محادثات علّقتها الأزمة السورية راتب عبابنه تقديم: هذه ترجمة لمقال بقلم آلوف بن (Aluf Benn) بموقع جريدة هآريتس (Haaretz) الإسرائيلية والمنشور بتاريخ 28/03/2013 تحت عنوان "صديق الأسد الإسرائيلي" والكاتب هو رئيس تحرير الجريدة.
التعليق: قيل وكتب الكثير عن الرضا الإسرائيلي عن النظام السوري الذي يستند إلى تفاهمات ربما غير مباشرة بإبقاء الجولان منطقة آمنة لا يسمح باختراقها. الكثيرون مؤمنون بهذا الطرح والقليلون يناورون لدحضه.
ما يقلق إسرائيل حقيقة هو حزب الله المرتبط بالنظام السوري إذ أن النفاذ لضمان هدوئه يتحقق من خلال الوصول لتفاهم طويل الأمد مع سوريا المرتبطة بدورها بإيران التي يمكن تحاشي خطرها على إسرائيل بحال النجاح بسلخ سوريا عنها. لم نلاحظ قيام إسرائيل بالتصعيد مع سوريا مستغلة الظروف العاصفة والأزمة المتفاقمة وهذا يدعم الرأي القائل أن إسرائيل لم تكن تتمنى أو ترغب بالإنفجار السوري الذي أعاق التقارب والتواصل بين الطرفين.
وهذا يفسر نعومة الخطاب الإسرائيلي غير المعادي تجاه سوريا حفاظا على الود الذي يكنه الإسرائيليون للنظام الذي دخل معهم بمحادثات بوساطة أمريكية للوصول لنوع من الحل النهائي القائم على الإنسحاب من مرتفعات الجولان مقابل ابتعاد سوريا عن إيران وعدم الإعتراض بحال قامت اسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية بالإضافة لتحجيم وإضعاف قدرة حزب الله العسكرية والقتالية. ومن متابعتنا للخطاب الإسرائيلي الموجه لسوريا نلاحظ مفردات تتكرر وتتردد على لسان نتنياهو وفريقه تتسم بالرفق والتهدئة والتعاطف بينما تتسم بعدم قبول ورفض الفريق المناوئ.
فكثيرا ما تتكرر مفردات مثل "المتمردين" بدل الثوار, "عناصر القاعدة" بدل الإسلاميين, "الإرهابيين" بدل الجيش الحر, "الإنتفاضة" بدل الثورة. مفردات تدعو للتهدئة وتدلل على التعاطف مع النظام أملا بأن تحقق اسرائيل ما تصبو إليه من أمن يلفها من الجهات الأربعة إذ هو الهاجس الأكثر خطورة بالنسبة لها. بواقع الحال ضمنت الجانب المصري والأردني وتعمل لضمانه من الجانب السوري وجنوب لبنان أما الجانب الفتحاوي والحمساوي يمكن ضمانه بالقوة.
وقد كانت هناك محادثات يقودها الأمريكي اليهودي دينيس روس كما سيتبين بعد قليل عطلتها الأحداث السورية التي أحبطت مساعي وتمنيات إسرائيل التي كادت أن تنجح بالوصول لإقامة السلام الذي تقر به عين اسرائيل. وأترككم الآن مع الترجمة : صديق الأسد الإسرائيلي إلى جانب الإبتسامات والتربيتات الأسبوع الماضي في القدس ، أظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي باراك أوباما أيضا عدم توافقهما حول سوريا.
وخلال مؤتمرهما الصحفي المشترك تفوه الرئيس بكلمات قاسية بخصوص بشار الأسد، قائلا أن الرئيس السوري " يجب أن يرحل ". نتنياهو اكتفى بذكر القتل الجماعي في الدولة المجاورة دون أن يسمي من هم المسؤولون ولم يقل شيئا عن التغيير السياسي في دمشق. على مدار السنوات الثلاثة الأخيرة كان نتنياهو حليف الأسد الصامت.
على الرغم من أن النظام السوري الآخذ بعدم الإستقرار، وحدوده المخترقة، والصراع من أجل مستقبله الذي يمزق المنطقة، فإن إسرائيل تجنبت الطاغية من دمشق. ولم تتخذ خطوات عسكريه معيقه، ولم تدعم علنا المعارضة السورية ولم تستخدم حتى أشكال الرعب في سوريا من أجل الدعاية الإضطرارية مثل " العرب يقتلون العرب والعالم المنافق لا يهتم ، ونحن يتم نقدنا على ما هو أقل من ذلك."
