منذ انضمام عمال شركة البوتاس العربية ، الى نقابة العاملين في المناجم والتعدين عام 2003 ، وهم يعيشون معاناة مستمرة ، مع من يفترض بهم ان يرفعوا المعاناة عن العمال ، انه قدرنا نحن الشعب العربي ، ان نعيش خيبة الامل ، مع كل من نضع ثقتنا به في العمل العام ، ونختاره بملء ارادتنا لرعاية مصالحنا ، والمحافظة على حقوقنا ، وانتزاع حقوقنا المنقوصة
فسرعان ما يتسابق هولاء الفائزون بثقتنا ، لتحقيق مصالحهم الخاصة مع ارباب العمل ، الذين بدورهم يعرفون كيف يسدون افواه هولاء الجائعين ، بمختلف المغريات المادية على وجه الخصوص ، وهي اغراءات مدروسة حسابيا ، فبدل ان تمنح العاملين حقوقا بالملايين ، يستطيع ارباب العمل هولاء ، وبعشرات الالوف ، ان يسدوا الافواه الجائعة ، لكنهم لن يخرسوا السنتهم ، بل تنطلق هذه الالسنة ثناءا وعرفانا لارباب العمل
والانجازات الفتات التي تحققت ، وتبدأ حملات التضليل والتحريف للحقائق ، بشتى الاشكال ، لا اقلها الحرص على المصلحة الوطنية ، والاقتصاد الوطني ، ويجد هولاء النقابيون مع الاسف ، فئة كبيرة من العمال ، اما ان يكونوا من ضعاف النفوس ، فيرضون بفتات الفتات كي ينقلبوا ضد المصلحة الجمعية للعمال ، او يصبحوا ضحية للتضليل ، بافتراض حسن النية لديهم ، فينبهرون بمقولات القوة والقدرة لدى هولاء النقابيين ، الذين يمتلكون بلا شك ، مواهب عديدة في التضليل والتبجح ، واحيانا في المسكنة ، وخاصة عند الانتخابات .
انه قدرنا في الاردن ، ان نعيش بيئة حاضنة لمثل هذه الاوبئة الاجتماعية ، عشناها منذ عقود مع مجالس النواب ، نبيع اصواتنا بالمال القليل ، ونتعصب للاقارب ، فتخرج الينا مجالس من المنتفعين ، نبدأ بذمهم حتى تنتهي دوراتهم ، او يحل مجلسهم ، ثم نعود وننتخبهم او من على شاكلتهم ، انه فساد الشعب ، الذي نعاني منه اكثر من فساد الحكام ، لا بل ان فساد الشعب ، هو الحاضنة التي تفرخ فساد المسؤولين ، هذا هو شعبنا ، لا نستطيع استبداله ، او استيراد شعب اخر غيره ، وليس امامنا الا الصبر ، والاستمرار في فضح مثل هذه الممارسات ، عسى ان تكون مراهنتنا على الاجيال القادمة ، تحقق احلامنا في الممارسة الديمقراطية الواعية ، فمصيبتنا الكبرى ، اننا لا نحسن ممارسة الديمقراطية ، هذه حالنا مع ممثلي الشعب المنتخبين ، نوابا ونقابات ، ومختلف مؤسسات المجتمع المدني .
