آخر الأخبار
  الحكومة تقر نظامي الإدارة العامَّة والصندوق الهندسي للتدريب   (وكلاء السيارات) تصف قرار الحكومة الجديد بخصوص ضريبة المركبات الكهربائية بـ "القرار الجيد"   إعلان هام من "الملثم" بخصوص الأسرى الاسرائيليين   الأردن.. ما المقصود بالمرتفع السيبيري؟   كتلة هوائية سيبدأ تأثيرها من يوم الاحد .. وهذه المناطق قد تتساقط عليها الامطار   "السعايدة" يصرح بخصوص إستبدال العدادات الكهربائيية التقليدية بعدادات ذكية   "ربما سأعود" .. ما حقيقة هذا المنشور لحسين عموتة؟   دونالد ترامب يرشح "طبيبة أردنية" لأعلى منصب طبي في الولايات المتحدة الامريكية   اغلاق طريق الأبيض في الكرك لإعادة تأهيله بـ5 ملايين دينار   الحكومة تعفي السيَّارات الكهربائيَّة بنسبة 50% من الضَّريبة الخاصَّة حتى نهاية العام   أورنج الأردن تختتم مشاركتها في النسخة العاشرة لمنتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات   الأرصاد تكشف عن مؤشرات مقلقة للغاية بشأن حالة المناخ لعام 2024   مهم من السفارة الأمريكية لطلبة الجامعات الأردنية   حملات مكثفة بشأن ارتفاع قيم فواتير الكهرباء في الأردن بهذه الظروف   اعلان صادر عن ادارة ترخيص السواقين والمركبات   اعتباراً من اليوم .. تخفيضات وعروض هائلة في المؤسسة الاستهلاكية المدنية   زين تنظّم بطولتها للبادل بمشاركة 56 لاعباً ضمن 28 فريق   بلاغ مرتقب بعطلة رسمية في الاردن   ترمب يرشح الأردنية "جانيت نشيوات" جراح عام للولايات المتحدة   مؤشرات مقلقة للغاية حول حالة المناخ لعام 2024

رسالة الى وزارة التربية والتعليم

{clean_title}

جراءة نيوز-اخبار الاردن-خاص-كتب شفيق علقم:

رسالة إلى وزارة التربية والتعليم لا ريب أن مكانة المدارس في أي بلد هي مقياس درجة ارتقائه وتقدم مجتمعاته أو تأخرها وتخلفها، والتعليم هو أهم ركائز التحول ، وأس من أسس بناء نهضة الامة وتقدمها ، كما ان التربية والتعليم هما المجال الارحب الذي يقبل كل الوان الفكر ، وان تهيئة مناخ قيمي اخلاقي مناسب في مدارسنا ومؤسساتنا التربوية والتعليمية يؤسس العلاقات والاخلاق المعتمدة بين اعضاء المجتمع، ويهيء بناء منظومة اخلاق تربوية تنطلق من المبادئ السامية ،والمعتقدات الدينية السائدة لهو مسار التحول المطلوب.

فحال مدارسنا ومؤسساتنا التعليمة اليوم لا تحسد عليه في مجال القيم والاخلاق ،وان كانت مكانتها العلمية والثقافية لا باس بها، الا انه لا احد ينكر ما آلت اليه سلوكات ابنائنا في هذه المؤسسات من انحرافات عصر العولمة بآلياتها العاتية وثقافتها الغازية ،وبخاصة الشباب الذين هم اكثر تأثرا بحكم طبيعتهم النمائية ،ورغباتهم الثورية ،وافتقارهم للتجربة والحنكة والدراية.

اذ استفحل لديهم العنف بشتى صوره ،واستشرت عادات التدخين والادمان والتزاوج السري بطرق غير مشروعة ، وسيطرت اللانمالية والاتكالية ،واضطربت علاقات الابوة والبنوة وتمرد الشباب ... وغيرها من الامراض الاجتماعية الذميمة .

