إلى الرئيس مرسي
أعلم أن صوتي لن يصلك . فالرؤساء وكبار المسؤولين عادةً تُفلتر لهم الأخبار ، ويحدّد لهم ما يصلهم ومن يصل إليهم . لذلك وجب على كل مسؤول أن يكون له مسارب أُخرى بديلة خاصّة تصله بالناس وبالمعلومات .
ومع علمي هذا ، فإنني سأكتب . فحول كلٍّ منّا أكثر من مرسي ، بل في داخل كل واحد فينا مرسيه .
السيد الرئيس : كما سمعت وقرأت فانك
أول رئيس عربي منتخب وبنسبة تزيد قليلا عن ال 50% وليس 99،9% كعادة باقي الرؤساء العرب
وأول رئيس يتخلى عن راتبه الرئاسي وينفق على عياله من كدّ يده من راتبه التقاعدي كأستاذ جامعي
وأول رئيس تقوم وسائل الأعلام بشتمه وتشويه صورته وعائلته ومنها وسائل إعلام مملوكة للدولة ، بل ويُصدر قانونا لمنع حبس صحفي قام بشتمه حتى لا يبيت في السجن ولو ليلة واحدة فيخرج ليعاود فِعلته .
وأول رئيس يبقى هو وعائلته يسكن بيته دون أن يستفيد هو وأسرته من مزايا الرئاسة وإمكاناتها
وأول رئيس يحفظ القرآن الكريم ويؤم زوّاره في ركن من القصر الذي خصّص جزءا منه للصلاة
وأول رئيس يُصلي الفجر حاضرا جماعة في المسجد لا بسا جلاّبية ودون حراسة
وأول رئيس تمرض شقيقته بالسرطان فيتم علاجها بمستشفى حكومي بمحافظتها دون أن يُصدر قرارا استثنائيا لعلاجها على نفقة الدولة في الخارج وتُنقل بطائرة خاصة . بينما كانت الخزينة تدفع تكاليف علاج وعمليات تجميل وشد وجه وتقويم أسنان في الخارج للمحاسيب والمناسيب .
وبإمكاني ذكر صفات وميّزات أُخرى هي لك وحدك دون سواك من الرؤساء . وأُخرى لا نعلمها ، الله يعلمها .
ولكن ... يا قوم
ألا تلاحظون أن الرئيس يتعامل مع الأحداث بردود الأفعال ، فتسبقه الحوادث ، ثم تكبر ويتوالى تدحرجها ككرة الثلج ، فيصعب التعامل معها ، وكان يكفيه في البدايات موقف حازم أو قرار جريء .
ألا تلاحظون أن الرئيس أضاع ستة شهور حتى الآن دون أن يشعر المواطن العادي بتحسّن حاله الاقتصادي والأمني والخدمي . مما ساعد معارضيه على استغلال ذلك والتحريض عليه .
صحيح أن هذه التجربة تتعرض لمؤامرات خارجية تُشارك بها شخصيات داخلية مختلفة الأهواء والمشارب والولاء والأهداف . وإلا ما الذي جمع بين أقصى اليمين وأقصى اليسار بأيتام النظام السابق وبعض الثوار .
إننا من الشعوب التي تتوق لحاكّم بصفاتٍ شخصية مثالية ، نظيف اليد ، يتصرف كأحدهم ، فيه من صفاتهم وكأنه شبيههم يجلس على كرسي الحكم ، يأكل مما يأكلون ، وعائلته كباقي أفراد الشعب ، لا يزيدون عنهم ، بل قد ينقصون .
إلا أنهم وفي نفس الوقت ، ومع حبهم وإجلالهم للحاكم العادل والذي يتمتع بكل تلك الخصال الطيبة ، فإنهم أيضا يحبون الحاكم القوي . والقوة لا تعني البطش ، وإنما وضع الشيء في موضعه . فمن أمِن العقوبة أساء الأدب . فالوطن أكبر من الجميع وأبقى من الجميع . وما أجمل قول المتنبي :
ووضع الندى في موضع السّيف بالعلا *** مضٍرٌّ كوضع السّيف في موضع الندى
السيد الرئيس : فارقٌ كبير بين القيادة والإدارة ، فالقائد قراراته أهم من كلامه ، والقرار الصحيح إن تأخر ضارٌ كعدمه . ولا يمكن حكم المستقبل بقوانين وأدوات الماضي .
لذلك ، سيدي الرئيس ، أنت تحفظ بلا شك قوله تعالى " إنّ خير من استأجرتَ القويُّ الأمين " . وقد تقدّمت القوّة على الأمانة . وأنا واثق من نجاح التجربة بإذن الله ، ولكنني أريدها دون دماء . والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون .