كثيراً ما نستمع لتصريحات قادتنا هنا وهناك ،عن قرب تحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني وأن تأخير البدء في تنفيذها ، مسألة مرتبطة ببعض الإجراءات أو الخلافات الثانوية والتي يجرى تذليلها ، ولكننا حين نمعن في الخطوات التي تدل على واقعية هذه التصريحات ، نجد أننا بعيدين كل البعد عن أي أفق للمصالحة الوطنية ولا نرى إلا سراب في سراب
ولأننا شعب يمتاز بوعي كبير ترسخ فيه من خلال تجارب المصالحة الفاشلة والمتكررة أيقنا بأن كل التصريحات والخطوات والخطابات المعسولة ، هي من قبيل الضحك على اللحى ، فلم نعد نشتري عسل قادتنا وفضلنا عليه مذاق العلقم ، فرغم مرارته إلا انه حقيقية مؤكدة ، لا خداع فيها ولا مراوغة
ودعونا نتسأل عن هذا الموت السريري لجسد المصالحة ، ومدى قبول شعبنا بهذا الترهل والتراخي التوافقي المزعوم والى متى قد يستمر الأمر ؟،كيف ينام قادتنا شمالاً وجنوباً ، على وسائد العرش وشعبهم منقسم ممزق الأوصال ، وكيف تهنئ لهم هذا الكراسي الملعونة المسماة بكراسي الحكم وفينا ما فينا من تعقيدات اجتماعية ومشاكل انقسامية بغيضة ؟،ربما لا يستمعون أو ربما لم يحن الوقت ليعلموا حقيقة شعبنا وكيف أنه لم يعد يثق فيهم ولا في نواياهم المتلفزة وخطاباتهم التي تشبه الى حد بعيد حكايات أمنا عن الغولة قبل النوم !
من يخاف من المصالحة وتفاصيلها ونتائجها ، لا صحة لحكمه ولو كان يحكم بأمر الله والرسول ، فالإسلام ينبذ الفرقة وفي أكثر من موضع حث على وحدة الصف ، فإلى متى تنادون بأنكم تحكمون البشر باسم الدين وأنتم بعيدين كل البعد عن نصوصه وفقهه ، أما أنها أكذوبة أخرى تضاف لنهر الأكاذيب ؟!
وهنا دعونا نبحث في الحقيقة التي لا مجال لنكرانها، هل الوحدة الوطنية لدى بعض قادتنا هدف أم وسيلة ؟،وهل بالضرورة أن إتمامها يحتاج لوسطاء من العرب والعجم، ربما هم أصلاً لم ينجحوا في توحيد صفوف شعوبهم ؟،أن الطريق نحو الوحدة لا تحتاج لا لاتفاقيات ولا لمعاهدات ولا لنوايا حسنة من قبيل أن يحتفل هذا التنظيم بانطلاقته هنا فيحتفل الأخر بانطلاقته هناك وكأننا نتبادل السفراء والمراسم بين دولتين مستقلتين !!
انه والله لمن عظائم الأمور وأبشعها ، أن نبقى وللأبد ننتظر البدء في تنفيذ اتفاقياتكم ، وأن يبقى حالنا على هذا النحو بلا أمل وبلا أفق زمني محدد ، نراكم إما من خلال المذياع أو التلفاز ترسلون إلينا بالابتسامات والوعود الخادعات من فم هذا القائد أو ذاك بأنكم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الوحدة الوطنية ولا شئ حقيقي نراه سوى ربطات عنقكم المزركشة !
وهل صحيح أن تحقيق وحدتنا وإعادة لحمة الشعب والوطن من قبيل الاختراعات النووية التي تحتاج الى مختبرات ومفاوضات وموافقات دولية ؟،وهل حقاً كل الأطراف تريد المصالحة أم أن بعضها تمسك بخناجر مسمومة خلف ظهريها لتقول أن المصالحة ليست ضمن جدول أعمالها الحالي
وليست من الأولويات وان الوقت غير مناسب لإتمام الأمر فمصر راعية الاتفاق مشغولة بشأنها الداخلي وكأن غزة محافظة أخرى من محافظات مصر مع احترامنا وتقديرنا للدور المصري المميز والداعم لقضيتنا على مر التاريخ ؟!
نعم انه لمن المعيب والمخجل أن نجتمع بعواصم أخرى ولدينا بوطن الإسراء والمعراج ، الأرض والسماء رحبة لنجلس وننفذ ما اتفقنا عليه ، فلا غزة بعيدة ولا الضفة أبعد أن صدقت النوايا ولكننا نظن أن نوايا البعض ، أشبه بمن أعتلى قمة شجرة وهيهات أن يقتنع بالنزول عنها !
نقولها للقاصي والداني ، فلسطين عبر التاريخ موحدة وان شئتم أمر مغاير فلترحلوا عنا ولتبحثوا عن وطن آخر ، وطن يتسع لأحقادكم وعشقكم لكراسي الحكم !!