ومهما يكن مخزون امتنا من القيم الذي يفترض ان يحمي ويقي شبابنا ؛ لكنه لم يقوى ان يكون عاصما في ظل تجارب بشرية متلاطمة ومتناقضة معاشة بالمشاركة والمشاهدة اليومية عبر وسائل الاتصال والاعلام المتعددة.كما انه مهما يكن ثراء حضارتنا من المبادئ والعادات والتقاليد الاصيلة، وغزارة ديننا بالاخلاق السامية والقيم النبيلة؛ الا ان ما تتعرض له مجتمعاتنا من هجمات ضارية في مجالات الصحة النفسية والاجتماعية ،وما تحمله من قيم غازية وسمات منحلة تحاول استيطان تراب وطننا ،والاستقرار بين ظهراني مجتمعاتنا في ظروف غامضة

استطاعت هذه الحضارة الغازية ببريقها الخداع السيطرة على سلوكيات مجتمعاتنا في ظل تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية عالمية، زحفت بايجابياتها وسلبياتها وقد طغت السلبيات على الايجابيات ، والمظهر على الجوهر ،وانبهر البعض من ضعاف الايمان والنفوس ببريقها الزائف ؛ مما ادخلنا في ازمة تربوية تعليمية تعاني منها مجتمعاتنا ومدارسنا ومؤسساتنا التعليمية ،وهي ازمة بنيوية في عمقها تفرض علينا التخطيط للخروج منها ،والتخلي عن تبعيتها الراسمالية، وايجاد حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المجسدة لهذه الازمة المجتمعية الاخلاقية

وفي اطار اجرأة هذه الحلول الجذرية يمكن معالجة الازمة التعليمية القيمية الاخلاقية. ان ظاهرة العولمة التي تغزو مجتمعاتنا صباح مساء ،وما تحمله من آثار سلبية على الشعوب والمجتمعات ،والتي تعمل على امركة العالم وتهميش هذه الشعوب واذلالها ،ووضعها لتعيش داخل قوالب جامدة تفرضها قوى الانتاج والاعلام الامريكية تتمثل في سحق الهوية الشخصية الوطنية وقيمها واخلاقها وعاداتها وتقاليدها ومبادئها السامية، وطمس الثقافة والحضارة الوطنية ،وتفكيك المصالح والمنافع الوطنية ،واستباحة خصوصيات الوطن، والسيطرة على اسواقه المحلية ،وفرض الوصاية الاجنبية مع الاذلال والارتهان لها.

فالعولمة بما تحمله من تهديد ثقافي وقيمي واخلاقي تزج بنا في ازمة ثقافية حقيقية تعاني من عدم قيام النظام الاعلامي والنظام التربوي والتعليمي بالدور المطلوب في دعم الثقافة العربية الاسلامية ، وتعاني من ضياع الهوية الثقافية التي تأثرت وتتأثر بظاهرة العولمة بكل مكوناتها فعلينا والحالة هذه ،ان نعلم علم اليقين اننا في ازمة غزو ثقافي واقتصادي واجتماعي ،وهيمنة وسيطرة ترتبط بالصراعات الايدولوجية الدولية، وان قوتها تكمن في الاقتصاد اولا ثم السياسة ثم الثقافة ؛لذلك يتطلب منا مواجهة هذه الظاهرة الغازية بالاعتماد على اساليب تتحدد في دعم الذاتية الثقافية، وتنظيم الرسالة الاعلامية ،وتدعيم برامج التربية والتعليم ،ومراقبة المعلومات، وتشجيع الكفاءات والخبرات

ويجب التصدي لها لانها تهدد الخصائص الاساسية للثقافة القومية الدينية، وتحمل اخطارا وتهديدات ثقافية تلحق بالاوعية الثقافية القومية- اي قدرة المجتمع على التواصل مع نفسه - وتفضي إلى تفشي الشعور بالفوضى والنزاعات الاشد انانية والاقل اخلاقية،ان الحماية الصحيحة والحقيقية لتراثنا الثقافي والقيم الاساسية لا تتوافر من خلال آليات الدفاع ؛وانما من خلال آليات الهجوم .

ان تأثير العولمة على منظومتنا القيمية الاخلاقية خطير جدا؛ لان القيم الاخلاقية تلعب دورا هاما في حياة المجتمعات على اختلاف ثقافتها وافكارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فالقيم الاخلاقية على مدار التاريخ هي بمثابة المحور الضابط لفعل الواقع الانساني وسلوكه؛ لذلك فان للقيم والاخلاق دورا هاما في فلسفة المواقف الحياتية الانسانية لقد بلغت الامة العربية الاسلامية اوج مراتب قيمها سواء من حيث النظرية او التطبيق في وجود الرسالة السماوية الاسلامية التي عملت على اقرار التوحيد، ومجامع الاخلاق ،على الرغم من تفاوت الازمنة والامكنة ، فبلغت اعلى مراتبها في ظل الدولة الاسلامية في كل عصورها .

