لماذا تراهن على النواب وتخسر الشعب قال تعالى فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ سورة آل عمران ﴿١٥٩﴾ اليس من الواجب ان يتشاور دولة الرئيس المكلف مع جميع فئات المجتمع المؤيدة ..والمعارضة ، والتي يعود الفضل لها في مسيرة الاصلاح والتي تدعيها مؤسسات الحكم .
والحراك الاردني بمختلف مكوناته ومطالبه بالإصلاح والتغيير نحو مشاركة الشعب بالسلطة ورفع شعار الشعب مصدر السلطات ومن مطالبهم والتي نجحت بإصرار المعلمين باستعادة نقابتهم والتي الغيت من نصف قرن تقريبا الى تحسين المستوى المعيشي وزيادة الرواتب للموظفين بشكل عام للمطالبة بهيكلتها ، وصولا للمطالبة بالتعديلات الدستورية ، وتعديل القوانين الناظمة للحياة ..بدأ بتعديل قانون الانتخابات النيابية ..وقانون المالكين والمستأجرين ..
وقانون النظام الاجتماعي والتقاعد المدني والكثير الكثير من المطالبات ..ولا زالت الحركات فاعلة ..في مطالبتها في تحقيق اهدافها المشروعة ...وامام هذه الحركات سقطت اربعة حكومات وتوج النضال بإسقاط مجلس النواب السادس عشر والذي اثبت عجزه في الاداء ومراقبة الحكومة واصابته بمقتل اسرع بإنهائه حين صوت على طي صفحات الفساد وتبرئته لمسؤولين ومتنفذين اتهموا بالفساد .
نتيجة لذلك دعي لا جراء انتخابات نيابية مبكرة لم تلق توافقا وطنيا بسبب قانون الانتخابات والذي اقره المجلس16 والذي شهدت قوى متنفذة واجهزة امنية وحكومية انه جرى تزويره من خلال العبث بنتائج الانتخابات ، وجرت انتخابات ولأول مرة تدخل ما سمي بالدائرة العامة التي حدد لها سبعة وعشرين مقعدا وبزيادة عدد اعضاء المجلس لمئة وخمسين عضوا لم تلق ترحيبا شعبيا ..
والكثير من الجهات الحزبية والقيادات الوطنية والتي طالبت الا يزيد عدد اعضاءه عن ثمانين عضوا لأسباب عدة لا يسمح المجال بشرحها ، وبالنتيجة اجريت الانتخابات ،واصدرت النتائج ،وشابها العوار!! مما ادى لاتهامها بالتزوير وخاصة في القوائم العامة ،والتي توجت بقضية ابو علبة وقشوع !! والشارع الاردني تندر كثيرا على قضيتهما ..وانتقلت الازمة تفقد ثقة الشعب بانتخاب رئيس مجلس النواب المحترم ..
وتعيين رئيس الحكومة دولة فايز الطراونة في مركز لا يختلف اثنان على اهميته في رسم السياسات ..وانتقلت المسيرة لتسمية رئيسا للوزراء ، وبمشاورات جرت على خط العبدلي بسمان ولإيام طويلة ..والانظار شاخصة بعد شد وجذب وتصريح هنا ووشاية هناك تمخضت بتكليف دولة عبدالله النسور رئيسا للوزراء فاكتملت الحلقة ما قبل الاخيرة بمسلسل تراجيدي آلم الاردنيين ليصابوا بخيبة امل ، وتأكدوا ان النظام لا ينوي الاصلاح ولم ولن يأخذ بمطالبهم ورمى بها عرض الحائط ..ولا زالت الحلقة الاخيرة تعرض ..
وتتركز على اختيار اعضاء مجلس الوزراء ، بالتشاور مع كتل نيابية هشة لم تشكل على برامج واسس مدروسة وواضحة ، ونجدها مستقطبة من قوى لها اجندات مختلفة في تفسيرها للأمور والعديد من النواب وخاصة الجدد يبحث عن مصلحته الشخصية بانتقاء الكتل ، ولا ننفي ان هناك العديد منهم يعمل ويجهد لصالح الوطن والمواطن ليثبت لناخبيه صدق شعاراته والعمل على تحقيقها ولكنهم لم ولن يشكلوا اغلبية مؤثرة في العمل لإنجاز ما نذروا انفسهم لأجله .
المشاورات لازالت مستمرة ومغازلة النواب فرادى وجماعات بشأن توزيرهم بأول تعديل وزاري بأيلول القادم كما سرب البعض الخبر ..اذا تعتمد المشاورات على تقديم الوعود بتقاسم الكعكة ، ونجد مطالبات تظهر للعلن بالمحاصصة بين فئات المجتمع ،هي موجودة مسبقا ولكنها لم تظهر للعلن مثل هذه المرة وهي مطالبة اخواننا الفلسطينيين بفرض محاصصة لتوزيرهم ..
