آخر الأخبار
  الافتاء تدعو الأردنيين للمشاركة بصلاة الاستسقاء   الأردن .. الدفاع المدني يتعامل مع 51 حادث اطفاء   الأردن على موعد مع موجة برد سيبيرية مبكرة: برودة شديدة وصقيع منتظر الأسبوع المقبل   أجواء لطيفة في معظم المناطق اليوم وكتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن الأحد   الخيرية الهاشمية”: إرسال أكثر من 57 ألف طن من المساعدات إلى غزة منذ بدء العدوان   نحو 6200 لاجئ غادروا الأردن منذ مطلع العام لإعادة توطينهم في بلد ثالث   وزير الدفاع الإيطالي: سنضطر لاعتقال نتنياهو إذا وصل إلى إيطاليا تنفيذًا لمذكرة الجنائية الدولية   هل تتضمن موازنة 2025 رفعاً للضرائب؟ الوزير المومني يجيب ويوضح ..   البنك الأردني الكويتي يبارك لـ مصرف بغداد بعد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق   الإدارة المحلية: 75% من موازنة البلديات رواتب للموظفين   توجيه صادر عن وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس ماهر ابو السمن   تعليق رسمي أردني على مذكرة اعتقال نتنياهو   تركيب 170 طرفا صناعيا عبر مبادرة (استعادة الأمل) الأردنية في غزة   الصفدي: تطهير عرقي لتهجير سكان غزة   هل ستلتزم دول الاتحاد الأوروبي بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ جوزيف بوريل يجيب ..   الملك يؤكد وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء اللبنانيين   هام لطلبة الصف الـ11 وذويهم في الاردن .. تفاصيل   السفير البطاينة يقدم أوراقه لحلف الناتو   100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة   القضاة يؤكد دعم الأردن لفلسطين اقتصادياً

التذكرة والاعتبار من حرب الأفكار

{clean_title}


في ظل أجواء الاضطراب السياسي والاحتقان الفكري، ومعمعة تضارب القيم والثوابت مع المصالح والمفاسد، وصور ومشاهد تجيير الديمقراطية لحساب الدمار التي تتناقلها وسائل الإعلام وتسطّرها خطوط الأقلام ... يحتار الحكيم ويظل الفهيم وتختل بوصلة الربان، فتضيّع سفينة الأفكار مرساها ويتيه مجراها في بحر مجهول تتلاطمها فيه أمواج الانقسام والتنافر الفكري، لتدخل في دوامات العواطف التي تضيق حلقاتها بدءا من دوامة القومية الإسلامية إلى دوامة القومية العربية ثم دوامة الإقليمية الوطنية حتى تغرق....

هذه المقدمة الفلسفية تعكس وتعبّر عن حالة الحيرة الفكرية اليائسة التي تغلب على أبناء الأمتين العربية والإسلامية هذه الأيام !!!

لقد تربى أبناء هاتين الأمتين على ثوابت وقناعات من المستحيل تغييرها أو حتى الاقتراب منها، يأتي في مقدمتها العداء لإسرائيل ومن صنعها، وقد نتجت هذه الثوابت عن قناعة راسخة بان الكيان الصهيوني عدو مبين لا يمكن الوثوق به أو التعايش معه، وعزز هذه القناعة ورسّخها بالإضافة إلى جرائم إسرائيل في فلسطين، العداء العقائدي بين المسلمين واليهود والعداء القومي بين العرب والإسرائيليين نتيجة اغتصاب فلسطين العربية

فاليهود أعداء الدين إلى يوم الدين والمعركة مع الصهاينة معركة وجود لا حدود، وانطلاقا من هذه المتلازمة فإن كل عدو لإسرائيل هو صديق للعرب والمسلمين والعكس صحيح، ومن هنا تنطلق قناعة ثانية بأن الغرب حليف إسرائيل الودود هو عدو لا محالة !!! فقد اثبت التاريخ أن الغرب لا يقبل المساومة على مصلحة إسرائيل مهما غلا الثمن، ترجم هذا سعيه الدؤوب مسخرا كل إمكاناته لخدمة إسرائيل

بل أن مصلحة إسرائيل تشكّل الأساس الذي تنطلق منه السياسات الغربية، ولما فشلت جميع الوسائل والحروب وسياسات التفرقة والتجويع التي استخدمها الغرب من اجل كسر إرادة العرب والمسلمين وتغيير ثوابتهم وقناعاتهم على مدى الستين سنة الفائتة؛ كان لا بد من تغيير إستراتيجية التعاطي مع هذا الصمود والبحث عن إستراتيجية أخرى تكون أكثر نجاعة، فهذا الجسد العربي الإسلامي الذي تجمعه ثوابت وقيم وقناعات ليس جسدا ماديا يمكن قتله أو تدميره، بل هو جسد معنوي فكري لا يمكن قتله أو تدميره إلا بقناعات وأفكار تشتت بنيانه وصموده

فبدأ الغرب بنشر أفكار الفرقة وزرع بذور الفتنة من خلال تطوير الخلاف الفكري بين الشيعة والسنة من بوابة العراق ليتحول إلى فتنة طائفية دموية طغى فيها المتطرفون من كلا الجانبين، واستخدم الغرب أدوات القاعدة وميليشيات الشيعة لتحقيق هذه الغاية، فتحول العراق إلى ساحة قتال طائفي امتدت أركانه وانعكست نتائجه لتولد مشاعر العداء في نفوس أبناء الطائفتين في شتى الدول العربية

واستكمالا لهذا السيناريو كان لا بد من إعادة استخدام النموذج العراقي وتعميمه على كافة الدول العربية مع تغيير بسيط في أحجار اللعبة بدلا من شيعة وسنة يمكن اللعب بأحجار أخرى مثل مسيحي ومسلم، درزي وسني، قبطي ومسلم، سلفي و إخواني، إسلامي و ليبرالي، ولن يحتاروا فأسباب الفرقة والتحزّب سهلة وكثيرة خصوصا في الدول العربية

فبدأت الدول الغربية برفع الغطاء عن الأنظمة العربية الحاكمة -وهي تعلم أن الكثير من هذه الأنظمة لن تقبل بديلا لحكمها إلا الفوضى والدمار- ثم تشجيع الشعوب من اجل الخروج على تلك الأنظمة من خلال نشر أفكار الديمقراطية والقيم الغربية وتعميمها بانتظار ساعة الحسم، وحينما تهيأت الفرصة التي تنتظرها من خلال الربيع العربي، بدأت بالتدخل من اجل السيطرة على هذا الربيع واحتواءه والاستفادة منه قدر الإمكان وتطويعه لمصلحة إسرائيل

ربما أن هذا السيناريو اكتمل في ليبيا وفي اليمن والجهود تتضاعف لإنجاحه في سوريا، أما مصر فإن الغرب يحاول جاهدا اللعب على تناقضات واختلافات الأحزاب السياسية فيها وتعميق الهوة بينها، لكنني متفائل ولا أخشى على مصر لإيماني بعمق الثقافة السياسية المصرية وقدرة المصريين على تجاوز أي مخطط، فالحضارة والوعي تحصّن المصريين من الانجرار وراء المؤامرات والدسائس الغربية والصهيونية، أما باقي الدول العربية فإنني اسأل الله تعالى أن يكلأ شعوبها وحكامها بعين الرحمة ونور الحكمة .