ان الخطر الحقيقي انما يكمن في التأثير على السلوكيات الاخلاقية الممارسة في المجتمعات الاسلامية، وليس على النظرية الاخلاقية الاسلامية فيها ،وذلك نتيجة للتأثير والتأثر الشائع خلال وسائل الاتصال والاعلام، وبخاصة فان مجتمعاتنا تمثل دور المستقبل وليس المرسل ،دور المستقبل المفتون بمظاهر الحياة الغربية . صحيح ان منطق العولمة في عالم القيم يكون اكثر تحققا وحيوية وتأثيرا في عالم القيم الاقتصادية والسياسية والعلمية عنه في عالم القيم الاخلاقية ان هذا العصر العالمي الحديث الذي تحتدم فيه المواجهة الثقافية بين الغرب الامريكي الاوروبي والشرق العربي الاسلامي- الذي نرجو ان يصحو من غفوته ويبحث عن ذاته- يملؤه اعتزازه المتنامي بانتمائه لثقافته الذاتية، وتوقه العميق لاستعادة دوره الحضاري ، وصياغة مستقبله بنفسه كما يراه هو ويريده.

ان عصر النظام العالمي الجديد يجاهر منذ ولادته بنواياه الصريحة في الهيمنة على امتنا ونزع ارادتنا وتقويض نهضتنا واخلاقنا وقيمنا ومبادئنا وحرماننا من امتلاك اسباب القوة والاستقلال ، ووأد مشروعنا العربي الاسلامي في مهده قبل ان توقظ طلائعه صفوف النائمين والمفتونين ، وتجمع شتات التائهين، وتخرج بنا من واقع التبعية والتخلف والاستلاب .

اننا بحاجة إلى شباب يقود الدفة غدا ليحقق الحلم العربي في التقدم والتماسك والاستقلال الحقيقي، ويخرج بنا من هذا العصر العربي الرديء الذي اطبقت ظلمته علينا إلى درجة الهوان والذل والاستكانة. ان وزارة التربية والتعليم في بلدنا ،والعاملون في ميادين الثقافة والتربية والتعليم من الرواد المثقفين ،والعلماء الغيورين ،مطالبون اليوم قبل غيرهم بتوجيه دفة الاخلاق والقيم والمبادىء الاسلامية السامية، وغرسها في نفوس ابنائنا وبناتنا، وتحضيرهم للعصر العربي الاسلامي الحديث، ولا شك انهم سيساهمون بشكل مباشر في هندسة ملامح هذا العصر، وبناء ثقافة الامة، وتفجير طاقاتها الابداعية الكامنة ،وبناء امة قوية قادرة على الانطلاق نحو القمة الحضارية التي ستبلغ البشرية ذروتها.

ان على وزارة التربية والتعليم تحضير انساننا الاردني المبدع الخلاق الباني، هذا الانسان الايجابي الصالح المنتمي لوطنه وامته ومستقبله ،وحتى تهيء هذا الانسان؛ يجب ان تستنبته وتربيه وتسلحه بالقيم والاخلاق والتربية الدينية القويمة ؛ليكون مؤهلا لخوض معركة البناء والقيام بدوره الفاعل في عملية النهوض، وان على وزارة التربية التعليم ان تضع يدها في يد الاباء والامهات، ومن لهم علاقة بتربية الابناء ،وتغرس فيهم قيم البذل والبناء والعطاء والانتماء ،وتعدهم لقيادة السفينة وهي تواجه امواج العولمة العاتية وتحدياتها الخطيرة ان ابناءنا ، هذا المنجم الانساني الهائل الذي يمد الامة بكنوز غالية من الطاقات والكفاءات والقيادات والعبقريات والموارد البشرية الخلاقة؛ يحتاجون إلى غذاء روحي رباني لتنمية جوانب نموهم المختلفة الجسدية والعقلية والاجتماعية والوجدانية والروحية.

