم يكسب إحترام الناس ومحبتهم قبل أن يعرف ذلك اللقب أو المنصب في حياته. بالنسبة لنا هو ذلك الثراء الذي نرنو له دائماً، محبة الناس وإحترامهم وهو أكبر ثروة يمكن أن يحصل عليها إنسان في هذه الدنيا، فدعوة صادقة في ظهر الغيب أو إبتسامة مسن كبير أو طفل صغير هي غاية الأماني التي تدخل الفرح والسرور إلى قلبنا
ويكفينا أن نكون في أي مكان يكون فيه فرصة لتقديم المنفعة والخير للآخرين، عملاً بقول حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني: (خير الناس أنفعهم للناس)، حتى وإن كان هذا المكان هو سطور مقالاتنا التي نسعى دائماً من خلالها لتقديم ماهو جديد ومفيد للآخرين، ويكفينا أن نفخر بما نكتب في مقالاتنا وسنوات دراستنا الجامعية في كلية الهندسة، فلسنا بحاجة لألقاب زائفة لا تزيد الإنسان إلا بعداً عن الآخرين، وليتنا نتذكر كلما شعرنا بالغرور أن ننظر ولو للحظة تحت أقدامنا لنتذكر بأننا من التراب الذي نمشي عليه ..!
(ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة)، الآية 11 من سورة الإسراء. ولأننا ما زلنا نحبو في هذه الحياة كان واجباً علينا أن نتذكر بأن كل مناصب الدنيا لا تساوي شيئاً بدون محبة الناس ودعمهم، وقبل ذلك توفيق الله عزوجل، خصوصاً إذا ما تحقق لنا ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)).
هل أصبحت ثرياً، بفتح التاء كما ذكرنا عنوان المقال قبل أيام أو حتى بضمها، أصبح واضحاً بعد هذه السطور بأننا لا نكون نحن أو غيرنا بين صفوف الأثرياء إلا بحب الناس، من خلال سعينا لإرضاء خالقنا عزوجل أولاً، ثم إرضاء ضميرنا بالصدق مع النفس والآخرين، والسعي لإظهار الصورة المشرقة لديننا وأمتنا وبلدنا في كل مكان، ولهذا نتوجه بأجمل التحايا لكل من يقف الى جانبنا، ونرسل لهم مع كل كلمة نكتبها صناديق المحبة والوفاء التي نملكها لكل من يحبنا دائماً، ونحن أثرى الناس بها دائماً بفضل الله عزوجل، مع خالص الأمنيات لهم أن يجعلهم الله عزوجل كالمسك كلما مر عليه الزمان ازدادت قيمته، وكالذهب كلما مر عليه الوقت ازداد توهجاً.