الديموقراطية تتجلى بأبها صورها من خلال الوصول الى صندوق الإقتراع وممارسة الإنتخابات كواجب وطني وهذا الإسلوب من الممارسة الديموقراطية مطبق بأعرق الديموقراطيات العالمية الذي تمكنت من خلاله الوصول الى مستوى الدولة المدنية التي تصون الحقوق وترفع من قيمة الفرد من خلال إحساسه بأنه مسؤول
وصاحب قرار يؤدي الواجبات المترتبة عليه ويحصل على الحقوق المترتبة له بموجب الدستور والقانون الناظم لحياة المجتمعات المدنية ووسيلة تعزز النسيج الوطني وتجدد مشروعية الدولة بكل دورة انتخابية.
وكما هو مستقر بالأعراف الديموقراطية فإن الإنتخابات تجري في بيئات اجتماعيه مستقرة ومجتمعات غير قلقة ومستفزة وفي حالة تناغم و توافق وطني وتوفر عنصر الثقة بمؤسسات الدولة وتوفر شروط النزاهة والشفافية بالعملية الإنتخابية .
في ظل هذه الأجواء تتنافس الأحزاب السياسية ببرامج سياسية وإقتصادية وإجتماعية بصفتها مؤسسات وطنية ولدت من رحم المجتمع للتعبير عن مصالحه والدفاع عن حقوقه وتحقيق مطالبه ورغباته والدفع بخيرة منتسبيها لتنفيذ البرنامج الحزبي.
لقد تم تحديد موعد الإنتخابات النيابيه كإستحقاق دستوري بالثالث والعشرين من الشهر القادم في ظل مناخات إستقطاب وحالة من البرود وعدم الحماس ومزاج شعبي حاد ومتردد وإنعدام ثقته بالنخب التي ستترشح بقرار شخصي لتمثيل مصالح لقوى وازنة على الأرض وعدم الثقة بالعملية الإنتخابية رغم كل التأكيدات والضمانات
والتطمينات بأنها ستجري ضمن أعلى معايير النزاهة والشفافية وذلك لما مس العملية الإنتخابية في المرات السابقة من تزوير لإرادة الناخب ومصادرة حقه في تمثيل حقيقي وفي ظل عدم ضمانات لتحجيم المال السياسي وتجري في ظل عدم تشجع نخب سياسية حسب ما تسرب من خلال الحوارات والمداولات بالورشة التي عقدت بالبحر الميت من قبل وزارة التنميه السياسيه عن الحكومات البرلمانية وتجري في ظل مقاطعة قوى وازنه إحتجاجا على قانون الإنتخاب الذي لم يتم تطويره بما يضمن تمثيل حقيقي لإرادة المواطن وتجري أيضا في ظل تداعيات رفع الأسعار ومن تشوه للعلاقة بين المواطن والمسؤول .
في ظل هذه الأجواء والمناخات كيف سيكون المجلس النيابي السابع عشر كما يراد له حسب خارطة الطريق لمسيرة الإصلاح أن يكون القاعدة الأساسية لتطوير الحياة السياسية وإقرار قانون إنتخاب بمواصفات عصرية؟ وكيف سيكون محطة للتأسيس للحكومات البرلمانية وإجراء حوارات وتفاهمات ومعالجات للقضايا الوطنية مثل قضايا الفساد التي تشغل الرأي العام فكيف يمكن تحقيق كل هذه المهام في مجلس لا يحظى بتوافق وطني ولايمثل كافة القوى الوطنية؟
يمكن القول بأن الإنتخابات كإستحقاق دستوري يلزم الدستور إجرائها خلال مدة ست شهور من حل المجلس السابق ولكن استصحاب الظروف والبيئة والمناخات التي ستجري الإنتخابات بضوءها لاتشجع على إجرائها لأن الإنتخابات لن تساعد على الخروج من الأزمه بل هناك مراهنه على فشلها ولن تؤدي الى انفراج سياسي
ولن تؤدي الابتوتير الشارع وذلك لأن مخرجات العمليه الديموقراطيه لن تكون على سوية تمثل طموح الشارع بل ستعيد تعقيد الأمور ومعاودة الدوران بحلقة مفرغة بل سيكون هناك مطالب شعبية بحل المجلس من جديد مما سيضطر صاحب الصلاحية بالدستوربحله وإجراء انتخابات مبكرة, فهل نملك رفاهية شراء الوقت والإنتظار أم أن سيف الوقت سيصرَعُنا ؟