تسير المشاورات الرسمية بين الكتل البرلمانية، ورئيس الديوان الملكي، لاختيار رئيس الوزراء بديمقراطيتها الجديدة، والتي جاءت نتيجة الضغط الشعبي، لغايات إجراء تغيير في روتين اختيار صاحب هذا المنصب، والحقيقة التي ندركها أن الأمر حدث به تطور ملموس، بحيث قدمت الانتخابات البرلمانية للمواطنين فرصة أن يعبروا برأيهم، ويوصلوا أصواتهم، بدون اللجوء إلى الاعتصام أمام القصور الملكية، وفي الشوارع، وحمل اللافتات، أو التأثير على حركة المرور، أو حتى تكبيد الأجهزة الأمنية عناء المحافظة على امن المواطنين والممتلكات العامة
خلال الوقفات الاحتجاجية هذه، فاستبدلت هذه الطريقة التقليدية والشعبية، بطريقة أكثر ديمقراطية، بحيث يتم جلب نواب الشعب بواسطة الحافلات على شكل مجموعات صغيرة، أو بشكل فردي، إلى داخل المكاتب والغرف والقاعات المكيفة في القصر الملكي، لتتم أجواء التحاور بشكل هادئ، بين مهندس الانتخابات البرلمانية رئيس الديوان الملكي وفريقه، وبين هؤلاء الممثلين لشرائح المجتمع، وصولا لاختيار رجل المرحلة القادمة، الذي سيصل إلى كرسي الرئاسة هذه المرة مدفوعا بتزكية شعبية، قد تخفف عليه بعض الضغوط التي ستواجهه عند مباشرة أعماله.
فدولة رئيس الديوان الملكي، يجد انه من المناسب جدا والأسلم، هو أن يجلب السادة النواب للقصر لغايات المشاورة، بدلا من توجهه هو إلى بيت الشعب، والتشاور معهم، قاصدا من ذلك توفير أجواء صحية للحوار معهم، على اعتبار أن من سيحضر من ممثلي الكتل، سيجدون أنفسهم ضيوف كرام عند دولة السيد رئيس الديوان الملكي
وبذلك يكون للمجاملة حضور واضح في اللقاء الودي الذي يجمعهم، وسيجعل من دولة رئيس الديوان الملكي متمكن من لملمة أفكاره، بعكس الحال للضيوف الذين بتغير المكان عليهم ستتشتت أفكارهم، وسيجدون أنفسهم أمام سيل من الأفكار المنتظمة، والاقتراحات الصائبة، تفصل لكل ضيف منهم على حدا، ولا يملكون أمامها إلا التوافق والمباركة، فهذه كتلة وطن، وكتلة التجمع الديمقراطي، خرجتا من أول اجتماع بالاكتفاء بوضع لمساتهما على القالب الذي سيصنع به دولة رئيس الوزراء الجديد، أما اسم دولته، فهو متروك لمرحلة لاحقة.
نتمنى أن يكون الرئيس القادم، الذي يتم التحضير لاستلامه مقاليد رئاسة الوزراء، في زمن الديمقراطية الجديدة وفي ظل الربيع الثالث، أن لا يكون من نادي رؤساء الوزارات السابقين، أو أن يكون من كبار التجار، أو من علماء الذرة، أو من جماعة أبو نسب، وأخاف ما أخاف أن يأتي من رحم المعارضة، بعد أن انشق عنهم.
كما ونتمنى أن تكون واجبات عمل دولة الرئيس الجديد، ذات بعد إصلاحي على كل المستويات، فالتجارب السابقة مع أعضاء نادي أصحاب لقب الدولة، كلها كانت مخيبة للآمال، وتسببت لوصول البلاد إلى ما وصلت إليه من تفشي للفساد والمحسوبية.