طائرات الإجرام والقتل التي نفذت العدوان والجريمة لن تتوقف ولن تنصاع لأية تهدئة أو هدنة ، وبالمقابل ، فصواريخ المقاومة التي حاولت توليد النهار من ظلام الليل لن تتوقف أيضاً بل ستبقى على اهبة اليقظة والإستعداد حتي كنس الإحتلال ، المقارنة هنا مرفوضة تماماً
فشتان بين طائرات تزرع الموت ، وصواريخ تنجب الولادة ، هذه هي المعادلة بطرفيها ، فصوت الطائرات الجبانة ، والغادرة ، أصبح معروفاً ومألوفاً ومحفوظاً عن ظهر قلب ، صوت لا يحمل معه سوى الدمار وإشعال النار ، أما صواريخنا فصوتها ولحنها الجميل قد يعجز عن تأليفه البشر لأنه فوق طاقاتهم وقدراتهم ، فكيف يمكن لنا أن نقارن بين من يقرع طبول الفناء ، وبين من يعزف لحناً للحياة ؟ .
كبري يا غزة فالسماء تسمع ، أما الذي على الأرض فلا يزال يصرعلى أن يظل أصم وأعمى وأبكم ، فأغلب مؤسسات هذه الأرض ، وهذا العالم الذي يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحريته ترفضان وتصران على أن لا تسمع لصوت هذا الفلسطيني المضطهد والمنكوب والمشرد ، الفيتو الظالم دائما له بالمرصاد حتى في إحتياجات الهواء والماء ورغيف العيش إرضاءً للصهاينة الذين كل ما طغوا وأمعنوا في سلوكهم الفاشي والنازي حتى يصلهم المزيد من التهاني والتباريك والدعم على أفعالهم التي يفترض أن يندى لها جبين الإنسانية .
عقود طويلة وهذا الفلسطيني يراهن على الأمم المتحدة و مؤسساتها ومجلس أمنها وعلى قراراتهم الجوفاء والهزلية والشكلية والمتآمرة ، عقود وهذا الفلسطيني ينادي على مؤسسات العرب والمسلمين ، فيذهب الصوت ، ويعود الصدى فارغاً وذليلاً حاملاً بياناتهم وشجبهم وتنديدهم وبكل ما فيها من مفردات الخنوع والإستسلام ، عقود طويلة لم يتوقف فيها النداء ولم ينقطع فيها الفداء كذلك ، خطان متوازيان ، المناشدة والتضحية جنباً إلى جنب ، ظل الإنسان الفلسطيني يقدم ويعطي أغلى وأعز ما يملك ، لحماً ودماً ، وبلا فرق بين طفل رضيع وشيخ كبير، الكل في الميدان حتى ولو ظلت الصدور عارية والظهر مكشوف .
المناشدة لم تنجب سوى المزيد من الخيبات والتآمر على هذا اللحم والدم ، حتى جاءت اللحظة التي اعترف فيها أحدهم بأنهم ليسوا سوى نعاج وحملان ، في جامعتهم التي قد تكون أي شيء إلا أن تكون عربية أو إسلامية التقوا ، ولكن كانوا مرعوبين وخائفين جداً في هذه المرة ، فغزة وشعبها ومقاومتهم تصر على أن تعريهم من جديد ، ومع كل عدوان تنقلب بعض المعادلات وتتغير المعطيات ، فشيئاً جديداً ظهر في الأفق وأتى مع الفجر هذه المرة ، فالمقاومة تربك العدو وتصيبه بالذهول وتفرض على قيادته السياسية والعسكرية النزول إلى الملاجىء والإختباء فيها إلى جانب الملايين من القردة والخنازير الذين إستجلبوهم من مختلف دول العالم ليغتصبوا أرض فلسطين .
صوت الحق انتصر وتغلب في هذه الجولة بالرغم من شح وقلة الإمكانيات ، فاليد التي أوصلت الصواريخ إلى تل الربيع و القدس أصبحت طويلة و قادرة ، والعدو الذي ظل يراهن على هدير طائراته وصوتها وما أحدثته من قتل في صفوف الأطفال و الأبرياء العزل بات في موقع المهزوم و المصدوم ، ولم يحصد من وراء عدوانه سوى الفشل و الخيبة ، و تحطمت قبته الحديدية على رأسه .
فكبري بعالي الصوت يا غزة الأحرار والأطهار ، كبري ولا تجزعي من هرولة المجرم نتنياهو طلبا وتوسلا للتهدئة ، كبري ولا تعطي إهتماما لهذه العجوز الشمطاء كلينتون التي حضرت إلى المنطقة وهي راجفة ومصعوقة مما رأته عيناها من بسالة وصمود وتحدي هذه المقاومة التي فاجأتهم هي ورئيسها أوباما الذي لا يعرف لسانه سوى لغة الحديث عن حق الصهاينة في الدفاع عن أنفسهم وأمنهم ، والذي لا يترك مناسبة إلا ويكرر فيها بأن علاقة بلاده بالصهاينة قوية كالصخر ، كبري يا غزة ولا تعيري إهتمام للرئيس عباس الذي تبلد في جسده الإحساس ومنذ زمن طويل حيث لم يجد غير الدواء ليرسله إلى أبناء غزة الصمود والشهادة والمقاومة .
ولكن ، كبري يا غزة ، فها هي الضفة قد تململت ،ويوما بعد يوم تندلع وتتفاقم الصدامات والمواجهات مع دوريات الصهاينة وحواجزهم وقطعان مستوطنيهم ، كبري يا غزة ولتصدح الحناجر بمناشدة الأهل في شرق فلسطين وليس في الضفة ، فالدماء لا بد وأن تجري في العروق من جديد ، ومهما فعلوا لإخراجها من معادلة الصراع فلن ينجحوا ولن يحصدوا غير الفشل الذريع ، فما بعد الغليان سيأتي الطوفان ، فالوطن واحد ، والدم والمصاب واحد ، فهذا هو العهد الذي نعلمه عن نبض الضفة التي لا بد وأن ينتفض فيها الرجال و مهما طال الإنتظار .
كبري يا جحافل غزة فإن الله معكم ، الأنبياء والرسل معكم ، الملائكة معكم وتقاتل بأمر الله إلى جانبكم ، كبري يا غزة فالسماء مع الحق ودائما على الباطل وعلى الظلم والظالم ، كبري يا غزة فالنصر الموعود آت من القوي القدير الذي لا يخلف وعده ، كبري يا غزة فسيهزم الجمع ويولون الدبر، فألم الأمهات والأطفال والشيوخ ، وعرق وتعب وتضحيات وسهر المجاهدين المربطين ومن كل الفصائل التي وحدها الدم لن يضيع ، فالموعد و الخاتمة هناك في جنات النعيم وفي عليين ، أما هذا الذي انكتب في أوراق التهدئة فهو إلى زوال و سيطير مع أدراج الرياح ، فنحن نعرف عدونا جيداً .