منذ عامين ونصف من بدء المؤامرة على سوريا ، لم يساورني شك بحتمية انتصار سوريا ، وسحق المؤامرة والمتامرين ، ولم يدخل اليأس الى نفسي ، سوى ساعات من بضعة ايام ، امام اشرس واكبر حملة اعلامية تضليلية ، رافقت اقذر غزو همجي في التاريخ ، مؤامرة استنفرت لها كل قوى العمالة والخيانة ، لتكشف عن اقبح وجه للعربان ، اعترف انني لم اشاهده سابقا ، ولم اكن اتوقعه ابدا ، فنظرتنا لهولاء العربان .
منذ ان تفتح وعينا القومي ، ارتبطت بالموقف من القضية الفلسطينية ، وبالقدرة على التصدي للغزو الصهيوني ، كنا نفخر بقوة سوريا ومصر ، والاقطار العربية التقدمية ، حيث كانت هي املنا بالنصر والنهوض ، اما العربان ، فهم اناس يعيشون في كيانات هزيلة ، وشعوبهم عشائر قبلية ، حكامها اشبه بشيوخ العشائر ، تفتقد الى الى مقومات الدول ، والى وعي الشعوب الاخرى ، يستحقون منا الاشفاق عليهم احيانا ، تمتعوا بالثروة ، ينفقون ببذخ على اللهو والعبث ، وغير قادرين على حماية انفسهم ، وكما هو حالهم اليوم ، الا بالاستعانة بقوى الغرب الاستعماري ، فهم ادواته وصنائعه .
ولم يكن مطلوب منهم تجاه القضية الفلسطينية ، ما هو اكثر من الدعم المالي . لقد كشفت المؤامرة ضد سوريا حقيقتهم كاملة وبوضوح ، اكتشفنا عدائهم لكل ما وضاء ومشرق في مستقبل امتنا ، اكتشفنا ظلاميتهم ، لقد وصل دورهم الى المشاركة الفعلية ، في تدمير وجودنا وهويتنا القومية وتمزيق اقطارنا ، اكتشفنا لديهم قدرات ما كانوا ليسخروها لاجل فلسطين ، لان الاوامر ليست بيدهم ، بل بيد من صنعهم ويحمي وجودهم ، ها هم يحشدون ما يقارب المئة الف باسم الجهاد ، لكن اين ، ليس لتحرير الاقصى وهم من لبسوا عباءة الدين ، وادعوا حمل رايته ، بل في سوريا .
وفي كل قطر عربي يحمل لنا بشائر النهوض القومي ، شهدنا في سوريا ، التقاء كل ادوات الغرب الاستعماري ، فالاخوان المسلمون ، صنيعة الاستعمار الانجليزي ، وربيبة الامريكان حاليا ، وسيفهم المشرع بوجه احلام الامة ، وصلوا الى قمة عظائهم لمن صنعهم ورعاهم ، وقاموا بالمهام الملقاة على عاتقهم على اكمل وجه ، واماطوا اللثام عن حقيقتهم ، كافضل سلاح صنعه الغرب ، لقتل الامة من داخلها ، وبيد ابنائها ، دون ان يتكلف الغرب بقطرة دم واحدة ، وجاء كرم العربان ، فلم ينفق الغرب دولارا واحدا في هذه المؤامرة ، لا بل كان الرابح من استثمارات بيع السلاح .
اما سوريا ، فلن تكون الا منتصرة ، احساس اعيشه ، واعجز عن التعبير عنه بالكلمة ، سوريا التي علمتنا عشق العروبة ، واضاءت لنا وجه العروبة التقدمي المشرق ، سوريا الحضارة ، سوريا التقدم ، سوريا الشعب الذي لن يقبل ابدا ، ان يعود الى مرابع التخلف والجاهلية ، الشعب الذي يتطلع دوما الى العلى ، ليبني مجد سوريا والعرب ، شعب الثورات ، الذي دحر كل الغزاة .
وما زال خنجرا في قلب الصهاينة واعوانهم ، سوريا الشعب المسيس ، الذي يختلف ابنائه على سلوك دروب التقدم والازدهار والكرامة ، لكنهم متحدون امام قوى التخلف والرجعية والعمالة ، شعب سوريا الذي يقدم لتراب وطنه الدم ، كما يقدم الماء لمزروعاته ، شعب سوريا المبدع ، الذي ياكل مما يزرع ، ويطعم الاخرين ، ويستهلك ما يصنع ، ويصدر للاخرين ، شعب سوريا الذي اكتسب المناعة ضد كل اشكال الحصار ، وبنى اقتصادا لم يرضخ لكل صناديق الغرب ، شعب المديونية صفر ، هذا الشعب لا يمكن الا ان ينتصر ، فكيف ان كان حادي الركب ، اسد من ظهر اسد ، بنى اسوده سوريا الحديثة ، سوريا القوية ، بجيشها العقائدي ، وبشعبها الواعي المتلاحم خلف قيادته الصامدة المقاومة .
ها هم اعداء سوريا ، يتساقطون الواحد تلو الاخر ، ها هما الحمدين قد انتهى امرهما ، وها هي الجزيرة العربية تقدح شررا ، ويتململ المارد كي ينطلق من قمقمه ، ها هو الخليفة العثماني اردوغان ، تشتعل النار في اركان بيته ، وها هو صنيعتهم في ارض الكنانة ، قد بدأ يترنح ، وها هو الغرب ينكفيء متقهقهرا ، لا يقوى على الاقتراب من عرين الاسود ، وها هم جراء الغرب في لبنان ، يفرون مذعورين بلباس النساء
وها هم العملاء المرتزقة في سوريا ، تسحق رؤوسهم تحت اقدام ابطال جيشنا العربي السوري ، وها هو القائد بشار الاسد ، يستعد للحظة التاريخية ، حين تنصبه شعوب الامة ، قائدا لنضالها القومي ، وحاميا لهويتها القومية وثرواتها ، وصانعا لامجادها القادمة .