ما يقع من احداث سواء على الساحة العربية بشكل عام او الساحة المصرية بشكل خاص يوحي بان اصابع غريبة تمسك باطراف حبال مربوطة الى هياكل بعض الدّمى تحركها على المسرح يمينا ويساراً كما تشاء في لعبة قذرة يبدوا ان الغاية منها الابقاء على المنطقة العربية منطقة ملتهبة تعاني من اعراض المزيد من التشتت والتمحور والاستقطاب اما على اشكال طائفية او عنصرية او على اشكال دكتاتورية مستوردة متنكرة بثوب الحريص على الديمقراطية وحرية الشعوب .
يبدوا انه يثير قلق البعض حولنا ما رافق الربيع العربي من تطلعات الشعوب العربية نحو الديمقراطية والتدوال السلمي للسلطة في محاولة لتخليص هذه الامة من مشكلة شائكة عانت منها منذ حقبة طويلة من الزمن وهي النزاع الدموي على السلطة وهدر المزيد من الطاقات والدماء وتوفير تلك الدماء والمقدرات للنهوض بالامة من واقعها المرير لتاخذ دورها الذي يليق بها بين الامم ...
لتعود وسطاً كخير امة شاهدة على الناس وقائدة لحضارة تقوم على قيم ومبادىء سمحة عرفتها تلك الارض وعرفت بها على ايدي الانبياء والمصلحين من القادة والعلماء عبر التاريخ .
على الرغم من ان الكثير من ابناء الامة العربية حاولوا ويحاولون تكذيب نظرية المؤامرة واحياناً السخرية ممن يؤمن بها وينادي بالعمل على مكافحتها ، الا ان واقع الحال يشير الى خلاف ذلك .. يشير الى مؤامرة تحاك ضد هذه الارض بين المحيط والخليج وضد من فوقها من بشر وحجر وتراث وقيم ومعتقدات وتطلعات . ماذا حدث لمصر بعد ان تطلعت نحو النهوض من واقعها المر ؟ هجمة تترية وانقلاب على الثورة واعتقال لرئيس منتخب والتحضير لاطلاق سراح رئيس سبق له ان ربض على صدور المصريين حقبة طويلة من الزمن دون اختيار منهم او قبول ...وبنادق ... مصرية وجهت فوهاتها لصدور ابناء الشعب العزل ... سياسيون عارضوا الانقلاب منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر في سجون مصر ..
وسياسيون كانوا من عرابي الانقلاب بدأوا بشد رحالهم شرقا وغربا الى خارج مصر بعد ان عرفوا ان تلك الساحة لا ناقة للسياسة فيها ولا جمل وان الداخل في تلك المعمعة مفقود والخارج منها مولود وان هذا الانحياز والتمحور بين حملة السلاح وحملة الفكر لا بد وان يودي بمصر نحو هاوية الفوضى والعنف والى مصير التقسيم المرتقب شأنها بذلك شأن دول اخرى في المنطقة .
الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعطينا من طرف اللسان حلاوةً عندما يصف ما وقع بمصر مؤخرا بالانقلاب وحين يطالب الانقلابيين بنبذ العنف والقتل وعدم حل الاحزاب السياسية ويهدد بوقف المعونات في حين ان الاموال تتوالى على مصر الانقلاب من قنوات اخرى ... اكرمٌ حاتمي هو؟ ام عطايا من لا يخشى فقراً ولا ينتظر ثمنا ؟ ام ان وراء الاكمة ما ورائها ؟ بالمقابل ...
الانقلابيون بمصر يتهمون الغرب بقيادة امريكا بدعم الارهاب المتمثل بابناء مصر الواقفين في الميادين وبالرئيس المنتخب المغلوب على امره خلف القضبان والذي جدد حبسه بموجب قانون الطوارىء ! اعمالُ بهلوانية ومكرٌ ومخططات كأنها السحر تمارس من اجل تطويع وتركيع الشعب والابقاء على حالة الانبطاح والجنون تذكرنا بقصة (جحا المصري..) عندما قال له الشيطان ساجعل منك مجنوناً ! فقال له : لا تستطيع ... وبعد ايام نظر جحا فاذا ببغلِ ضخم يدخل الابريق ! فطار صوابه وخرج من الدار يصيح ...
البغل في الابريق ! .. البغل في الابريق ! فتجمع عليه الناس ودخلوا معه الدار وتفقدوا الابريق فلم يجدوا شيئا فتركوه ثم عاد كرّةً اخرى ورأى البغل في الابريق وخرج صائحاً الا ان الناس لم يجدوا شيئاَ فاتهموه بالجنون وما عادوا يلقون له بالاً ... وبعدها عاد فرأى البغل في الابريق فقال : اخزاك الله ... اني ارى الان البغل والابريق وما انا بمجنون ...
ولكن من يستطيع ان يقول : ان البغل في الابريق ؟! يبدوا ان المنطقة العربية تتعرض لمخططات من يمكرون ويحيكون ويرسمون الخرائط ويحاولون الابقاء على ذاك المارد منبطحاً ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ..... ولكن من يستطيع ان يقول : ان البغل في الابريق ..؟!