اننا بحاجة إلى مدارس حقيقية بابعادها التربوية والتعليمية والعلمية والتقنية والثقافية الشاملة المتكاملة ،وان تحقيق الكيف والنوع في بناء انساننا واسنباته منذ الطفولة يجب ان يتصدر قائمة الاولويات القومية والتنموية من اجل توفير الانسان الايجابي الصالح القادر على العطاء والبناء، وان تربية الابناء وتثقيفهم وتعليمهم واكسابهم مهارات التعامل ومهارات تطبيق القيم النبيلة والاخلاق القويمة الفاضلة يجب ان تحتل المساحة الاكبر من اهتمام الحكومة

ويجب ان يرصد لذلك الميزانيات والامكانيات ،وان تتوفر لها الكوادر والمناهج والبرامج والخبرات والكفاءات المؤهلة، وان يترجم هذا الاهتمام إلى قررات ملموسة تتجلى في وضع حصص دراسية ضمن البرنامج اليومي تعمل على غرس القيم والاخلاق وتدريسها كمادة اساسية يومية منذ السنة الاولى الاساسية، يتعلم فيها التلاميذ كيفية التعامل مع الاخرين بحسن الخلق والسلوك القويم القائم على القيم والمبادئ الرشيدة النابعة من مبادئنا وديننا الحنيف.

اننا بحاجة ملحة وعاجلة إلى ترميم ثقافة ابنائنا ومدارسنا وحمايتها من التشويه والتناقض والتغريب الذي تسلل اليها ،والى ثقافتنا وسلوكيات ابنائنا في غياب رؤية ثقافية عربية اسلامية واضحة، وفي ظل برامج مستوردة متعددة ،وفلسفات تربوية غريبة ؛مما اوقع ابناءنا في حيرة سلوكية قيمية وثقافية تربوية؛ لاننا لم نتبع مناهجنا الاصيلة المرتبطة بثقافتنا وديننا واخلاقنا في تربيتنا واتبعنا ما زادنا الا ضلالا. اننا بحاجة إلى الرجوع إلى اصولنا الثقافية الصافية العريقة ، ولكنها ثقافة غير متقوقعة مغلقة ،وانما تتماشى مع معطيات عصر العلوم والتكنلوجيا ولكن بحذر شديد مع المحافظة عل هويتنا واصالتنا.

نحن بحاجة ماسة في هذا الزمن إلى ثقافة جديدة وتربية حديثة، تقوم على الاخلاق والقيم والمبادىء النقية الصافية الاصيلة ، ثقافة تأخذ على عاتقها تنمية وعي ابناء المستقبل، وتعميق الاتجاهات الفكرية والتربوية والاخلاقية القيمية لديهم ، التي يجب ان يتسلحوا بها لمواجهة تحديات العصر والتغلب عليها بجدارة. ان الخطوة الاولي لذلك، تقوم على وضع مناهج وبرامج تترجم إلى سلوك عملي يتضمن امداد النشء بمهارات القيم والاخلاق والمبادىء سلوكا وممارسة على ايدي خبراء تربويين متخصصين.

نحتاج إلى عملية تحضير انساننا ليعيش حاضره ومستقبله بجدارة ؛لان اعادة بناء ثقافة ابنائنا بحيث تستند إلى منظومة القيم والاخلاق والمبادىء الاسلامية السليمة يشكل النسيج الاساسي لتكوين ثقافة المجتمع، وان البناء الخلقي والقيمي والثقافي لهم سيحدد الملامح الاساسية لشخصية الانسان الاردني الراشد واتجاهاته في الحياة، وبالتالي ملامح شخصية مجتمعاتنا .

نحن بحاجة إلى تربية ابنائنا على القيم والمبادىء والاخلاق العربية والاسلامية الاصيلة ،والاسترشاد بمنظومة القيم والاخلاق منهجا واسلوبا، كما علينا عدم اغفال الاشباع النفسي المتكامل لابنائنا الذي يتعدى الحاجات إلى شعورهم بالانتماء الاسري والتعاطف والتراحم والتواد والعشرة الطيبة مع اسرهم ومع مجتمعاتهم بجميع فئاتها مع ابراز قيم الفضيلة بوجهها المحبب والتربية على الصدق والاخلاص ومحاربة القيم السلبية في سلوك الابناء وتوفير البدائل وتوجيه الطاقات ومحاصرة الرذائل والانفتاح على الفضائل.