شيئاً فشيئاً يرتفع سقف الأنتهاكات فما كان حدثاً جلل يوماً ما أصبح أعتيادياً في هذه الأيام فاليوم أصبحنا نسمع عن قوات الاحتلال تقتحم وتهاجم وتنسحب وتحمي مستوطنين وما إلى ذلك من خروقات وكأن هذه الخروقات تتم في أحدى قرى الضفة الغربية وليس في مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين وكأن العرب والمسلمين بمختلف تيارتهم ومشاربهم الفكرية قد نسوا أن هناك العقدة والحل .
في الماضي أضعنا الكثير واليوم نُضيعُ ما تبقى قد يتساءل البعض كيف لقضية فلسطين أن تكون على صلة بما يعصف بالمنطقة من أحداث, الجميع اليوم إلا من رحم ربي حتى لا نظلم أحداً قد بدأوا بتوليف مصالحهم على حساب هذه القضية قضية فلسطين بدلاً من دعمها بوصفها دواء ما يعصف بنا من داء, في مصر أنقسم الجميع وأنشد وثاق المقاومة لفلسطينية في غزة نتيجة الموقف المصري الذي أعقب الإطاحة بمرسي, في سورية صارت قضية فلسطين هي الشماعة التي يتم من خلالها الدفاع عن ما يُنسج ما تحالفات وأصبحت القاعدة من ليس معنا فهو مع العدو
كذلك فقد أصبحت فلسطين هي ذلك الشعار الذي يرفعه من يأتي من مشارق الأرض ومغاربها ليقتل ويبسط النفوذ بأسم المقاومة والجهاد واسترداد الأراضي من المحتل, ولا يتوقف الأمر على ذلك بل أن من يملك المال أصبح يتعاطى مع هذه القضية على قاعدة " خذ فلوس وحل عني " أما من كان من العرب والمسلمين بعيداً من حيث الجغرافيا عن القدس وفلسطين فهو لا يتدخل وكأن الأمر لا يعنيه فهو يطبق بذلك المثل القائل "بعيد عن العين بعيد عن القلب".
أن ما جرّأ الأحتلال على فلسطين في العقود السابقة هو سقوط خيار المقاومة والجميع يعلم سبب سقوط هذا الخيار ألا وهو اتفاقات التهدئة والتسوية السلمية وتشردم فصائل المقاومة التي أخذت فيها الأيدولوجيا تحل محل فلسطين وقضيتها فصار في الماضي كل فصيل ينشق ليؤسس لنشر فكره بعيداً عن الفكرة الواحدة وهي فلسطين
فظهرت جبهات اليسار واليمين والعلمانيون وحركات الإسلام السياسي وصار كل طرفٍ يتربص بالأخر فضاعت المقاومة لأجل فلسطين في الزحام. واليوم وتحت وطأة اللهم أسألك نفسي وفي ظل الأنقسام الفلسطيني وركود الضغط السياسي الذي كان يمارس على المجتمع الدولي واسرائيل حتى ما قبل قُرابة الخمس سنوات بدأت سقوف الانتهاكات ترتفع في غياب الضغط السياسي الخجول الذي ظهر جلياً في بدايات العقد الأول من الألفية الحالية ففي غايبه وفي خِضم التراجع العربي أخذت إسرائيل بوضع يدها أكثر فأكثر على مقدرات فلسطين ومقدساتها ويبقى السؤال المحير الذي يُبقي القوس مفتوحاً هل سيدرك ساسة العرب يوماً بأن تفكيك شباك العنكبوت الذي يحيط بالمنطقة يبدأ من قضية فلسطين؟؟.