اكيد ان كل حزب سياسي يطمح ان تحقق له الحملة الانتخابية شريحة من السلطة, هناك احزاب عملاقة او متعملقة تريد ان تهيمن على السلطة كلها, وهناك احزاب تسعى الى التعاون لعلها تنال اكبر قسط من هذه السلطة المتنازع عليها, وبما ان الحرص شديد من الدولة على تمكين الاحزاب السياسية للفوز باكبر عدد من المقاعد النيابية بهدف افراز حكومة برلمانية حزبية, فمن البديهي ان ينضوي "هوامير" السياسة الاردنية تحت مظلة الاحزاب السياسية لعل هذا الانضواء يحقق لهم طموحاتهم في الوصول ا لى "سدة الحكم" حسب تعبير رئيس وزراء اردني سابق.
عيون السياسيين المحترفين, وعيون الممحونين في السلطة, تتجه كليا بتطلعاتها الى السباق الذي انطلقت صفارته وابتدآ الجري فيه ولن يتوقف الا في 23/1/,2013 والهدف هو الفوز بالسلطة كلها او شريحة منها او حتى ولو باحد اظفارها, وما اكثر الجاذبية في السلطة التي يسيل عليها لعاب السياسيين, وبالمناسبة ليس عيبا في السياسي ان يعشق السلطة, وبالتحديد ليس انتقادا للحزبي ان يهلوس بالسلطة, فالسلطة هي الهدف الاول والاخير للسياسي.
ولكن هل عشق السياسي لنيل السلطة هو عشق عذري, او عشق طاهر ونبيل? وهل هو عشق للسلطة بذاتها ام ان السلطة هي الوسيلة لتحقيق الهدف الاخر الذي لن يتحقق الا بواسطة السلطة او بتسخير السلطة..وبما ان العشق انواع من حيث نبله ومن حيث سموه او من حيث مصالحه, فان الهدف الحقيقي من هذا العشق يمكن الاطلاع عليه بدقة اكثر من خلال السيرة الذاتية لهذا العاشق, وعلى الراغب في الاطلاع ان يكون حذرا من الوقوع في تصديق كل ما جاء في البرنامج الانتخابي, فالسيرة الذاتية والسلوك الشخصي هو حتما اكثر صدقا مما جاء في النصوص, خاصة وان الاردنيين يعرفون بعضهم جيدا, ولكن هذا السباق الولهان بالسلطة ما زال حبيسا في اطار المفهوم السابق للسلطة, اي المفهوم الذي كان قبل زمان الربيع الاردني, وقليل فقط من المتسابقين او من الذين احجموا عن دخول السباق هم الذين ادركوا ان المفهوم الجديد الربيعي للسلطة اصبح مفهوما خاليا كليا من التسلط ومن التغول وحتي يخلو من "المنفخة" و"التبجح", المفهوم الجديد يعني ان السلطة مسؤولية بشفافية كاملة مع الالتزام الكامل بالقوانين والانظمة, وفوق ذلك بل والاهم من كل ذلك التعهد الكامل بما جاء في البرنامج الانتخابي علما بان المساءلة تجري جنبا الى جنب وبالتوازي مع المسؤولية.
ولكن ماذا سيحصل حينا يتم التاكد بقناعة كاملة بان مفهوم السلطة السابق قد عصف به الربيع الاردني, وعلى المتسابقين اذن مراجعة حساباتهم في هذا السياق قبل فوات الاوان, وهناك خبر جديد عن السلطة بمفهومها الربيعي الاردني, وسأسميه "بالخبر العاجل", وهو:
لم تعد السلطة فقط كما وردت في الدستور فقط, اي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية, فالمتسابقون الان يتسابقون الى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية, هناك سلطات اخرى اكثر دستورية من دستورية السلطات الدستورية ولم ترد في الدستور, منها على سبيل المثال سلطة الرأي العام, ومنها سلطة الاعلام, والاعلام اصبح سلسلة طويلة من السلطات وواسطة العقد فيها سلطة المواقع الالكترونية التي لا سلطان لاحد عليها.
ان اهم سلطة هي السلطة التي تعالت على السلطات السابقة, ألا وهي "سلطة الشارع" وخاصة بعد صلاة يوم الجمعة, هذه السلطة اصبحت الشغل الشاغل للمجتمع الاردني ولجميع السلطات الاردنية الاخرى, وقد تعاظمت سلطة الشارع بل وصلت الى مرحلة ليس من الشطط تسميتها او وصفها بانها دكتاتورية, لا تريد ان تحاور ولا تريد ان تسمع بل ولا يتسع صدرها لأي رأي اخر, هذه السلطة تتمترس في خنادق من نوع جديد و بيدها اسلحة متنوعة لا "تدوش" فقط بل تصيب فتوقع الالم بل اكثر من الألم.