قانون الضمان الإجتماعي ما زال بين يدي اللجان النيابية كمشروع خاضع للدراسة والنقاش ونتمنى أن لا يعرض على مجلس النواب إلا بعد أن يتوافق عليه الجميع من نواب ومن مسؤولي مؤسسة الضمان الإجتماعي لأننا لا نريد قانونا به ثغرات وبه مواد ضعيفة بل نريد قانونا قويا محكما يستمر لسنوات طويلة دون تغيير أو تعديل.
يعتقد الكثيرون أن أهم ثغرة في القانون الحالي أو القانون الذي قبله هو مسألة التقاعد المبكر فهنالك من يؤيد هذا التقاعد وهنالك من يعارض ولكننا سنناقش هذه المسألة بشكل موضوعي وحيادي وبدون أن يكون لنا موقف مسبق.
في كل قوانين التقاعد في دول العالم المختلفة لا يوجد شيء اسمه التقاعد المبكر إلا لبعض الحالات التي لا يستطيع فيها العامل أو الموظف إتمام خدمته التقاعدية لأسباب قاهرة خارجة عن إرادته وهذه الأسباب القاهرة غالبا ما تكون اصابة عمل كبيرة.
في قانون الضمان الإجتماعي السابق يحق للموظف أو العامل التقاعد عند بلوغه سن الخامسة والأربعين وهذه مسألة غير معقولة وغير مقبولة لأن الإنسان في هذه السن يكون في عز عطائه فهل من المعقول أن يتقاعد شاب في عنفوان شبابه ليجلس في بيته لأنه ممنوع من العمل؟.
أما في قانون الضمان الإجتماعي الحالي وهو بالطبع قانون مؤقت رفع سن التقاعد إلى الثامنة والأربعين أي أضيفت ثلاث سنوات للسن السابقة وهو أيضا عمر غير معقول للتقاعد.
بعض مدراء الشركات والمؤسسات استغلوا هذه الثغرة في قانون الضمان الإجتماعي فقاموا بإحالة أعداد كبيرة من موظفيهم إلى التقاعد وهم في عز عطائهم وصرفوا لهم مكافآت كبيرة جدا تعادل ما كانوا سيقبضونه من رواتب لو ظلوا على رأس عملهم حتى سن الستين وقاموا بتعيين موظفين جدد محسوبين عليهم أو على بعض المتنفذين وفي هذه الحالة خسرت المؤسسة أو الشركة خيرة موظفيها من أصحاب الخبرة وخسرت مبالغ مالية كبيرة جدا وجمدت مجموعة من الشباب بعضهم مهندسون وبعضهم أصحاب كفاءات جيدة جدا لأنهم ممنوعون من العمل بعد التقاعد المبكر.
التقاعد المبكر قد يكون معمولا به في بعض الدول ولكن ليس لكل العاملين بل لأصحاب المهن الخطرة الذين قد يتعرضون لإصابات عمل تسبب لهم عجزا يمنعهم من مواصلة عملهم أما أن نحيل مهندسا على التقاعد وهو في سن الخامسة والأربعين بعد أن حصل على خبرة لا تقل عن عشرين عاما في عمله ونجبره على الجلوس في المنزل فهذه مسألة غير معقولة وغير مقبولة ولم نسمع عنها إلا في بلدنا.
ما نتمناه على اللجنة النيابية التي تناقش مشروع قانون الضمان الإجتماعي أن تنظر إلى مصلحة الوطن وإلى الكفاءات التي تجمد بسبب التقاعد المبكر ويعتقد الخبراء والمطلعون أن هذا التقاعد يجب أن يلغى إلا لأصحاب المهن الخطرة فقط الذين قد يصابون بعجز كلي بسبب إصابات العمل أما أن نقاعد شابا في عز عطائه فهذا ما لم نسمع به إلا في بلدنا.
[email protected]