لعل أبرز ما يحدث بالشأن السياسي الأردني هو الأزمات المتكررة والمتراكمة والخصومات التي لا حد لها ... والتناحر بين القوى السياسية والكتل النيابية وتباين المواقف واختلاف الأدوار بين القادة السياسيين والأحزاب والمعارضة والموالاة ... الخ .
جرياً وراء المصالح الآنية والفردية الضيقة والتي تؤدي في جميع الأحوال الى الفرقة والصراعات لا لشيء إلا لنيل القسم الأكبر من الكعكة .
الكعكة الأردنية التي باتت تتقاذفها مختلف الأيادي الكبيرة الى الصغيرة من مسؤول وسياسي ورئيس حزب ... نزولاً الى أدنى المراتب . والأكثرية حالمة بالقسم الأكبر وبأي ثمن وتحت العديد من المسميات , مصلحة وطنية , شراكة استراتيجية , ديمقراطية , تطوير , استثمار , والكثير من الشعارات التي باتت جمل متكررة ومكشوفة وعبارات تخدش الاذان لا أكثر , ضاربين عرض الحائط المصلحة الوطنية او مصلحة الشعب التي باتت في آخر القائمة لا بل منسية ومهملة .
ويلام ويحارب كل من يطالب بها او يتحدث عنها , وهذا ما تثبته الأكثرية ممن نهبوا الوطن ومقدراته بالعديد من الطرق و أوصلوه الى حالة الضياع ومرحلة
كان يا مكان مع احترامي الشديد لكل مخلص ونزيه ووطني والذين باتوا قلة قليلة صوتهم يا دوب مسموع ولا يقدم ولا يؤخر في شيء .
ولعل السبب في هذا السياق المحموم لتقلد المناصب واستلامها والتشبث بها من قبل قلة تتدعي الفهم والذكاء والقدرة الخارقة على معالجة مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بغض النظر عن الكفاءة والنزاهة الوطنية وبعيدين عن المساءلة بحكم مواقعهم وامتيازاتهم وصلاحياتهم وما تدره هذه المواقع من اموال ومغريات يسيل لها لعاب الكثيرين , خاصة أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم بعيدين عن المساءلة الى ان وقع الفأس بالرأس وكان الهيجان الشعبي مع عصر الانفتاح والديمقراطية والمساءلة الوطنية والتي نحن مقبلون على مزيد منها والله اعلم بما ستؤدي إليه وما يترتب عليها .
وهنا نتساءل هل ان صراع المناصب والكراسي والتأثر بها والتداعي لأولادهم ليتقلدوها وانسبائهم ليستثمروها هو من باب الوطنية ام المحسوبية والشللية ام من باب الحرص على مستقبل الوطن والسير به نحو الأفضل .
لا اعتقد ذلك ولسبب بسيط جداً وهو ان مصلحة الوطن والمواطن واحدة في كل الظروف والأحوال . ولو كان الدافع ذلك لكان الأكثرية متفقين ومتفانين ومتحابين الى أبعد ما يمكن ان يكون وما كنا سنعاني من كل هذه الأزمات والاختلافات .
وبصراحة أكثر السباق هو سباق امتيازات رواتب خيالية وامتيازات وصلاحيات وحصانات في الوقت نفسه نجد ان الوطني والمخلص والنزيه والكفء والقادر على اشغال هذا المنصب بكل جدارة وقادر على خدمة الوطن بغض النظر عما يدره هذا المنصب من راتب او امتيازات نجد انه مستبعد لأسباب كثيرة ومتعددة .
فلو كانت هذه المناصب بامتيازات وصلاحيات محددة ومنطقية ومعقولة ومحددة الفترة الزمنية بناء على القدرة والعطاء والنجاح والتقييم السليم للنزاهة فهل كان سيحدث ما حدث .
أي ان المناصب لمستحقيها وفق ضوابط وأسس شفافة ونزيهة وديمقراطية صحيحة وليس الديمقراطية المغلقة التي تدعو للدهشة والاستغراب من كل ما يحدث .
أي ان الأمر ليس صعباً امتيازات معقولة منطقية وفق ضوابط وصلاحيات مدروسة ومحاسبة ومسائلة دون تميز واحترام المبادىء وصحوة ضمير وقدرة على التعامل والتواصل مع المعنيين والمواطنين لتلمس احتياجاتهم والتواضع وعدم الغرور لمصلحة الوطن ولنقول وداعاً للأزمات .
حمى الله هذا الوطن وأمنه واستقراره في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .
[email protected]