نتنياهو اكتفى ببيانات عامة حول " الإنهيار " السوري محذرا من القذائف والأسلحة الكيماوية التي تقع بيد الإرهابيين. التحالفات بين الدول لا تتطلب اجتماعات بين القادة، ومبادلة للسفراء وإعلانات الدعم والود. المصالح المشتركه التي يفهمها الفرقاء ويتصرفون على أساسها بها ما يكفي. نتنياهو لديه عدد من الدوافع للإقتراب من الأسد.
( الدافع ) الأول، أراد أن يخلق هوّة بين سوريا وإيران، أملا بأن تتنحى سوريا جانبا بحال ضربة إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية في ناتانز وفورداو. ( الدافع ) الثاني، خسارة إسرائيل لتحالفها مع تركيا ولاحقا مع مصر تضاعف مع الخوف من تدهور الوضع الأمني في الجنوب، مما حدا بالقدس أن تلجأ للهدوء على حدودها الشمالية.
الدافع الثالث هو إضعاف حزب الله بينما ( الدافع ) الرابع لمعالجة مخاوف مفادها أن المتمردين السوريين هم في الحقيقة عناصر من القاعده وأن سقوط نظام الأسد من الممكن أن يحول سوريا لدولة إسلامهية معادية. خطوة نتنياهو الأولى كانت المباشرة بمفاوضات غير مباشره مع سوريا، بوساطة الديبلوماسيين الأمريكيين، دينيس روس وفريد هوف بأواخر عام 2010.
كانت إسرائيل ستنسحب من مرتفعات الجولان مقابل سلام كامل وانفصال سوريا عن إيران. عن الجانب الإسرائيلي تولى المحادثات العميد إسحاق موهلو، وميخائيل هيرزوغ والمستشار السياسي يوزي آراد. قام نتنياهو بإشراك وزير الدفاع إيهود باراك ولكنه إستثنى رئيس الإستخبارات العسكرية. من أجل إبعاد المحادثات عن مجمع الدفاع كيرياKirya) ) بتل أبيب قام روس وهوف بنقل تقاريرهما حول المحادثات في سوريا إلى الشركة القانونية إي.أس.شيمرون،آي.مولهو،بيرسكي.( E. S. Shimron, I. Molho, Persky & Co. law firm) الواقعة بقرب بلاتينم تاور (Platinum Tower).
في بداية عام 2011 جاء روس وهوف لإسرائيل بعد محادثات مع شخصية سورية رفيعة. وبناءا على مصدر أمريكي فقد أفاد بأن الأسد مستجيب وحاولاــ روس وهوف ــ إشراك نتنياهو. قال المصدر " أن الأمر اقترب من الإنجاز " وأضاف أن المحادثات لم تصل مرحلة النقاش المفصل بخصوص مراحل الإنسحاب، وترسيم الحدود والترتيبات الأمنية.
وقد عُلقت الإتصالات عندما بدأت الإنتفاضة السورية بعد ذلك بوقت قصير. (جريدة ) التابلويد العبريه الإسرائلية اليومية يديعوت أحرونوت فضحت القصة قبل انتخابات كانون الثاني بوقت قصير. أمور عديدة قد تغيرت بالسنتين الفاصلتين. الأسد ارتمى بين ذراعي إيران التي تزود النظام بالأسلحة والمال والدعم الدباماسي.
هوف غادر وزارة الخارجية الأمريكية. وهو الآن عضو بارز بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط ويدعو الآن للمزيد من الإنخراط الأمريكي من أجل إسقاط الأسد. إسرائيل إقتربت أكثر من حلفائها القدامى الأردن وتركيا اللتان تسلحان معارضي الأسد وتوجهان المرجل السياسي السوري وكل منهما يدعم فريقا معارضا منافسا.
إسرائيل أيضا فتحت سياجا على حدودها بمرتفعات الجولان مع سوريا وباشرت بتقديم العلاجات الطبية للمصابين السوريين.
قائد المنطقة العسكرية الشمالية، يائير غولان ، بهذه الأثناء، يحلم بالجولان " منطقه أمنية " يقودها أحد الموالين للمليشيا السورية الإسرائيلية --- من أصول جيش جنوب لبنان السابق. نتنياهو ما زال حذرا من استفزاز الأسد وتوريط اسرائيل المحتمل في سوريا.
لم يكن واضحا فيما إذا طلب أوباما بزيارته الأخيرة من نتنياهو بأن يخشن موقفه تجاه دمشق. الأمر يستدعي الإهتمام فقط بحال إذا كان نتنياهو يستعد للحظة التي عندها ستجبره الظروف لتغيير الأدوار, واعتذاره لتركيا كان الخطوة الأولى بذلك الإتجاه. انتهت الترجمة. [email protected]