كالعادة أثبت فقهاء الدستور المصري أنهم عمالقة فكر وحجة قانونية تحترم وخاصة حين حللوا وفسروا الوضع القانوني لموعد الانتخابات البرلمانية المنوي أجراءها وكذلك العوار الذي يتضمنه قانون الانتخابات والمتابع لطبيعة الشعب المصري والمبحر كذلك في فهم دهاليز الفكر الاخواني سيلاحظ أيضاً ، ان الأمور التي تؤخذ عنوة وعلى عجل وبشكل انفرادي الجانب وبلا وفاق وطني على خطوطها العامة بل والتفصيلية والتي تضمن رضى وقناعة الجميع ، لا نجاح فيها أو استمرارية لبقائها !
وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حين أصدرت حكما بوقف تنفيذ قرار الرئيس محمد مرسي بشأن انتخابات مجلس النواب المزمع إجراءها في الثاني والعشرين من ابريل المقبل وكذلك إحالة قانون الانتخابات الى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستوريته….
فحالة الاحتقان والغضب والفوضى العارمة في الشارع المصري والتي من أهم أسبابها تفرد حركة الإخوان المسلمين بالحكم وعدم مراعاتهم ، لا طبيعة الشعب ولا مطالب المعارضة وتلك الدماء التي تسيل يومياً أمام مقرات الحكومة والشرطة وفي بعض الميادين ، تجعل من المستحيل ضمان إجراء أي انتخابات نزيهة ،فالشعب فقد ثقته٠في مؤسسة الرئاسة صاحبة القرارات العشوائية والحوارات الشكلية وفقد الأمل كذلك في أصلاح حكومة قنديل !
ولو أفاقت حركة الإخوان المسلمين٠من غفلتها وعبثها السياسي والاقتصادي واستفادت من قرار محكمة القضاء الإداري ،ربما حينها فقط تنتقل بمصر الى مرحلة تاريخية من شأنها تحقيق توافق وطني يضمن حفظ ماء الوجه لجماعة الإخوان والرئاسة وجبهة الإنقاذ ، جميعهم وفي آن واحد ، وأما إذا أستمر الحال على شاكلته الحالية من الفعل وردة الفعل ، وحوار الطرشان حول قضايا الشعب المصيرية وبدون اتفاق مسبق على الالتزام بنتائج حوار حقيقي وتنفيذها بشفافية ، فنستطيع القول ان حكم الإخوان المسلمين هو حكم أكثر دكتاتورية من أي حكم عاشت تحت نيرانه الشعوب ، حكم سيتحول كما هو الحال الان وتدريجياً الى حكم مصر بالنار والحديد !
على الإخوان ان يفهموا أن الفرصة قد باتت عظيمة لو أرادوا ومعهم المعارضة استقرار الشارع ، فليلتقط الجميع أنفاسه وليعيد ترتيب أوراقه بما يضمن العمل وفق نظام الفريق ، فالاحتقان الشعبي سيلزم الجيش أن عاجلاً أو آجلاً وفي مرحلة ما من هذا الصراع الدموي ، التدخل بالنظام السياسي وفرض الحكم العسكري على البلاد الى آجل غير مسمى وبالتالي زوال الديمقراطية التي راح يناضل لأجلها الشعب المصري ولسنوات طويلة !
كما أن إجراء الانتخابات في ظل حكومة أخوانيه يفرض واقع مرير وتزوير مؤكد لإرادة الجماهير لان الإخوان والحال هكذا هم الخصم والحكم !،فإذا ما أراد الإخوان أثبات مصداقيتهم وأن كنت أشك في ذلك حسب المؤشرات والمعطيات خلال الأشهر المنصرمة من حكمهم ، عليهم اتخاذ خطوات تصحيحية أهمها تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعنى بحل مشاكل الشارع والمواطن أولا ، ثم الإشراف على الانتخابات البرلمانية …..
ان إجراء انتخابات نزيهة يتطلب كذلك وعي حقيقي من قبل الرئيس بأنه زعيم أمة وليس مسئول في جماعة أو حزب ، وكذلك مطلوب من حركة الأخوان المسلمين ، تصحيح و ضعها القانوني فزمن خفافيش الظلام يجب ان يولي٠ وليرضوا بالشمس حتى وان أعمت عيونهم ، فتلك هي الديمقراطية التي يرضاها المواطن المصري !
وختاما ننصح الإخوان المسلمين أن يحللوا جيداً نتائج انتخابات الجامعات المصرية الأخيرة لأنها أثبتت وبالدليل الرقمي القاطع، تدني شعبيتهم، فهذا ناقوس خطر بأنهم راحلون لا محال...