لنعد الى نقابة المناجم والتعدين ، التي تمثل عمال البوتاس والفوسفات بشكل رئيسي ، لقد انتفض عمال الفوسفات قبل عامين ضد هذه النقابة ، وتداعوا لتشكيل نقابات مستقلة ، ما زالت تصارع اصحاب المصالح الضيقة ، في سبيل تحقيق مصالح الفئة الاكبر من عمال المناجم والتعدين ، ولم يتفق عمال البوتاس حتى الان على السير بهذا النهج الاصلاحي ، رغم انهم سابقا كانوا اكثر تضررا من عمال الفوسفات ، لكنهم ومنذ بداية العام الحالي ، شاءت ارادة الله ، ان تيسر لهم من النقابيين الصادقين ، كي يقود مسيرتهم ، ويحقق الانجازات لهم، فكان دور نائب رئيس نقابة المناجم والتعدين ماجد العضايلة ، خير تعويض عن رئيس نقابة ، اصبحت حقوق العمال اخر اهتماماته ، لا بل تنكر لهذه الحقوق ، ووقف ضد مصالحهم في منعطفات عديدة
ولعل اخر هذه المنعطفات ، ما جرى في الاضراب الاخير لعمال البوتاس ، الذي استمر 24 يوما خلال شهر ايار الماضي ، فلم يجد العمال من يقف معهم سوى نائب رئيس النقابة ، الزميل ماجد العضايلة ، الذي قاد الاضراب بكل هدوء وتعقل ، وباصرار على تحقيق الحقوق العمالية ، رغم المحاولات المستميتة للالتفاف على مطالبهم
وكان ان يسر الله لعمال البوتاس ، قيادة وطنية صادقة وامينة على حقوقهم ، تمثلت بتعيين رئيس مجلس الادارة الجديد للشركة ، المهندس جمال الصرايرة ، الذي اكتسب منذ البداية ثقة العمال ، وزرع الاطمئنان في قلوبهم ، وكان خير عون لنقابة العاملين ، وللحاضرين منهم ، وعلى راسهم نائب رئيس النقابة ، بعد ان غاب الرئيس الاصلي عنهم ، وانغمس في عمله النيابي ، ولم يستغل موقعه الجديد لدعم العمال ، بل لنفس الدور الذي مارسه معظم النواب ، في تبرير الفساد وتبرئة الفاسدين .
لقد عاش عمال البوتاس منذ شهر ايار الماضي ، بعد نجاح اضرابهم التاريخي ، وبعد تولي ادارة شركة البوتاس الجديد زمام الامور ، عصرا جديدا من النجاحات والامل والتفاؤل ، فتوالت الانجازات ، فكان القرار الانجاز لرئيس مجلس الادارة ، باعادة دراسة الهيكلة الظالمة ، التي اقرت عام 2008 ، والتي طال ظلمها مئات العاملين ، فلم يحرك رئيس النقابة ساكنا لرفع الظلم عن العمال ، بل كانت السنوات الاربع التي تلت الهيكلة ، سنوات عجاف ، عاش خلالها العمال معاناة المماطلة والتسويف والافتقار الى ارادة حل المشاكل ، وكان ذلك سببا في فقدان ثقتنا بالنقابة واعضائها جميعا ، الى ان اتضح لنا
ان الخير ما زال في شعبنا ، فجاء دور نائب رئيس النقابة خلال الاضراب الاخير، في ظل غياب الرئيس الاصلي ، لا بل في ظل موقفه الواضح الذي اعلنه ضد العمال ، وتشكيكه بقانونية اضرابهم ، ليعيد ذلك لنا الثقة بدور جديد للنقابة ، جاء متزامنا مع علاقات صحية مع ادارة البوتاس ، فلم يرق ذلك لرئيس النقابة ، ان يظهر هناك من يكسب ثقة العمال ، ويهدد موقعه ، وجاء حل مجلس النواب السادس عشر ، وعدم الثقة بنجاحه في الانتخابات القادمة ، كي يعود الى عمال البوتاس والفوسفات ، فينقلب على نائب الرئيس ماجد العضايلة ، ويزيحه بالاتفاق مع اعوانه ، عن موقع نائب الرئيس ، لانه اصبح يشكل تهديدا حقيقيا لمكانته النقابية ، والتي اصبحت اخر حصونه .
ان ما جرى بالامس في نقابة المناجم والتعدين ، هي مؤامرة على عمال البوتاس بشكل رئيسي ، من خلال الانقلاب على نائب رئيس النقابة ، وازاحته من منصبه ، لنخسر نقابيا اثبت جدارته ، وتمتع بكل المزايا الاخلاقية التي اكسبته ثقة زملائه ، وثقة ادارة شركة البوتاس العربية ، اننا ندعو زملائنا في شركتي البوتاس والفوسفات ، الى ادانة هذا الاجراء الذي جاء ضد مصلحة العمال ، ونطالب زملائنا العمال ، بممارسة كل الوسائل النقابية والقانونية المتاحة ، لاعادة الزميل العضايلة الى موقعه ، ان مصلحتكم يا عمال البوتاس ، ان لا تعود الليالي الكالحة التي عشناها سابقا ، وان نضع حدا للمتاجرة بمصالحنا والتآمر علينا ، وان لا نمنح المتامرين فرصة اخرى للانقضاض على حقوقنا .