جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قد لا تجدي خبرات رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات الأردنية عبد الإله الخطيب نفعا في إقناع العديد من القواعد الشعبية والمناطقية بقبول ما جادت به صناديق الإقتراع في إنتخابات 2013 التي كانت الأكثر غرائبية وعجائبية في الوقت نفسه.
الدبلوماسي المخضرم طلب من الأردنيين مساء الخميس قبول ما إحتوته الصناديق لكن مرشحين خسروا ومعهم بعض الناجحين مثل الدكتورة رولا الحروب أمطروه بالأسئلة التقنية والفنية والقانونية المختصة بما حصل يوم الإقتراع وبنسب الأرقام وبالفروقات بين السجل الإلكرتوني للتصويت ونظيره الورقي الذي يبدو أنه لم يعتمد.
حتى السفارة الأمريكية إمتنعت خلافا لما حصل عام 2010 عن إمتداح نزاهة الإنتخابات الأردنية ووسط معلومات ترجح وجود تقارير أرشيفية حول مخالفات الإنتخابات التي أشرف عليها الخطيب يمكن أن تستثمر سياسيا في وقت لاحق أزعجت السفارة السلطات المحلية عندما أصدرت إنذارا للرعايا الأمريكيين حول إحتمالية حصول عمليات عنف في الأردن.
الإنذار الصادر صباح الجمعة لا يخلو من الدهاء والخبث الميداني فقد تحدث عن إحتجاجات سلمية ستشهدها بعض المناطق على نتائج الإنتخابات ويمكنها أن تتطور لأحداث عنف وعن تواجد مكثف متوقع للشرطة ورجال الدرك مقترحة على الأمريكيين في الأردن الإنتباه للأمر الجمعة وفي عطلة نهاية الأسبوع.
لكن الإحتجاجات المناطقية من المرجح أن السلطات المحلية توقعتها فكل الدلائل أشارت من البداية إلى أن إنتخابات بدون توافق وطني ستنتهي بغضب مرشحين خاسرين وأنصارهم خصوصا بعد إتهامات كثير من هؤلاء للسلطات بالتلاعب بالنتائج.
حتى صحيفة "العرب اليوم" المحلية المتزنة لم تستطع تجاهل الأمر فنشرت على صفحتها الأولى قصة عن "ضياع" صناديق ومحاضر في منطقة البلقاء في الوقت الذي نشرت فيه وسائل الإعلام المحلي عشرات التصريحات وأشرطة الفيديو التي يتحدث فيها مرشحون خاسرون عن ملاحظاتهم وتوثيقاتهم المضادة لمنظومة النزاهة.
بين هؤلاء أستاذ قانون جامعي من عشيرة الذنيبات تحدث عن "تنجيح" أحد الأميين ضده بفارق ثمانية أصوات ومرشح مسيس من وزن وليد جريسات تحدث علنا في مدينة الفحيص المسيحية عن عشرات الأصوات المسجلة بالمحاضر ولم تحسب له مما دعا أنصاره للتجمع إحتجاجا والتحدث عن إقصاء متعمد في واحدة من اهدأ المدن الأردنية لبعض مكونات المنطقة.
مرشحون من الرمثا وجرش والمزار الشمالي ومعان ظهروا على الفضائيات والإعلام يشتكون من فروقات الأرقام التي أطاحت بفرصهم لصالح مرشحين آخرين أما ظاهرة إغلاق الشوارع والإحتجاج فشملت العاصمة عمان والكرك ومعان والسلط وبعض قرى الشمال.
لعشائر التي تسعى الإنتخابات لتمثيلها بدت مفككة ومشتتة وهي تتبادل الإتهامات بالتلاعب بالإنتخابات وغالبية الذين سقطوا بالإنتخابات مع بعض حتى الفائزين رفضوا التسليم بالنتائج وهو أمر كان متوقعا وفقا لرئيس مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي الشيخ علي أبو السكر لان الإنتخابات وظيفية وجرت بموجب قانون يزور أصلا إرادة الشعب.
الأكثر إثارة في السياق هو موقف بعض رجال الدولة والحكم الذين أسقطتهم النتائج المعلنة ورفضوا بدورهم كالشارع التسليم بها فالمرشح الأكثر أهمية عبد الهادي المجالي يتعرض لضغوط عنيفة من حزب التيار الوطني الذي يقوده حتى يستقيل رغم فوز قائمته بمقعد واحد ويبدو أن ضغطا مماثلا لكن أخف حدة يتعرض له رئيس حزب الجبهة الموحدة أمجد المجالي الذي فاز هو الأخر بمقعد واحد.
ردة الفعل الأعنف برزت عند الوزير الأسبق محمد داوودية وهو يلمح علنا "لتخسيره الإنتخابات" بسبب مواقف سياسية له من عائلة الرفاعي ورجل الأعمال المتهم بالفساد وليد الكردي.
في السياق أظهرت الحيثيات سقوط العشرات من الوزراء السابقين والشخصيات المحسوبة على الدولة في هذه الإنتخابات، الأمر الذي تعتبره بعض أوساط الحكم دليلا على حيادية ونظافة الإنتخابات وليس العكس.
بين هؤلاء بعض رجال بارزون في النظام مثل عمدة عمان السابق نضال الحديد ووزراء سابقون بينهم الدكتور عبد الرزاق طبيشات وصالح إرشيدات ومنير صوبر ومحمد ذويب وغيرهم.
إبقاء بعض الأسئلة الفنية معلقة هو الذي يسمح بتمدد ظاهرة الإحتجاجات بالشارع لأنصار من خسروا المعركة الإنتخابية كما يسمح بتشكل طبقة جديدة من رجال الدولة والحكم تقف في الخندق الإتهامي ولأول مرة موحية بحصول تلاعب في الإنتخابات.
يحصل ذلك بسبب نجاح أو "تنجيح" شخصيات لا يصدق الشارع أنها نجحت فعلا فجانب مهم من هذه الإنتخابات كان يتعلق بالبحث عن "لحى" سياسية من أي نوع تعوض غياب مشايخ ولحى الأخوان المسلمين عن القبة برأي الكاتب الإسلامي حلمي الأسمر، الأمر الذي يبرر عمليا الإعلان عن فوز أكثر من 22 إسلاميا مستقلا أو ينتحل صفة الإسلامي والكثير من هؤلاء منشقون عن الحركة الأخوانية في الأساس.القدس العربي