وزاد الطين بلة تصريح احد النواب بتفجير دائرة المتابعة والتفتيش والتي قال لماذا علي وعلى ابناء الفلسطينيين مراجعتها ولم يراجعها النائب ...والاردنيين ..انا هنا افترض حسن النية بمفردة تفجير لا فسرها بمعني الغائها ولكن من يقنع الكثير من شعبنا ان مراد هذا الرجل الدال على التفجير والتدمير ليصل بالتفسير تحريضه للبعض على العمل الفعلي بالتفجير الحقيقي لتلك الدائرة التي شهد لها القاصي والداني بكفاءة عملها ،ولعل جهة ما تلتقط هذا التصريح لأهداف خبيثة تشعل فتنة لا يحمد عقباها، وهنا نلوم النائب مهما كانت نيته ،..
لذا يجب ان يعتذر تحت القبة عن تصريحه الغير موفق وامام الاعلام ويسحب تصريحه ، والا سنحمله اي فعل ارهابي يمس اي مؤسسة في هذا الوطن الغالي ..على العموم ..الوضع ضبابي ويمتاز بالرمادية والتي يتحمل مسؤوليتها النظام بالدرجة الاولى ..
ومن جهة اخرى اخاطب دولة الرئيس لأبين له انه وقع بخطأ واضح بتصريحه حول عرض مشاركة الاخوان المسلمين بالحكومة ورده الذي اعتبره سقطة سياسية كبيرة حيث قال بانه لن يعرض عليهم المشاركة بالحكومة ، لانهم يطعنون بشرعية مجلس النواب وكيف نقدم لمجلس النواب وزراء مرجعيتهم تطعن ولا تعترف بشرعيته ، ولو انه تريث قبل اصدار هذا التصريح وشاور الجماعة والاصل ان يقنعهم ويستعمل كل ما باستطاعته اقناعهم بالمشاركة ولو افترضنا قبولهم ، فمجرد الموافقة ستعطي شرعية للمجلس وانا على يقين انهم لن يقبلوا ويوقعوا انفسهم بسقطة سياسية ..اوقع دولته نفسه بها دون مبرر لذلك.
كما انني اتمنى على دولة الرئيس ان يعلم ان احزاب وتيارات وشخصيات وطنية قاطعت الانتخابات ولها رؤى ومطالب تصر عليها وهؤلاء يشكلون عددا كبيرا ويمثلون قواعد شعبية واسعة ، فمن الواجب ان يلتفت لمطالبهم ويعمل على الاجتماع بهم والاستماع لمطالبهم لعله يكسب تأييدهم ، وما الضير ايضا لو التقى دولته بممثلين عن الحركات الوطنية والشبابية واركز على الشبابية ، ومناقشتهم ومحاولة تلبية ما يستطيع تلبيته من مطالب ..هذا كله يستطيع اي رئيس مكلف ان يحققه ،لو امتلك خطة عمل واضحة واستراتيجية تحمل حلا للمشاكل الشائكة التي يمر بها الوطن .
وفوق هذا وذاك ان يمتلك ولاية عامة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولو تحقق ما ذكرته وشكل وزارة انتقى اعضائها لكفاءتهم وبمشاورة كل القوى الفاعلة بالمجتمع سيسير بخطى ثابتة ويدخل قبة البرلمان منتشينا ضامننا الثقة والتي دعمها شعبيا ..وسينالها مرتاحا دون الرضوخ ،لدعاة المحاصصة والاجندة الخاصة والتخلص من الضغوط لما يسمى بالوزراء العابرين للحكومات والذين لم يحظوا بثقة الشعب والكثير من النواب . بهذا الطرح يستطيع دولته السير واثقا بمسيرة حكم رشيد ..متحرر من الضغوطات وسيحمي مجلس النواب وسيغير نظرة الشارع لهم .
ان كسب ود الشق الثاني من شعبنا وتهدئته سيسهل عليه العمل والبناء والانجاز من خلال وقوفه على صخرة صلبة تتحطم عليها كل الاجندات التي لا تريد للأردن خيرا .وان انتهج العناد فلن الاستقرار والعواقب التي تنذر بما لا نتمناه جميعا ..المرحلة صعبة ودقيقة وتحتاج بنظري لمعجزة لخروج الوطن سالما معافى . مختتما مقالي بهذه الحكمة : التفكر نور , والغفلة ظلمة ,والجهالة ضلالة , والعلم حياة والأول سابق , والآخر لاحق , والسعيد من وعظ بغيره .